الفصل الرابع والعشرون :- (نهاية)

7K 166 19
                                    

• أحيانًا قد تكون نهاية مرحلة ما في الحياة هي بداية لأخرى أبدية...

▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪

مر أسبوع... سبع أيام... مئة ثمانِ وستون ساعة... بكل ساعة ستون دقيقة وبكل دقيقة ستون ثانية، كانوا يمرون بتثاقُل مميت يُدمي القلب ويزيد من جراحه لا يجعله يندمل بل يغور بأعماقه فيزداد من لهيبه المؤلم...

كانت جالسة في مطعمه المُفضل على نفس الطاولة التي أعتاد الجلوس عليها ترتشف فنجان قهوتها بنفس الطريقة التي أعتادها هو "قهوة بدون سكر" مرارتها تؤلم حلقها ولكن مرارة فقده تؤلم قلبها... وإن كانت هي لا تعشق القهوة بل عشقه لها قد توارثته؛ فستانها الأسود -ذو الأكمام الطويلة- مُنطفيء كبريق بُنَتَيِها، رافعة خصلاتها الذهبية بمطاط أسود كالليالي التي تمُر عليها بدونه... ظلت شاردة يذهب فكرها بعيدًا متذكرة طريقته المرحة في الحديث، أسلوبه الفريد، نبرة صوته الحانية والحازمة بآن واحد، بريق عيناه وهو يبادلها النظرات العاشقة... تركت فنجان قهوتها لتتلامس بيدها سوارها المتدلي من معصمها الذكرى الأخيرة التي تجمعهما معًا... غائبة عن واقعها لتغرق في ذكرياتها مع "آسرها" من أسر قلبها يومًا فتركه أسيرًا ورحل... رحل للأبد تاركها تتخبط في ذكرياته؛ لم تنتبه فريدة لتلك الأزواج من العيون التي تتابع شرودها منذ أن جلست خمسون دقيقة ظلت بهم مُلاحقة من زوجان العينان السوداء القوية ببريقهما الخاص تُتابعها عيناه وتتحرك يداه الممسكة بالقلم الأزرق على سطح الورقة البيضاء أمامه يخطو بها خطوت ثابتة لتُحاكي الواقع أمامه... لم تفق من شرودها وتعود إلى واقعها الباهت بدونه إلا عندما هتف بها صاحب العيون السوداء....

هتف بنبرة ودية :- مساء الخير.

رفعت نظرها لتعود من شرودها وهي تنظر للواقف أمامها بطوله الشاهق قد يتعدى طوله المئة والتسعون سنتيميتر، عيونه سوداء لامعة بداخلهما مرح لم تلحظه إلا بأعين آسر، خصلاته سوداء طويلة ناعمة تصل أطرافها لنهاية عنقه، لحيته الخفيفة تُحدد فكيه، يرتدي كنزة رياضية من اللون الأزرق القاتم تضيق على ساعديه فتظهر عضلات ذراعيه وتزيده عبثًا...

أجفلت فريدة لترمش عدة مرات وتهمس بصوت متحشرج مليء بالذكريات المؤلمة :- مساء النور .. خير!!.

ابتسم لها بحنان وهو يمد إليها الورقة بيده :- أنا كنت متابع حضرتك من مدة وأنتي سرحانة حسيت إني عايز أرسمك .. أتفضلي..

أخذت منه الورقة لتنظر بها عن كثب وتُحيد بنظرها تنظر إليه بنظرات غاضبة وتُعيد عينيها مرة أخرى لما بيدها فتظهر الدهشة على ملامحها... بعض الخطوط المبعثرة تحمل أخيرًا بطريقة مُدهشة ملامح تتشابه كثيرًا معها...

لم تتحدث فريدة ليتابع هو محمحمًا بخشونة :- أحممم .. أنا فارس المغربي لو ميضايقكيش أتشرف بحضرتك!.

لن أحبكWhere stories live. Discover now