واقعة الطف ( 8 )

154 6 2
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد وعلى أله وصحبه الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد
أسأل الله الذي أكرم ياموالي مقامكم وشرف منزلتكم وشأنكم أن يكرمني بولايتكم والأئتمام بكم وبلبرائة من أعدائكم وأسال الله البر الرحيم أن يرزقني مودتكم وأن يوفقني للطلب بثأركم مع الأمام المنتظر الهادي من آل محمد
.................

ولما قُتل العباس ألتفت الحسين فلم ير احداً ينصره ونظر الى أهله وصحبه مجزّرين كالأضاحي وهو إذ ذاك يسمع عويل الأيامی وصراخ الأطفال جعل ينادي :

يازهير
ياحبيب
يا نافع 
يا مسلمَ ابنَ عوسجة 
يا فلانُ ويا فلان 

مالي أناديكم فلا تسمعون وأخاطِبُكم فلا تُجيبون 
أأنتم نيامٌ أرجوكم تنتبهون 
أم حال بيني وبينكم ريبُ المنون 

فأخذتِ الأجسادُ ترتعدُ في مكانها
فبكى الحسينُ( عليه السلام ) وقال لها قَرّي وأهدئي 
فقرتْ وهدأتْ 

ثم نادى بأعلى صوته :

هل من ذاب عن حرم رسول الله ؟
هل من موحد يخاف الله فينا ؟
هل من مغيث يرجو الله في أغاثتنا ؟

فأرتفعت أصوات النساء بالبكاء ونهض السجاد (عليه السلام) يتوكأ على عصا ويجر سيفه لأنه مريض لا يستطيع النهوض فقال الحسين لأم كلثوم
أحبسيه لئلا تخلو الأرض من نسل آل محمد
فأرجعته ألى فراشه وهي تنادي
يخويه ومالك معين
وگومك عالغبره مطاعين
أنا منين اجيب المرتضی منين
عن كربلة يابه غبت وين
تدري الاميه أعليك أكو دين
  بويه يطلبون ثار أبدر وحنين
خذو ثارهم واحد أبسبعين 
 فزعوا فرد فزعه عله أحسين

ثم إنه ( عليه السلام ) أمر عياله بالسكوت وودّعهم وكان عليه جبة خز دكناء وعمامة مورَّدة أرخى لها ذوابتين وألتحف ببُردة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولبس درعه وتقلد بسيفه وطلب ثوباً لا يرغب فيه أحد يضعه تحت ثيابه لئلا يجرد منه فإنه مقتول مسلوب فأتوه بتّبان فلم يرغب فيه لأنه من لباس الذلة وأخذ ثوباً خرقاً
وخرّقه وجعله تحت ثيابه ودعا بسراويل ففزرها ولبسها لئلا يسلبها

وإذا بعقيلة بني هاشم ( زينب الكبرى ) أتته بِعبدِ الله الرضيع قائلةً :
أخي ، يا أبا عبد الله ، هذا الطفل قد جفَّ حليب أُمِّه
فاذهب به إلى القوم عَلَّهُم يسقوه قليلاً من الماء

فخرج الحسين ( عليه السلام ) إليهم وكان من عادته إذا خرج إلى الحرب ركب ( ذا الجناح ) وإذا توجه إلى الخطاب كان يركب ( الناقة ) ولكن في هذه المَرَّة خرج راجلاً يحمل الطفل الرضيع ( وكان له من العمر ستة أشهر ) وكان يظلله من حرارة الشمس

رحلة العشق Where stories live. Discover now