الفصل الاول : اول لقاء .. بين الملك واللؤلؤة السوداء

9.8K 148 14
                                    


يَقُولُونَ بِأَنَّ اَلتَّفْكِيرَ بِالْمَاضِي كَالْغَرَقِ تَمَامًا ، أَنْ حَبَسَتْ نَفْسُكَ فِي ذِكْرَى وَاحِدَةٍ سَيِّئَةٍ مِنْ اَلْمَاضِي ، فَلِتُعْلَم بِأَنَّكَ قَدْ فَتَحَتْ حِضْنَكَ لِلْعَذَابِ ، لِيَكُونَ رَفِيقُكَ حَتَّى نِهَايَةِ أَيَّامِكَ ، بَعْضُ اَلْإِخْصَائِيِّينَ اَلنَّفْسِيِّينَ اَلَّذِينَ جَمَعَتْهُمْ جَلْسَةٌ وَاحِدَةٌ مَعَ مُجْرِمِينَ أَوْ قَتْلِهِ مُتَسَلْسِلَيْنِ ، قَالُوا فِي تِلْكَ اَلْجَلْسَةِ بِأَنَّهُمْ قَدْ تَعَرَّضُوا لِصَدْمَةٍ فِي اَلْمَاضِي ، صَدْمَةٌ لَمْ يَتِمْ مُعَالَجَتَهَا بِطَرِيقَةٍ صَحِيحَةٍ وَتِلْكَ اَلْأَفْكَارُ اَلسَّوْدَاءُ وَالْمُنْحَرِفَةُ اَلَّتِي كَانَتْ فِي عَقْلِ ذَلِكَ اَلصَّغِيرِ ، أَنْجَبَتْ لَاحِقًا مُجْرِمًا .

وَلِهَذَا فَإِنَّ لَمْ تُسْدِلْ سَتَائِرُ اَلنِّسْيَانِ عَلَى تَجَارِبَ اَلْمَاضِي ، اَلسَّيِّئَةَ وَاللَّعِينَةِ وَقَرَّرَتْ اَلنَّبْشَ فِيهَا وَالْبَحْثُ عَنْ مَنْ وَلِمَاذَا ، فَأَنْتَ هَالِكٌ لَا مَحَالَةً ، وَالَاسُوءْ مِنْ هَذَا كُلُّهُ أَنَّ عَثَرَتْ عَلَى اَلْمُتَسَبِّبِ فِي مُعَانَاتِكَ هَذِهِ ، فَأَنْتَ لَنْ تَرْتَاحَ حَتَّى تُطِيحَ بِهِ أَرْضًا ! وَلِذَلِكَ مُنْذُ اَلدَّقِيقَةِ اَلْأُولَى اَلَّتِي تَقَرَّرَ فِيهَا اَلِانْتِقَامُ ، فَلْتَحْفِرُ لِنَفْسِكَ قَبْرًا بِجَانِبِ قَبْرِ عَدُوّكَ وَهَذَا لِأَنَّكَ فِي كَلْتِىْ اَلْحَالَتَيْنِ مَيِّتٌ ، وَهَذَا لِأَنَّ اَلْحَيَاةَ لَيْسَتْ عَادِلَةً .

اَلْحَادِي عَشَرَ لَيْلاً مَدِينَةً رُودِسْ اَلْيُونَانِيَّةَ كَانَتْ أُمْسِيَّةُ لَيْلَةٍ صَيْفِيَّةٍ حَارَّةٍ بِامْتِيَازٍ ، عِنْدَمَا دَقَّتْ اَلْحَادِي عَشَرَ لَيْلاً تَوَقَّفَتْ سَيَّارَةً حَمْرَاء صَغِيرَةً فِي أَحَدِ شَوَارِعَ رُودِسْ اَلْيُونَانِيَّةَ ، اَلْمُحَاطَةَ بِآلِهَةِ اَلْحَضَارَةِ اَلْإِغْرِيقِيَّةِ كَارْكَادْيَا وَارْجُوسْ وَأَثِينَا وَافْسُوسْ وَأَفْرُودِيتْ بِالتَّحْدِيدِ أَمَامَ بَوَّابَةِ مَنْزِلٍ مُكَوَّنٍ مِنْ طَابَقَيْنِ ، لِيَنْزِل مِنْهَا لَاحِقًا فَتًى مِنْ أُصُولٍ عَرَبِيَّةٍ ضَعِيفٍ اَلْبِنْيَةِ ، كَانَتْ اَلْحِمَّة قَدْ دَاهَمَتْهُ فِي حَفْلَةِ مَبِيتٍ أَقَامَ أَحَدُ أَصْدِقَائِهِ .

حِينهَا اِغْلِقْ بَابَ اَلسَّيَّارَةِ وَتَوَجَّهَ نَاحِيَةِ بَابِ مَنْزِلِهِمْ ، دَقُّ اَلْجَرَسِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، حِينُهَا صَارَ يَتَسَاءَلُ تَرَى أَيْنَ هُمَا وَالِدَيْهِ ، تَرَى هَلْ خَرَجَا بَعْدَمَا ذَهَبَ هُوَ إِلَى حَفْلَةِ مَبِيتِ صَدِيقِهِ أَدُونِيسْ . أَدَارَ حُسَامْ رَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالاً ، بَعْدُ ذَلِكَ قَرَّرَ اَلتَّوَجُّهُ إِلَى مَنْزِلِ صَدِيقِهِ مَايْكِلْ وَاَلَّذِي وَالِدَتُهُ تَالَا تَكُون صَدِيقَةً وَالِدَةَ حُسَامْ اَلْمُقَرَّبَةِ ، قَطْعُ اَلصَّغِيرِ اَلطَّرِيقِ بِحَذَرِ شَدِيدٍ وَلَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ اَلْأَمْرِ مِنْهُ إِلَّا ثَوَانٍ ، حَتَّى كَانَ أَمَامَ مَنْزِلِ صَدِيقِهِ حِينِهَا وَقْف عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَدَقَّ اَلْجَرَسُ ، وَصَارَ يَنْتَظِرُ لَحَظَاتٍ فَقَطْ حَتَّى فَتْحِ اَلْبَابِ وَكَانَتْ تِلْكَ اَلسَّيِّدَةِ تَالَا ، اَلَّتِي تَفَاجَأَتْ بِحُسَامْ وَاقِفًا أَمَامَ بَابِ مَنْزِلِهَا فِي ذَلِكَ اَلْوَقْتِ اَلْمُتَأَخِّرِ من اليل ، لِتَسْأَلَهُ بِدُون اَلتَّفْكِيرِ مَرَّتَيْنِ

من تاليف بن الدين منال / هوسي بها غير مجرى انتقامي من عائلتهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن