الفصل التاسع عشر : تتسربين من كل الجهات

2.4K 62 1
                                    


         لو كان يعلم أولئك النائمون في القبور موعد رحيلهم ٬ لكانوا اقاموا لأحبتهم وداعا يليق بمكانتهم في قلوبهم ٬ نفس الشيء بالنسبة للأحياء الذين خاصموا بعض وناموا ظنا منهم ان هناك غدا وهناك فرصة للتعويض ٬ ليأتيهم الموت بغتة وبدون أي مقدمات.

ثم منذ متى كان ملك الموت يسال احد ٬ عندما كان يؤذن له من رب السماء كان يحمل منجله ويتوجه ناحية أهدافه كي ينقلهم من دار الفناء الى دار البقاء ٬ للأسف الشديد لا احد يعلم متى سيغادر هذه الحياة ٬ وكيف سيغادر ونعمة كانت تحب ريم فهي ابنتها من لحمها ودمها ٬ كيف لا تحبها .

لكن الشقراء لم تكن تدري سبيلا الى قلب صاحبة الشعر الأسود ٬هذه عقدتها فهي كانت طوال الوقت تفكر في طريقة ترجع بها ريم الى الامارات ٬ فشغل الخوف نصف وقتها وارهقها وافقدها صوابها ٬كما تفعل الممنوعات بعقل البني ادم ٬ فخلعت رداء الرحمة والأمومة وارتدت قناع القسوة ٬ الخشية من المستقبل سلبت نعمة الكثير من الفرص ٬ وفي عوض ان تتلو الام على مسامع ابنتها قصائد الحب والحنان والتقدير ٬ صارت تحاربها في كل فرصة تتواجهان فيها .

مر أسبوع على اختطاف ريم ٬ أسبوع كان بمثابة قرن على تلك الام التي فقدت القدرة على الاستمتاع بالحياة ٬ قد تقولون امر طبيعي أي ام كانت لتتعرض لانهيار وكانت لتدخل في اكتئاب ٬ ولكن وضع الشقراء لم يكن يشبه وضع أي ام اختطف ولدها فنعمة كانت تشعر بالكثير من الندم ٬ والسخط على هذه الدنيا الغير عادلة .

خلال هذه المدة كانت الفيلا التي تسكن فيها نعمة ٬ قد تحولت الى مركز عمليات ٬ فبمجرد ان ابلغ الياس الشرطة قامت بجميع الإجراءات ولان الشقراء كانت من الشخصيات المهمة في البلد ٬ تدخلت المخابرات في الموضوع وهذا يعني ان جوزيف كان على راس الفرقة ٬ التي كانت تبحث عن صاحبة الشعر الأسود ٬ صوت الخادمة وهي تضع فناجين القهوة أعاد العميل الى ارض الواقع ليهمس بسخط

_انا لا اصدق لغاية الان ٬ ان اليوم الذي اختطفت فيه تعطلت جميع كاميرات المراقبة في الشارع ٬ لا اظنها عملية اختطاف عادية يبدو ان الامر مدبر له مع سبق الإصرار والترصد !

رفع العميل ماثياس فنجان القهوة ٬ ارتشف منه رشفة صغيرة ثم عاد ليجلس على طرف الاريكة المقابلة لجوزيف ٬ ليردف مستنتجا

_اشعر ان والدتها تعرف شيئا ما ٬ و انا متأكد ما ان ضغطنا عليها ستخبرنا بكل شيء !

كلام ماثياس كان نصفه صحيحا ٬ في بادئ الامر كان جوزيف يظن انها منهارة بسبب ما حصل لريم ٬ لكنه كان يوما بعد يوم يزداد شكه بها في تلك اللحظة وضع الحاسوب والسماعات على المكتب ثم وقف من مكانه ٬ متوجها نحو الشقراء التي كانت جالسة امام النافذة ٬ بمجرد ان شعرت بحضوره التفت اليه وسالته بلهفة

من تاليف بن الدين منال / هوسي بها غير مجرى انتقامي من عائلتهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن