الفصل الحادي عشر

14.7K 229 1
                                    


لم يعد صدر الحبيب موطني ..لا ولا ارض الهوى المذبوح ارضي

لم يعد يمكن ان ابقى هنا ...فهنا يبكي على بعضي بعضي

!! مستقيل وبدمع العين امضي ..هذه الصفحة من عمري وامضي

! فوداعا يا احبائي وداعا ..انا متعب والعين تحتــــــاج لغمــــضي ..    

وداعا هذه هي النهاية ...لم اعد استطيع التحمل ..فتحت ازرار قميصها وخلعته ..خلعت بنطالها وبقيت بملابسها الداخليه فقط .. توجهت نحو البحر دون ان تردد لحظة واحده.. وداعا امي ..وداعا ضرغام ..وداع يا حياة ..وداعة يا سنين الألم والحرمان ..خطت الى الأمام وبرودة المياه تلسع قدمها العارية .لكن الألم في قلبها وروحها كان اشد من لسعات هذه المياه.تقدمت اكثر واكثر ماشيتا على الرمال المغمورة بمياه البحر المالحة .. غمرت المياه وجهها لتنزلق بعدها قدمها ويغوص جسدها في المحيط العميق لتسمع صوتا مكتوما يهتف بسرعة -احدهم رمى نفسه في البحر ...تعالوااا غابت بعدها في عالم الظلمات غائبة عن الوعي ..للحضات وجيزة .. احست بذراع قوية تنتشلها من المياه التي كانت تغوص فيها ..لتعود الى اغمائها القصير بسبب شربها كميات كبيره من المياه شيء ما دافئ يلامس شفتيها وهواء ساخن ينفخ في روحها وفي رئتيها ..سعلت بقوة لتخرج المياه من فمها وانفها ..ازداد سعالها شدة وحاولت الجلوس لكن الاعياء والتعب اضنى جسدها فعادت للاستلقاء على ظهرها تتنفس بسرعة لم تستطع ان تميز ملامح منقذها الا انها سمعت صوت تنفسه ولهاثه السريع وانفاسه المتلاحقة -انها عارية تبا . شعور غريب سيطر عليها وهي تستلقي على ظهرها تصارع الاغماء .. لكن مهلا هذا الصوت ليس بغريب عني ابدا .. هذا الصوت بدا مألوفا لها جدا ..من انت يا منقذي ويا مدمري ..لما انقذتني من تيار الموت واعدتني الى ها ..اعدني الى البحر فهو كفيل بغسل وجع سنيني جميعها ..محاولة فتح عينيها كانت امرا مستحيلا وضربا من الخيال ..احست بشيء ما يلتف حول جسدها لتغمض عينيها وتعود الى عالم الظلام ..

*** *** ***

-ابي ..ابي التفت سامر حوله ليرى ما هو مصدر الصوت .. -ابي ..ابي انا هنا ..نضر سامر الى الاسفل ليرى طفلة صغيرة ذات عيون زرقاء ..وشعر بني قصير ..تضع شريطا ابيضا فوق رأسها ليربط خصل شعرها الذهبية .. ..بدت كنسخة مصغرة من سهى .. -من انت يا صغيرة ..هل ضعتي عن اهلك .. ابتسمت الطفلة ابتسامة طفولية رقيقة كاشفة عن صف اسنان بيضاء لامعة -ابي .. !! العب معي ..احملني ..رمت بنفسها وتشبثت ببنطاله وهي تقول -العب معي معي ..تركت بنطاله ودارت حوله وهي تطلق صرخات طفولية وتضحك ..لتنطلق بعدها راكضة كالملاك على على المروج الخضراء وركض خلفها سامر -مهلا يا صغيرة ..مهلا استمرت الطفلة الصغيرة في الركض وسامر يتبعها كانت اشبه بفراشة صغيرة رقيقة ...تقفز فرحا هنا وهناك ...لمح سهى تجلس على الارض العشبية ..كانت ترتدي فستانها الازرق المفضل ..مصطفى بجانبها ..ضحكت فور ان رأت الطفلة تتقدم منها -امي لقد جاء ابي ..هيا فلنأكل .. ماذا ..هذه الطفلة الجملية ابنته ..سهى ..سهى بخير وتجلس على الارض ..ركض ليصل اليها لكنه لم يستطع الوصول ابدا ..جاهد وركض وصرخ ليصل اليهم لكنهم لم يروه وكأنه غير موجود ..كانت تضحك بسعادة وهي تضم اولادها الى صدرها مهما ركض وتقدم من ناحيتهم فهم يبتعدون اكثر واكثر ,.... -توفقوا انا احبكم يا سهى ..عودي الي ..عودا انا احبكم توقف قليلا ليسترجع انفاسه المقطوعة وهو مازال ينضر الى سهى واطفاله ...فجأه احس بشخص ما يمسك بيده ..نضر الى الاسفل ليجد الطفلة تمسك بيده وملامح الحزن بادية على وجهها ..تغيرت ملامحها السعيدة التي رآها قبل قليل الى ملامح آسى وغم ..تشبثت بيده بقوة وقالت له .. -لماذا قتلتني ..لما .. اغمض عينيه بألم ليفتحهما بعد ثواني فوجد الطفلة في حضن سهى وهي مغطاة بالدماء تماما ..وكذلك سهى التي تقطع فستانها وتلطخ بالدماء ..ومصطفى يهز جسدها ويبكي ..جلست بعدها وحملت جثة ابنتها وكذلك مصطفى وهي مدماة الجسد والروح .. -نحن راحلون يا سامر ..راحلون ..راحلون -لا سهـــى ...لاااااااااااااااااااااااااا لاا ...اطلق صرخة قوية زلزلت ارجاء المنزل الفارغ ليستقيظ سامر من نومة وهو يتنفس بشدة وجسده العاري غارق بالعرق ..مسح حبات العرق عن جبينه المتغضن ..ونهض من السرير بتلكئ ..وتوجه نحو المطبخ .. ماهذا الكابوس المقيت ..تبا مالذي فعلته بنفسي ؟ انا كمن وضع السكين على وريده ليقصه وتنتهي حياته ..سهى كانت حياتي وروحي لكني بغبائي اضعتها من يدي ..اخرج زجاجة مياه معدنية من الثلاجة وشربها كلها دفعة واحده ..نضر الى الساعة ليجدها تشير الى السادسة صباحا ..مازال الوقت مبكرا للذهاب الى المستشفى ..سوف يذهب الى المشفى وبعدها الى العمل .. تجول في المنزل وهو يحس ان روحه مسلوبه بعد ذلك الكابوس المفزع ..ماهذا الفراغ المحيط بكل ركن من اركان البيت ؟ ماهذا السكون المقيت ..البيت اشبه بالقبر من دون ضحكة سهى ..من دون وجودها في البيت ..كم اشتقت لك يا فؤادي وكم انا احترق ندما على فعلتي الشنيعة .. دخل الغرفة وجلس على السرير الخاوي ..امسك مخدتها وغمر انفه فيها ...تنشق رائحتها وهو يحس بطعنة في احاسيسه ..لكم اشتاق لرائحتها ..رائحتها العالقة بالمخدة بدأت بالاختفاء ..اشتاق لكي اضمها الى صدري ..اشتاق ان اسمع كلامها المعسول ومحاولاتها الدائمة لتتحدث معي ..اطلق تنهيدة طويله وتوجه نحو الخزانه وارتدى ملابسه بسرعة ..قرر الذهاب الى المشفى عله يحضى ولو على الأقل برؤيتها من بعيد بعد ان رفضت رؤيته عدة مرات ..اغلق باب الشقة وتوجه نحو سيارته وهو يصلي لربه ان يراها هذه المرة

اهرب منك الليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن