الشطرُ الثاني و الخمسون.

3K 429 268
                                    


- ما الذي يفعله أولئك المجانين حتى هذه الساعة؟

تمتم وايت بتلك الجملة بعد أن وقعت عيناه على أبواب حانة روبرت التي كانت موجودةً في الطرف المقابل للرصيف الواقف عليه.

بالإضافة إلى أعمدة إنارة الشارع فقد كان المكان الوحيد الذي ما يزال مفتوحًا رغم هذه الساعة المتأخرة.

اجتاز الطريق بعدما تأكد من خلوّه من العربات، مع كل خطوة كان يقترب فيها من المكان كانت الضوضاء تعلو أكثر و أكثر فتساءل عن سبب هذه الضجة غير المعهودة.

وقف أمام أبواب المكان و هو يلمح ظلالهم الكثيرة من خلال ذلك الزجاج المموّه، هل هناك احتفالٌ من نوعٍ ما؟

دفع الباب فاقتحمت الضوضاء أذنيهِ دون إذنٍ حتى مما دفعه لإغماض عينيه لأجزاء من الثانية.

رفع رأسه ليرى سبب تجمعهم على شكل دائرةٍ فوجد برايلين و لورين و هما يحظيان برقصةٍ سيئة جدًا استنادًا إلى مهارات برايلين في الرقص، من الواضح أنها كانت تجاريه كشفقةٍ على حال صديقه.

ترى ما الذي دفعهما لفعل هذا في المقام الأول؟ رنّ ذلك السؤال في ذهنه حيث كان هو أكثر من يعرف بتحفّظ صديقه العنيد.

منع نفسه من الضحك على حال برايلين كي لا يفسد هذه اللقطة النادرة، و تمنى للحظة لو أنه كان يحمل أي شيءٍ قد يُوثّق هذا الحدث.

بعد هنيهةٍ تذكر ما أحس به خلال اليومين المنصرمين تجاه تلك السيدة، هل أحس بأنه أحبها؟ ربما، لكن هل أحس بأنه يحبهما سويةً؟ كان ذلك سؤالًا لا يحتمل سوى إجابة واحدة مفادها الإيجاب.

و رغم أنها بدت معلقةً مع شخصٍ آخر إلا أن لديها ابتسامةً لطيفةً و كان عليه الاعتراف بذلك، لسببٍ ما خُيِّل له أن فولڨيا تقف في الطرف الآخر من ذلك الحشد و هي تراقبه .. تلك الشابة التي قررت أن تمكث معه رغم محاولة أولئك الحمقاوات لإيذائها بسببه.

في الغالب كان يمكن لها أن تغضب و تطلب منهم نقلها إلى مكانٍ آخر بعيدًا عن تلك المهزلة الجنونية، شك في قدراتها العقلية للحظة إلا أن قرارها في البقاء قد فرض عليه رسم ابتسامةٍ لا إرادية على تصرفها الجريء ذاك.

تلاشى خيال تلك السمراء الفاتنة من أمام عينيه كما لو أنه قد أنجز مهمته بتذكريهِ بها، يبدو أنها استحلت جزءًا أكبر من أن يتوقعه داخل قلبه بفعلها ذاك.

لحظةً بعد أخرى كان يدرك ماهية ما أحس به تجاه لورين، مجرد لحظةٍ جوفاء كان فيها على حافة الانهيار بعد أن سئم من كل ما يصيبه في المستشفى .. يبدو أن عقله البائس بات يعتقد أن أي تصرف لطيف يبدو كدلالةٍ على الحب، و لم تخرج الابتسامة من دائرة تلك الظنون الحمقاء.

تناسى أمر كل تلك الأفكار بعد أن حل عقدتها التي كانت تؤرقه ليركز على ما يحدث أمامه، من حسن حظه أن برايلين كان قد وضع الباب خلف ظهره خلال حركاته مما منعه من أن يكتشف أمره بسرعة، إلا أن ذلك الأخير سرعان ما ارتكب خطأً دفعه للابتعاد عن لورين فجأةً ثم بدأ يستدير من حوله و هو يحملق في الناس دون سببٍ وجيه حتى رآه.

شطرٌ من نور.Where stories live. Discover now