الفصل السابع مهمة خطيرة

2K 65 3
                                    


مِنْ هُمْ صُنَّاعُ اَلْخَيْبَةِ ! هُمْ أُولَئِكَ اَلَّذِينَ اَغْدَقَنَاهَمْ بِحُبِّنَا وَحَنَانِنَا ، أُولَئِكَ اَلَّذِينَ كَانُوا اَلدُّنْيَا وَالدِّينِ وَاَلَّذِينَ سَلَّمْنَاهُمْ مَقَالِيدَ أَفْئِدَتِنَا ، بِمَقْلَتِيْنِ مُغْمِضَتَيْنِ فَعَلَى حِينِ غِرَّةٍ تَعَرَّتْ نَوَايَاهُمْ وَبَانَتْ وُجُوهَهُمْ اَلْقَبِيحَةَ ، وَعَكَسَتْ لَنَا كُمٌّ كُنَّا سَاذِجِينَ فَبَيْنَمَا كَانُوا هُمْ يَعِيشُونَ حَيَاتُهُمْ بِطَرِيقَةٍ عَادِيَّةٍ فِي اَلْغِيَابِ كُنَّا نَحْنُ نَرْثِي غِيَابُهُمْ وَنَشْتَاقُ لَهُمْ . 

وَزُجَاجِيَّةُ اَلْمُقْلَتَيْنِ فَقَدَتْ اَلثِّقَةُ فِي اَلْجَمِيعِ ، بَعْدُ اَلْجَحِيمِ اَلَّذِي عَايَشَتْهُ عَلَى يَدِ نِعْمَةٍ ، اَلَّتِي مِنْ اَلْمُفْتَرَضِ أَنْ تَكُونَ اَلْأَمْنَ وَالْأَمَانَ مَنْبَعَ اَلْحَنَانِ وَعِنْدَمَا هَرَبَتْ مِنْ بَيْنِ مَخَالِبِ اَلشَّقْرَاءِ عَاشَتْ شَهْرًا كَامِلاً فِي اَلشَّارِعِ ، حَتَّى اِسْتَطَاعَتْ اَلْحُصُولَ عَلَى أَوْرَاقٍ تُخَوِّلُهَا اَلسَّفَرَ . وَحَتَّى عِنْدَمَا حَلَّقَتْ صَاحِبَةَ اَلشِّعْرِ اَلْأَسْوَدِ بَعِيدًا ، كَانَتْ لَا تَزَالُ تَشْعُرُ بِخَيَالِ وَالِدَتِهَا يُلَاحِقُهَا أَيْنَ مَا حَلَّتْ وَيُطَارِدُهَا حَتَّى فِي أَحْلَامِهَا ، فَأَصَابَهَا اَلْأَرَقُ وَنَتَجَ عَنْ هَذَا اَلْأَخِيرُ اَلْبَلَادَةَ ، فَصَارَ لَا يُفْرِحُهَا شَيْءٌ وَلَا يُحْزِنُهَا شَيْءٌ . 

بَعْدُ عَامِ مِنْ اَلْمَعَانَاتْ حَصَلْتُ عَلَّ أَوَّلِ عَمَلِ لَهَا فِي اَلْيُونَانَ ، كَانَ فِي إِعْلَانِ مُدَّتِهِ خَمْسَ دَقَائِقَ يَرْوِي مُعَانَاةً اَلْمُصَابِينَ بِثُنَائِيِّ اَلْقُطْبِ ، بَعْدُ نَشْرِ اَلْإِعْلَانِ تَأَثَّرَ اَلْجَمِيعَ بِتِلْكَ اَلْمَشَاهِدِ اَلْقَصِيرَةِ اَلَّتِي اِعْتَبَرَتْ تُحْفَةً فَنِّيَّةً وَأَفْنَى بَعْضُ اَلْمُخْرِجِينَ عَلَى مَوْهِبَتِهَا وِتْهَاتْفَّتْ عَلَيْهَا اَلْعُرُوضُ مِنْ كُلٍّ صَوْب . وَلَكِنَّ اَلْحَقِيقَةَ هِيَ أَنَّ كُلَّمَا عَكَسَتْهُ رِيمْ لِلْكَامِيرَا ، كَانَتْ مُعَانَاتُهَا كُلَّ دَمْعَةِ كُلِّ تَنْهِيدَةٍ ، شَرْحُ مَا عَايَشَتْهُ رِيمْ فِي اَلْمَاضِي لِلنَّاسِ كَانَ آخِرٌ هَمّهَا بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ سَيَكْسِبُهَا اَلْمَزِيدُ مِنْ اَلْمُتَابِعِينَ عَلَى مِنَصَّةٍ اَنْسْتَقَرَامْ ، نَاهِيكَ عَنْ اَلْبَرَامِجِ اَلَّتِي كَانَتْ سَتَسْتَضِيفُهَا لِتَسَمُّعِ قِصَّتِهَا . 

كَانَتْ رِيمْ أُنْثَى أَنِيقَةً لِلْغَايَةِ وَأَكْثَر مَا مُمَيِّزُهَا ، تِلْكَ اَلْمُقْلَتَيْنِ اَللَّتَيْنِ أَخَذَتَا زُرْقَتُهُمَا مِنْ اَلْمُحِيطِ فَهْمًا كَانَتَا سِلَاحهَا اَلسِّرِّيَّ ، إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُصَدِّقُ أَيَّ كَلِمَةٍ كَانَتْ تَسْمَعُهَا أَوْ تُقِرَّاهَا عَنْ نَفْسِهَا فِي اَلْجَرَائِدِ وَالصُّحُفِ ، كَانَتْ تَتَعَامَلُ بِحَذَرِ مَعَ اَلْجَمِيعِ وَتَحَسَّبَ أَلْفَ حِسَابٍ لِكُلِّ عِبَارَةِ تَخَرُّجِهَا مِنْ بَيْنِ شَفَتَيْهَا . وَهَذَا لِأَنَّ اَلشُّكُوكَ كَانَتْ تَسْكُنُ كُلَّ خَلِيَّةٍ فِي جِسْمِهَا ، وَزَادَ حَذَرُهَا بَعْد عَوْدَةِ شَبَحِ نِعْمَةٍ لِحَيَاتِهَا مَرَّةً أُخْرَى ، فَكَثَّفَتْ صَاحِبَةُ اَلشِّعْرِ اَلْأَسْوَدِ اَلْحِرَاسَةِ حَوْلَ نَفْسِهَا وَدَسَّتْ سِلَاحًا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا حَيَاتِهَا .

من تاليف بن الدين منال / هوسي بها غير مجرى انتقامي من عائلتهاWhere stories live. Discover now