الفصل الحادى عشر

544 14 1
                                    

الفصل الحادى عشر
أسدل الليل ستاره الظالم معلنا عن نهاية اليوم الأول للؤلؤة بهذه الفيلا ؛ ذهبت تتمم على حالة أيهم ومن ثم تذهب للنوم ؛ هيأت له المكان من حوله ليناسب رجوعه ولأن المرضى فى مثل هذه الحاله يتأثرون بالأشياء من حولهم
حرصت على جعل الأشياء مبهجه من حوله.
قررت أن تقضى على الملل القابع بداخلها
ذهبت الى المكتبه الملحقه بغرفة أيهم ؛ جلست على كرسيه لتستشعر كم رهبة هذا الكرسى فهو ليس مجرد كرسى ؛ أضاءت المصباح الصغير على جانب المكتب وبدأت تقرأ فى إحدى الكتب الذى سحبها بداخله بعيدا عن عالم الواقع
.................
أتى آدم من الخارج بعد يوم منهك قضاه فى العمل ولأول مرة فى حياته يجرب الشعور بالمسئوليه ؛ ذهب الى غرفة أيهم ليرى ما الذى تم ؟ وماذا تفعل تلك الطبيبه ؟
دخل فلم يجدها فى الغرفه ،لاحظ الضوء المتسلل من المكتبه ؛ تقدم ببطء حتى رآها وهى تجلس فى وضعيتها تلك ليشتعل فتيل الغضب بداخله ؛ تقدم منها وما إن رأته حتى فزعت من رؤيته ؛ خافت من مظهره وهو هكذا استجمعت شجاعتها لتقف كما كانت من قبل
لم يتحمل هو سكوتها وصمودها هكذا صرخ فيها كتعبير عن غضبه قائلا : انتى ازاى تدخلى المكتبه بدون إذن ؟؟
لجمتها الصدمه فوضعتها فى موقف شل فيه لسانها وكأنه انعقد تماما فلم تقوى على النطق بأى كلمه أمامه
استشاط غضبا من رؤيتها هكذا فظنها تتجاهله ليصرخ مره أخرى طالبا منها إجابه : انطقى
تلعثمت فى النطق ففضلت الصمت ، هرولت مسرعه من تلك الغرفه وهى تحبس دموعها بشده .
لم تريد أن تفتعل المشاكل فى أركان هذا القصر فخرجت الى الحديقه
جلست على الأعشاب الخضراء وعند تلك النقطه لم تقوى على احتباس دمعاتها أكثر من ذالك ؛ فنزلت دمعاتها كما لو أنها تبكى عما حدث بها طوال السنوات
التقطت قطرة دمع ونظرت إليها وهى تفكر : دموع ، مجرد قطرات تخفف كثير من الآلآم والأوجاع ، ترى أيتها الدموع أتخففين عنى وتمحين لحظات العذاب ؟
تبدلت ملامحها الى الضحك الساخر : وكيف تمحين لحظات العذاب وهى لحظات حفرت بداخلى فالتصقت وأبت أن تزال ؛ كيف تخففين عنى وقد حفرت الصدمات بداخلى حتى صارت جزء منى ؟؟
ترى ماذا تخبئين لى أيتها الأيام ؟؟ مجرد سؤال لا أشكك به بقدرة الإله!! فهو على كل شىء قدير
نظرت للنجوم المتلألأه فتشع ضوء خافتا ينير عالم ملىء بالعتمه ليأخذها الفكر مرة أخرى : أيتها النجوم لما لا أرى أحد يضىء لى عتمتى الصغيره كما تفعلين!!؟ أعلم أن الله سيستجيب
أنتظر موعد إستجابته ؛ عليا أن أبشر
بدأ النعاس يطغى عليها ؛ قامت من مكانها مودعه النجوم قائله : حسنا أيتها النجوم!!!! سأذهب!!!! على ألقاكى بحال أفضل مما انا فيه الآن.
اكتمل ظلام الليل الحالك ؛ هدوء يطغى على المكان بأكمله! ليلة هادئه لا تحتوى سوى على صوت بعض الطيور الليليه
فتحت لؤلؤة عينيها واستغفرت ربها ؛ توضأت ومن ثم شرعت فى التكبير للقاء رب العالمين
صلت ركعتى القيام بقلب خاشع ذليل أمام خالقه ومن ثم أخذت تدعى قائلة : يا الله بك أستغيث!! أصلح لى شأنى كله يارب
نظرت من شرفة غرفتها الى العالم الخارجى :ترى كيف سيستقبلنى العالم ؟؟
أيستقبلنى على أنى خريجة سجن أم كطبيبه ؟
يا الله ارحمنى من التفكير الزائد
ذهبت الى غرفة أيهم تطمئن عليه فوجدت ندى تجلس تحتضن يده تحدثه بنبرات صادقه قائلة : أيهم قوم بقى!! عارف انا كل يوم باجى لك بالليل واتكلم معاك عشان محدش يشوفنى
قوم ووعد انى مش هضايقك
استشعرت صدق كلماتها وخوفها وحنانها على أخيها حتى حارت بينهم ؛ من من المفترض أن يكون هو الأكبر ؟؟
تقدمت منها ؛ وضعت يدها على كتفها من الخلف مما أثار الرعب لدى ندى
لتقول لها لؤلؤة فى محاولة لتهدأ من روعها : اهدى ، دى انا لؤلؤة
ندى مسرعه : خوفتينى
سألتها لؤلؤة مستفهمه : مالك صاحيه ليه لدلوقتى ؟؟
ندى : مش عايزه أنام
أجابتها لؤلؤة بابتسامتها المعتاده : طب تعالى بقى نصلى سوا
ذهبوا سويا لتؤديان معا صلاة القيام ؛ بالرغم من أن لؤلؤة صلتها إلا أنها أرادت أن تذكرها
بأن تصلى دون إحراجها
تابعت لؤلؤة كلامها قائلة : ايه رأيك نحفظ كل يوم القرآن سوا ؟
تحمست ندى لهذه الفكره كثيرا لتقول : هو انتى مش حافظه القرآن زيى ؟
صمتت قليلا لتجيب وقد قررت عدم إحراجها لتقول : حافظه بس مش كتير ؛ هنحفظ سوا
ندى بإمتنان : شكرا يا لؤلؤة
لؤلؤة برفق : الشكر لله
وبعدين مفيش أصلا بين الأخوات شكر أو إعتذار
ابتسمت لها ندى فبادلتها لؤلؤة البسمه فى جو من الألفه والمحبه بينهم.
............. ............
سطعت شمس الصباح لتضىء العالم بضوئها الخلاب ؛ وكأنها تعلن عن بداية جديده
تناول الجميع فطارهم ومعهم لؤلؤة التى كانت تجلس بحرج وخصوصا بعدما حدث بينها وبين آدم أمس
صمت يخيم على أرجاء السفره قطعه صوت فيروز قائله : انا عرفت باللى حصل امبارح يا لؤلؤة!! وبعتذر بالنيابه عن آدم
أشارت فيروز الى آدم ففهم إشارتها على الفور ليقول : آسف
شردت فيروز وهى تتذكر ليلة أمس وكيف عرفت
فلااااااش بااااااك
استيقظت فيروز فقررت أن تذهب وترى ما إن كانت لؤلؤة تحتاج شىء ؛ فهى جديده فى الفيلا ولا تعلم شىء
وقفت محلها بغضب وهى تستمع الى صوت آدم العالى يوبخ لؤلؤة ؛ عادت الى غرفتها تنتظره
أخذت تجول الغرفه ذهابا وإيابا حتى شعرت بصعود أحد على الدرج ، فعلمت أنه آدم
وقفت تنتظره أمام غرفته حتى نادت عليه وهو يمر من امامها
سقطت صفعه على وجهه ألجمت لسانه لتقول بعصبيه : انت أكيد اتجننت ، انت مش مدرك الموقف اللى احنا فيه ؟؟ اصحى كده لنفسك وفوق ؛ من بكره هتسافر تعقد الصفقه
ثم تابعت ومازالت الصدمه تعتليها : انت عارف لو أيهم فاق وكان فيه نقص ولو بسيط فى المقر مش هتنفد منه!!! وأنا وانت عارفين أيهم كويس وانه مفيش تهاون عنده فى أى أمر يخص الشركه
ولاها ظهره واستعد للرحيل ليقول ساخرا : مش لما يفوق الأول
أجابته وقد هدأت نبرتها قليلا لتقول : هيفوق يا آدم!!!! هيفوق!!!! بكره الصبح تقدم اعتذار للؤلؤه
بااااااااك
عادت الى الواقع لتقول وعينيها مسلطه على آدم : شنطه سفرك جهزت
سألت ندى مستفهمه : ايه ده هو آدم مسافر ؟
ردت عليها فيروز : ايوا مسافر فى شغل
انصاع آدم لكلام والدته وانصرف من أمامهم
ما هو الا وقت قليل حتى نزل وهو يحمل حقيبته استعدادا لسفره
غادر ومعه دعوات أم... برغم قسوتها الظاهريه الا أنها لاتزال أم يرتجف قلبها إذا حدث لأى منهم مكروه
.......................
مر أسبوع.....أسبوعين حتى صارو ثلاث أسابيع وقد أوشك الشهر على النفاذ
جلست لؤلؤة تتابع قراءة البحث الخاص بحالة أيهم ؛ ذهبت إليه تضع له دوائه فى المحلول المتصل بيده
وقفت محلها لا تقوى على الحراك فسقطت من يدها زجاجة الدواء لتصرخ هلعا مما رأته ؛ عيون غاضبه تنظر إليها وكأنهما قطعتان من اللؤلؤ الفاخر يحميهم الرموش الكثيفه المحيطه بهم ؛ عيون كعيون حيوان مفترس غاضب وجد ضالته
تجمع الجميع من حولها ليتلقو معها الصدمه
تقدمت فيروز من أيهم المستلقى على السرير  وعينيه متفتحه فأردفت قائله : أيهم!!!! انت سامعنى ؟؟
لم تجد رد منه ؛ يتطلع إلى الفراغ بصمت رهيب يحرك أهدابه ببطء شديد ؛ فتيل الغضب يشتعل بعينيه فتكسبها حمره تلهبك حد الهلاك
بدأ القلق يتسرب إلى فيروز : ايه اللى حصل ؟؟
لؤلؤة ومازالت الصدمه تداهمها : معرفش
انا لقيته كده
_بسرعه اتصلى بالدكتور يا ندى قالتها فيروز بقلب ينهشه الخوف فاستولى شعور الخوف عليها
دقائق قضوها فى رعب.... لا أحد يعلم ماذا يجرى.... أو لما أيهم بهذه الحاله ؟
شرع الطبيب فى فحصه ليتضح علامات القلق على وجهه ؛ التفت لهم يخبرهم بالأمر الذى بالتأكيد سيحزنهم ويقذفهم فى بحر الصدمات : للأسف الأستاذ أيهم عنده شلل كلى
شهقت ندى بفزع بخلاف فيروز التى ظلت على وضعيتها ؛ فتابع الطبيب كلامه : لما عمل الحادث جسده اتأذى بالكامل لكن عقله كان سليم تماما ؛ طوال فتره الغيبوبه بيحاول عقله يأثر على جسمه فيخليه يتحرك لكن الجسم مكنش بيستجيب نظرا لأنه متأذى وكان محتاج جهد عشان يقدر يتحرك ؛ أول لما عقله
استعاد كامل عافيته وحاول يأثر على الجسد كأن تأثيره قوى على مركز البصر نظرا لإنه الأقرب فعطاه القدره انه يشوف لكن محتاج شوية وقت على ما يقدر يرجع طبيعى تانى
ودى بداية مبشرة
هو حاليا هيقدر يسمع ويشوف ويعبر عن إحساسه حتى انكم هتلاحظه على تعبير وشه حالته الإنفعاليه لكن مش هيقدر يتجاوب معاكم بشكل جسدى ؛ لكن فى أمل كبير جدا بالشفاء
بالرغم من أن كلامه يشوبه الحزن إلا أنه ولد أملا جديدا بداخلهم
لؤلؤة :متشكرين لحضرتك يا دكتور
أجابها بعمليه : الشكر لله
غادر الطبيب المكان وظل الجميع بداخل غرفة أيهم ؛ فيروز بدمعات قلب قلق خائف : أيهم!! انت سامعنى!!
وضعت لؤلؤة يدها على كتفها وهى تحدثها ببضع كلمات صادقه : هيبقى كويس
متقلقيش.....ربنا قال " وقال ربكم إدعونى أستجب لكم "
ادعى بس وهو سيستجيب
نظرت لها فيروز بنظرات امتنان وخرجت من الغرفه لتتصل بآدم
....................
خلاياه منهكمه إثر العمل المفرط الموضوع فيه وغير المتعود عليه ؛ نظر لكم الملفات الموضوعه أمامه ليشعر باليأس فهذا العمل لن ينتهى
أدرك معاناة أخيه وما يواجهه فى سبيل راحتهم ؛ تنفس الصعداء وقد قرر الإكتفاء لهذا اليوم
استعد للرحيل فسمع صوت رنين هاتفه برقم والدته ؛ زفت إليه الخبر السار ليفرح هو الآخر بهذا الخبر ؛ فهو أكثرهم تأثرا بأيهم
أغلق الإتصال على وعد بالعوده ورؤية أخيه
انطلق وقلبه يتراقص فرحا ؛ استعد للعودة الى الفيلا فجهز حقيبته وبالفعل قاد سيارته متجهها
إلى محافظته ،لم يأخذ منه وقت كثير فذهب كما لو أنه فى سباق عدو مع الريح
وكأن القدر يخبره بأنه سيلتقى بنصفه الآخر ؛ ليكون ملكا تحت سماء الرومانسيه ؛ متوجا على عرشها

شريفه فى غابة الأسود
بقلم ندى عماد
الماسه اللامعه

شريفة فى غابة الأسود Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz