الفصل الثاني والعشرون

13.5K 231 1
                                    


دقت الساعه الجداريه القديمه المعلقه على الحائط المتآكل لتشير الى الساعه الثانيه بعد منتصف الليل ..كان يجلس امامها على الكرسي المقابل للاريكه الصغيره التي حشرت نفسها فيها منكبه على نفسها تحاول تحاشيه بشتى الطرق..لم يجرؤ على التقدم نحوها بعد ان ابعدته بعنف مفرط عنها بعد ان احتظنها وهمس بشوق في اذنيها انه عاد من آجلها ومن اجل ابنهم القادم

على مدار ساعه كامله كان يجلس امامها يراقبها ..لا هو تحرك ولا هي ايضا ..هادئه وشاحبه منطويه ..نحيله مع بطن منفتخ وبارز كان نشازا مع شحوبها ونحولها

كلما اراد التكلم كانت الكلمات تموت على شفتيه ..لا يعلم من اين يبدآ وكيف يعتذر عمّا اقترفت يداه ..عن اتهامه لها بآنها بلا اخلاق وانها خانته في بيته ..عن ضربه لها وتعديه على جسدها بتلك الطريقه البشعه ..احس بالغثيان وهو يتذكر تلك الكلمات الحقيره التي كان يرددها على مسامعها وهو يقوم بقتلها وقتل روحها ..

حاول استجماع قواه للنطق بتلك الكلمات التي قام بالتحضير لها طوال الطريق من العاصمه الى المدينه الساحليه . بعد مكالمه شهد السريعه واغلاقه للهاتف قامت والدتها بالآتصال به لتسآله عن موعد رجوعه هو وناز من السفر ..نعم فهو اخبرها بعد ان عادت من بيت اخيها من الشمال انه مسافر مع ناز رحله استجمام حتى لا تسآله عن مكان ابنتها ناز التي تسبب بهروبها هو بطيشه وتهوره ..

تحركت شفاهه اخيرا لينطق ولو بكلمه تقطع هذا الصمت ليكمل بعدها سيول الافكار التي تجول في خاطره لكن رنين الهاتف قطع ذلك الصمت المريب ..مد يده بسرعه واخرج الهاتف من جيبه ليرى رقما غريبا يتصل به ..مالذي يدفع شخصا للآتصال في هذا الوقت المتآخر من الليل ان لم يكن الآمر مهما !

تلقى الكلمات الموجزه التي جاءته بوجه جامد لم يخلو من الشحوب والاصفرار ..كلمات مختصره لكنها تنذر بعاصفه قادمه ..

ـتبا

شتم بضيق وهو يغلق الهاتف ويقوم بسرعه للخروج من الشقه ..اوقفه صوتها الناعم الذي جاءه وهو يهم بفتح الباب لتقول له

ـ لا تعد بعدها ..لن تجد ما ينتظرك هنا

وقف لعده دقائق يحاول ان يرد عليها لكن الكلام كان كثيرا جدا ولن يستطيع ايجازه بتلك الدقائق القليله ..قال لها بآختصار وهو يفتح الباب

ـبل لي الكثير هنا لي زوجتي وابني وسوف اعود وسوف اجدك هنا وسوف افسر لك كل شيء ! انا مضطر للذهاب الآن لان احد مهندسي الشركه تعرض للقتل على يد عمي المجرم ..علي ان اسوي الآمور قبل ان تصل يده المجرمه الينا ..التزمي البيت ولا تخرجي ارجوك انا اترجاك لا تقومي بآي عمل احمق وسوف اعود اعدك وسوف تنتهي جميع المصائب هذه !

خرج بسرعه واغلق الباب بقوه ..تحرك وجهها الجامد بتعبير غريب وهي تتخيل ان عمه المجرم قام فعلا بقتل شخص ما بهذه السهوله ..شعرت بالدموع الساخنه تجري سريعا على وجهها وهي تتخيل ان شخصا ما قتل في هذه اللحظه وان ذويه يبكون عليه الآن ..مدت يدها لتمسح الدموع عن وجهها وهي لا تعرف اذ كانت تبكي فعلا على الشخص الذي قتل ام على ضرغام ام على وضعها المزري ام على مصير ابنها المجهول 

اهرب منك الليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن