الفصل الثاني

21.3K 375 12
                                    


  نتبه ضرغام أنها تنظر إليه فقام وعلى وجهه نص ابتسامة
"ألا تظنين أن مروه تبدو فاتنة جداً بهذا الفستان "
"إنها كذلك"
قالت ناز بحسرة وملامح الحزن بادية على وجهها وهي تنظر إلى مروه المتباهية بعريسها بين الجمع... قالت ناز بعد أن طال الصمت بينها وبين الرجل الغريب الذي يجلس قبالتها ويدقق النظر فيها
"لا إجلسي سوف نخرج سوياً لكي لا يقول أحد أنك ذهبتي مقهورة وخاسرة .."
"ولما تهتم بما يقول الناس عني ! أنا بالكاد تعرفت عليك بالحفل " نظر إليها ضرغام وكأنه يقول لها بنظراته هل أنتِ متأكدة من ذلك ؟ فأجاب وهو يبتسم
"عرفيني عن نفسك أكثر يا آنستي الصغيرة لقد سمعت من الناس في الحفل أنك خطيبة كمال السابقة بصراحة أعجبتني شجاعتك وأنتي تواجهين هذا الموقف ..لكن عندما رأيتك تقفين بقرب الحائط عرفت أن قناع شجاعتك لن يستمر طويلاً"
يا ليتني لم آت لهذا الحفل اللعين ..قالت ناز بحزن:
ماذا تعملين ؟
أجابت ناز بسرعة
"أنا لا أعمل تخرجت لتوي ولم أحصل على عمل "
"ماهو تخصصك؟"
" خريجة كلية لغات قسم اللغة السويدية "
" لغة نادرة ..غريب اختيارك!"
قال ضرغام باستغراب
"لقد كانت رغبة والدي رحمه الله هو من أراد أن أختار لغة نادرة لا يتحدثها الجميع لتتاح لي فرصة عمل نادرة يوماً ما.. لكن يبدو تنبؤات والدي لم تكن في محلها فأنا أبحث عن عمل منذ فترة دون جدوى "
" هذا من حسن حظي "
قال ضرغام مع ابتسامة ساهية على شفتيه
" ماذا ؟!"
قالت ناز بصدمة فأجاب ضرغام على الفور
" أقصد أني بحاجة إلى مترجمين في الشركة .. فلدي مشروع جديد في الشركة لاستيراد سيارات من ماركة فولفو السويدية وأنا بحاجة إلى مترجمين للعقود "
لم تعرف ناز بماذا تجيب ..فقال مشجعاً
" البطاقة يوجد فيها عنوان الشركة بالضبط تعالي غداً ! " أشار أحد الرجال إليه فقام ضرغام ليتكلم معه على ما يبدو كان أحد المستثمرين ورجال الأعمال ..يبدو أن عرس مروى ما هو إلى لقاء للرجال الأعمال .. تحركت ناز بسرعة لتخرج من هذا الجو والموقف السخيف الذي وضعت نفسها فيه ..فماذا سوف تفعل الخطيبة المنبوذة في زواج خطيبها ؟ الكل يظن أنها هنا للتخريب فقط أو لطلب الشفقة ..أحست بثقل يجثو فوق صدرها وتحركت بسرعة خارجة
"مهلاً أنتي " أمسكت يدان قويتان بها من الخلف فالتفت بسرعة لضرغام الذي كان يمسكها بقسوة
"أنا لم أنهي حديثي لكي تستديري تاركتاً إياي هكذا "
"ماذا ؟ماذا تظن نفسك لكي تأمرني ؟ لم يخلق الذي يأمر ناز إلى حد الآن !أنا لا أكترث لك أو لحديثك"
ضحك ضحكة عالية تملأها السخرية
" مازلت وقحة كما كنتي "
"وهل تعرفني ؟ لا أذكر أني رأيتك في يوم ما .. لقد التقيت بك للتو"
" هذا ليس مهماً ناز "
قال اسمها بنبرة تشوبها السخرية
"قل ما لديك إذاً ودعني أرحل بسلام ما جرى لي يكفيني"
"قلت لك عرضي سوف انتظرك غداً في شركتي وأعتقد أنه سوف يفيدك تصرفي بذكاء يا آنسه وتعالي في الموعد المكتوب على الورقة" ________________
دخلت ناز إلى الشقة الباردة فوجدت الأنوار مطفأة والكل نيام مشت على أطراف أصابعها لكي لا توقظ أحد لكنها تفاجأت بصوت والدتها يناديها :ناز حبيبتي هل عدتي ؟
ناز:نعم يا حبيبتي لماذا مازلت مستيقظة ؟
والدة ناز: لقد تأخرتي يا بنيتي قلتي إنك سوف تذهبين تباركين وتعودين بسرعة !
ناز: تجولت قليلاً في سيارتي
والدتها:حبيبتي لا تحزني كل شيء قسمة ونصيب ..لقد تحدث معي ابن خالتك ممدوح من جديد إنه يريد أن يتقدم لكي رسمي هو فقط ينتظر منك كلمة وقبل أن تكمل الأم جملتها قاطعتها ناز بصوت عالي
:أمي أرجوكِ توقفي وهل تظنيني بهذا البؤس أركض وراء العرسان لأن خطيبي الخائن تركني
قالت الأم بصوتها الحنون الحزين
:أنا لا أريد أن أراكي حزينة يا حبيبتي ويا فرحتي الأولى كل ما أريده أن أراكِ مع الشخص الذي يستحقك
ناز : أمي أنا لا أفكر في الارتباط مجدداً تكفيني تجربة غبية مع شخص لا يقدر مشاعر الآخرين
الأم : هذا جل ما يفزعني يا بنيتي ..لا أريدك أن تفكري هذا التفكير أريد أن أفرح بك وأرى أولادك
نظرت ناز بحسرة إلى والدتها التي أنهكها التعب والعمل وهي تترجاها فقالت بسرعة : حسناً حسناً أمي أنا متعبة وسوف أخلد للنوم
دخلت ناز إلى الغرفة الصغيرة التي تحتوي على سريرين نظرت إلى أختها الصغيره التي كانت متكورة على نفسها من البرد خلعت ناز الثوب الذي استعارته صديقتها بحذر ووضعته على الكرسي الموجود في الغرفة .. غرفة لا تتسع إلا شخص .. كيف اتسعت لها ولأختها الصغرى مايا ؟ تنهدت بحزن وهي تندس إلى الفراش وماذا بعد الآن ؟ لما يا كمال لماذا يا حبيبي يا حبي الأول يا أول شخص يدق قلبي له يا أول شعور بالاطمئنان يا أول خيبة أمل ... لنعد بالأحداث قليلاً للوراء إلى سنتين للخلف دخلت ناز بفرح إلى غرفة المرضى في المشفى التي تحتوي على عدة اسرة .كانت هناك صديقتها التي كانت تتشاجر مع أمها
: أمي أنا جائعة أريد أن آكل أكلاً دسماً أحضروا لي طعاماً شهياً لقد مللت من هذا الطعام
: يا بنيتي لا يجوز لقد أجروا لكي عملية من عدة أيام كيف تريدين أن تتناولي طعاماً دسماً ؟
: أرجوكِ يا ماما أنا جائعة
: كفاك إلحاح على أمك يا عاشقة الطعام
ضحكت الأم وهي ترى ناز تنحني إلى صديقتها وتسلم عليها وتتحمد لها بالسلامة
: حبيبتي ناز أخبري صديقتك أنه يجب أن تلتزم بالتعليمات !
ناز : عليكِ بهذا يا إيلاف اسمعي الكلام و إلا لن يقبل أن يتزوجكِ هاشم
ضحك الجميع فقالت إيلاف : انظري ناز إنها زميلتنا في القسم الثاني من الكلية هنا في المستشفى
استدارت ناز لترى عن من تتحدث إيلاف .. كانت صدمة لناز عندما رأت الشاب نفسه في محل الزهور يجلس إلى جانب زميلتهم وبجانبهم امرأة متقدمة في العمر .. خمنت ناز أنها أمه عندما رآها كمال تقدم نحوها وابتسامة عريضة مرتسمة على وجهه
: انظري إلى محاسن الصدف يا آنسة ناز
كانت إيلاف ووالدتها ينظرون لبعض بحيرة ونظروا إلى ناز التي كان وجهها قد اشتعل خجلاً فقدمت كمال لصديقتها ووالدتها وقام كمال بدوره بتقديمها إلى شقيقته و أمه التي كانت تنظر إلى ناز بنظرات الإعجاب وتتفحصها من فوق إلى تحت أخبر كمال أخته أن ناز هي من قامت باختيار الزهور لها فشكرتها الأخت وقالت لها أن ذوقها جميل جداً في الإختيار بعد هذا اللقاء أصبح كمال يومياً ينتظر ناز في باب الكلية وبعد ذلك فاجأها بأنه يريد يتقدم لها على الفور وافقت ناز وتم التعارف بين العائلتين ولم تبدي عائلة كمال المتوسطة الحال امتعاضها من تواضع حالة ناز فوالد ناز متوفي منذ خمس سنين وهم يعيشون من تقاعد والدها الذي كان يعمل محاسباً بسيطاً في إحدى الشركات ..التقاعد البسيط لم يكن يكفي لسد حاجات الأسره لهذا أم ناز تعمل على ماكينة الخياطة ليلاً و نهاراً لكي تسد حاجات الأسرة .
استقيظت ناز في الصباح على صوت الضجة الذي كان مصدرها من الخارج ..بدأ الزبائن بالقدوم إلى بيتهم من إجل استلام طلبياتهم نظرت ناز إلى الارض لتلقط الكارت المكتوب عليه اسم ذلك الشخص الغريب الذي طلب لقائها ؟ تذكرت ما فعله البارحة هل سوف تذهب إليه ؟ أم سوف تتجاهل ذلك ؟ لا ليست ناز الجبانة أبداً وعلى كل حال هيه بحاجة إلى أن تبحث عن عمل وتبدو شركة هذا الغريب الأطوار مكاناً جيداً جداً
خرجت من غرفتها ودخلت إلى غرفة المعيشة الصغيره
كانت ناز تتسل خفية لكي تدخل إلى الحمام دون أن يلمحها احد وتقضي نصف ساعة في السلام والسؤال عن الحال وثرثرة النساء التي لا تنتهي

لكن يبدو أن أمها لمحتها ونادتها على الفور
: ناز تعالي ألقي التحية على زوجة خالك إنها هنا منذ زمن طويل

تأففت عندما نادتها أمها وذهبت مجبرة إلى الخالة وداد وبقية النساء اللواتي كانوا ينتظرون أن يأخذوا طلبياتهم من فساتين أو ملابس البيتيه التي كانت تخيطها أمها رأت زوجة خالتها تبتسم لها بود قائلة
: كيف حالك يا بنت
ردت عليها ناز بابتسامة مجاملة
: بخير يا خالتي كيف حالك وحال أولادك ؟
الخالة : بخير وممدوح يسأل عنك على الدوام ..
ناز : عن إذنكم ..!
استأذنت ناز قبل أن تكمل زوجة خالها حديثها عن ابنها فآخر شيء ممكن أن تفكر فيه هو ابن خالها العديم الشخصية المنساق وراء أمه في كل شي لم يكن ذو شخصية قوية فقد كان يقول لناز إنه لن يرفض لها طلباً وأنه يحبها ..كيف يحبها وهي لا تحبه ؟ ... طموحات ناز في اختيار شريك حياتها كانت أكبر من شخص كممدوح شخص لا يستطيع اتخاذ قرار واحد في حياته دون اللجوء إلى الست الوالده
فكرت ناز بسخرية وهي تستحم لو أني وافقت على ممدوح لما عشت هذه التجربة القاسية مع كمال لكنها عنفت نفسها وقالت لنفسها مستحيل أن أتزوج رجلاً لا أشعر أنه رجل على الإطلاق ولا أشعر برجولته ارتسمت في بالها صورة وهي متزوجة ممدوح وهو يقوم بغسل الأطباق والثياب وهي جالسة تشاهد التلفاز ضحكت بصوت خافت لهذه الصورة الغبية في مخيلتها لكن هيهات أن يتسلل الفرح إلى قلبها وهو مجروح والجارح أعز الناس
..آآه يا كمال أود تسميته جرحي الأبدي بدل كمال ...لقد أخلصت له ورضيت أن تعيش معه على الحلوة وعلى المرة لكن يبدو أن الطبع غلب التطبع فالإنسان الخائن لا يستطيع التخلي عن طبعه الرديء
هو لم يخنها ويخن حبها فقط هو تزوج زميلتها في الكلية التي كانت تكره ناز كره العمى وتغار منها بسبب جمالها الهادئ الذي كان يجذب الجميع لها ..ناز ذات بشرة بيضاء نقيه خالية من العيوب وفم رقيق دائم الابتسام وعيون يصعب على الجميع تحديد لونهما فتارة هما بلون العسل و تارة بلون المروج الخضراء الشبيه بالصفار ..يتوج جمالها شعر بني اللون طويل يصل إلى خصرها .
كان والدها رحمه الله لا يحبذ أن تقص شعرها أبداً فهو كان دائماً يقول لها بأن تاج المرأة هو شعرها .
يبدو أن جمالها لم يكفي ليسد طمع كمال الدائم للنقود والثروة فهو كان دائماً يتحدث معها عن الثروة وكيف أنه سوف يبذل جهده ليصبح رجل أعمال مهم في البلد لكن يبدو أنه اختار الطريق الاسهل للثروة بزواجه من مروه .
مروه الصفراء هكذا كانت إيلاف تناديها فهي دائماً تقوم بصبغ شعرها بلون الأشقر الذي كان لا يناسبها أبداً لأنها سمراء بعض الشيء .

اهرب منك الليكDove le storie prendono vita. Scoprilo ora