الفصل السادس عشر

11.9K 219 4
                                    

راقبت سهى اخر ورقة تسقط من جذع الشجرة الكبيرة الموجودة امام شباك غرفتها ..حملت الرياح ورقة خريف برتقالية اللون مشوبه بالصفار قليلا لتدخل من شباك الغرفة الكبير ولتحط على الأرض لتعلن عن قدوم الخريف ..الخريف المصبوغ باللوان الفاقة ذو الجو الساحر الغريب ..فصل الكآبه ربما ام فصل الحب والرومانسية ..فصل الفراق ..اكدت سهى بينها وبين نفسها ! ..مازالت الايام والساعات والاسابيع تمضي على أخر لقاء بينها وبين سامر ..راقبت الشباك كل ليلة وكل يوم عسى ان يأتي سامر من ذلك الشباك من جديد ليحتضنها كما فعل ..هزت رأسها بعنف لتبعد هذه الافكار السخيفة من رأسها وهي تقول لنفسها -انت لا تحبينه حتى ..انسي ! نعم لا احبه ..قتلني وقتل سهى تلك الفتاة التي عاشت بكذبه اسمها الحب والحياة الزوجية ..لم تنسى ولا حرف ولا كلمة قاسية قالها لها ولا حتى كونه كان على علاقه مع سارة ! عندما قررت ان تسامحه على خروجه مع سارة هنا وهناك وتفضيلها عليها تغاضت عن كل شيء ..عن خيانته عن اهماله وقررت اعطائه فرصه ..فماذا كانت النتيجة ؟ خذلان وقتل للذات وألم ما بعده ألم .. بدأت افكارها تتعبها ..توقعت ان مع مرور الوقت انها سوف تنسى وسوف يتنضف دماغها تماما من الأثار السامريه ..لكن على العكس تماما مع كل ثانيه وكل دقيقه هي تفكر فيه اكثر واكثر .. تناولت معطفها الخريفي وخرجت من الغرفة ..وجدت مصطفى يتفرج التلفاز ويشاهد برنامجا كارتونيا ..نادته بصوت خافت

-مصطفى ..مصطفى

نضر اليها مصطفى وابتسم ابتسامة عريضه وهو يقوم من مكانه ويتقدم منها بخطوات مضحكة ومؤخرته تتحرك بحركات مضحكة كما كل الاطفال عندما يركضون ..لم تمنع نفسها من الضحك على طريقة ركض ولدها ..وصل اليها اخيرا فقامت باحتضانه وحمله ..احست بألم في يديها لكنها تحاملت على نفسها وبقيت متشبثه بجسد طفلها الضخم وهي تضمه لصدرها ..رائحته تشبه رائحة والده ..ابتسامته ..حركاته ..طريقة نومه البارحة قضت الليله بأكلمها تراقب وجهه الصغير الذي يشبه وجه سامر الوسيم ..هل طريقة تنفسه ايضا تشبه طريقة تنفس سامر ام انها تتخيل هذا ؟ انزلته برفق على الأرض وهي تقول له -هيا فلنخرج ونلعب في الخارج قليلا قفز مصطفى بفرح وهو يدور حول نفسه ويقول -ونشتري حلوى ونشتري حلوى وضعت سهى سبابتها على فمها وهي تقول -هصص ..اسكت يا ولد جدتك تأخذ قيلولة الآن فلنخرج ونحن ساكتين ..توجهت نحو غرفتها واخرجت سترة صغيرة لولدها والبسته اياها على العجل وخرجت من البيت تنفست الصعداء وهي تستنشق الهواء العليل ..هذه اول مره تخرج فيها وحدها مع مصطفى منذ ذلك الحادث اللعين ..كانت زياراتها تقتصر على الذهاب الى الطبيب فقط ليقوم بتفحص كسورها وعضامها ..اما الآن هاهي الأن تحاول ان تعود لحياتها الطبيعية ..امسكت يد مصطفى واوقفت اول سيارة اجرة تمر في الطريق -الى حديقة الشعب لو سمحت حديقة كبيرة جدا يوجد فيها العاب اطفال ومتاجر ويتجمع فيها الأطفال من جميع الاصناف والأعمار ربطت حزام الأمان حول مصطفى بأحكام فجلس هو الاخر دون ان ينطق بكلمة ..بعد ربع ساعة بالتمام كانت تقف امام البوابة الكبيرة للحديقة بدأ مصطفى بالتململ بين يديها ..أطلقت يديه فذهب راكضاً ليصعد اول لعبه أمامه ضحكت سهى وهي ترى ولدها يلعب بعفويه مع بقية الاطفال ..كان قرارها صائباً بالخروج من البيت فهي الان تشعر بارتياح جميل ..اتجهت نحو احد الباعة واشترت المكسرات وقطع الحلوى الصغيرة لولدها عادت الى حيث كان يلعب مصطفى ..انحسرت ابتسامتها وتحولت الى رعب عندما لاحضت اختفاء مصطفى ..! -مصطفى ؟ مصطفى هتفت بذعر وهي تتطلع الى وجوه الاطفال الضاحكين .. بدأ قلبها بالخفقان بسرعة ودار رأسها هنا وهناك بحثاً عن طفلها ..لمحت سترة زرقاء اللون مماثلة لسترة مصطفى فارتاحت قليلا ..تقدمت منه وتحولت ابتسامتها التي شقت وجهها الى عبوس وصدمة في آن واحد أحلام والدة سامر تمسك بمصطفى من كتفيه وتحتضنه وتقبله بشوق وهي تبكي ! في تلك اللحضة بالذات عصفت جميع ذكرياتها المؤلمة مع أحلام وكيف قامت بايذائها وكيف أجهضت طفلها على يدها هي ووولدها وبناتها تقدمت بخطى واثقة وصارمة ومدت يدها لتختطف ولدها من حضن جدته بكل عنف وقسوة لدرجة انها احست بأنها أذت صغيرها بتلك الحركة الخاطفة .. تحاملت على نفسها لكي لا تفلت من يدها المترجفة والتي آلمتها فور حملها لمصطفى ..نضرات الحسرة والقهر مرسومة على وجهها المليئ بالتجاعيد ..بدت متألمة ونادمة ومتحسرة وخائبة الظن ..مالذي تتوقعه ان ترتمي هي ووأبنها في حضنها ؟ فتحت فمها اخيرا بعد ان رأت سهى تحمل مصطفى وهي تتجه نحو مخرج الحديقة الكبير ..تحاملت على نفسها وعلى قدمها ذات المفصل الذي اصيب بالسوفان في الشهر الأخير وجرت خلف سهى ذات الخطوات الواسعة التي اجتازت معظم الطريق بوقت قياسي صغير .. وصلت اليها اخيرا وهي تلهث بسبب سرعة مشيها

اهرب منك الليكWhere stories live. Discover now