الفصل الثانى عشر

616 15 1
                                    

الفصل الثانى عشر
على إحدى الطرقات وتحت سماء افتقد البشر الموجودين بها إلى الإنسانيه بل انعدمت بداخلهم فجعلتهم خالين من المشاعر ؛ حتى الحيوانات لديها مشاعر تعبر بها عن حزنها
حتى الحيوانات تساعد بعضها لكن الإنسان هو أخطر مخلوق على وجه الأرض.
جرت بأقصى سرعه لديها وهى تحمل ذالك الطفل الصغير الذى يبكى بشده
جرت ودمعاتها غطت وجهها هى الأخرى ؛ نظرت خلفها لترى ما إن كان هؤلاء الرجال يتابعونها ؛ وجدتهم على مقربه منها فجاهدت حتى تصل إلى مكان يحتويها ويحميها من شر هؤلاء الذئاب ؛شددت من احتضانها لذااك الطفل الرضيع ، تنفست براحه حينما رأت محطة القطار أمامها ، وقفت على رصيف القطار وهى تلتفت حولها تبحث عن مكان تحتمى به ،تطلعت خلفها لتجدهم مازالو يتبعونها
لم تجد أمامها حل سوى دخول القطار والإختباء بداخله ؛ جلست داخل القطار فى إحدى الكراسى فى الزاوية حتى لا يراها أحدهم ، ربتت على ظهر الطفل تهدئه من نوبة البكاء التى ستكشفهم
تطلعت من شباك القطار فشهقت فزعه ؛ أخفضت رأسها حتى لا يراها أحدهم ، اختبأت أسفل الكرسى فى محاولة للهرب من أنظارهم
.............
ضرب المقود بغضب حينما توقفت السيارة معلنة عن نفاذ الوقود بها ؛ خرج من السياره وهو يغلق بابها بغضب عارم ؛ اتصل على يوسف ليخبره بأنه سيتأخر قليلا نظرا لتوقف سيارته
لم يجد أمامه حل سوى الذهاب بالقطار
تردد قليلا لكنه نظر الى سيارته المتوقفه ليقتنع بهذا الحل فهو شبه عالق ولايوجد أحد حوله لمساعدته
قطع تذكرة القطار وتوجه للركوب فيه ليكون حاله كحال الأشخاص البسيطين الذين يعيشون حياتهم بمنتهى البساطة والرضا والقناعة
لاينظرون إلى غيرهم ؛ بعيدا عن حياة الفيلل والسيارات ؛جلس على المقعد المخصص له وأخذ يعبث بهاتفه عله يضيع الوقت فيمضى سريعا
آثار إنتباه سمعه صوت بكاء طفل مكتوم التفت حوله بحثا عن مصدر الصوت فلم يجد حوله أى أطفال ؛ ظنها تهيؤيات يصدرها عقله الباطنى
سقط هاتفه مد يده يلتقطه وبدلا من ذالك التقط بصره صورة فتاه والخوف ينهش قسمات وجهها فيرتسم باحترافيه ؛ استنتج صوت بكاء الطفل المكتوم حينما رأى الطفل معها
نظرت له بفزع فانكمشت على نفسها ليقول لها مهدئا من روعها : اهدى!!!!! اطلعى من عندك
لا تدرى الثقه التى أتتها فجعلتها تأتمنه وتنصاع لكلامه وتخرج
وقفت أمامه فلم تقوى ساقيها على حملها فهوت على المقعد ؛ جلس أمامها فجار بعقله الكثير من الأفكار وهو يحاول تحليل موقفها
قرر التشجع وسؤالها قائلا : مالك؟ والحاله اللى انتى فيها دى من ايه ؟
كانت على وشك الحديث حينما لمحت أحد الرجال لتقول بدموع : أرجوك ساعدنى واحمينى أنا والطفل ده وهقولك على كل حاجه
بس احمينا
استشعر صدق حديثها فقرر مساعدتها ليقول : اهدى هساعدك حاضر
لاحظ الفزع البادى على خوفها وهى تنظر أمامها لتخفى وجهها سريعا ؛ نظر خلفه فلاحظ مجموعة من الرجال يبدو على وجههم الإجرام
استنتج أنها تحاول الهرب منهم ؛ انخفض بجزعه قليلا وكأنه يبحث عن شىء ليقول لها من أسفل : متقلقيش!!! ثقى فيا
نظرت له نظرات امتنان وقد قررت منحه الثقه فليس أمامها حل آخر
توقف القطار فجأة معلنا عن وصوله لأول محطهه ؛أمسك يدها برفق وحمل هو الطفل
الصغير عنها واتجهو للنزول ؛ يعلم أنها ليست وجهته لكن عليه المساعده
أوقفه إحدى الرجال يسأله مستفهما : انت تعرف البنت دى ؟؟
نظر لها ليقول بعدم وعى : دى مراتى!!! أى خدمه ؟
أجابه هو الآخر ردا عليه : لا يا بيه مفيش حاجه ؛ أصل كنا بندور على بنت فيها شبه من مراتك
أومأ رأسه برفق وانصرف
وصل آدم إلى مكان بعيد عنهم ؛ استمع لبكاء الطفل الصغير فقد كان يبكى بشده
أعطاها الطفل قائلا : شكله جعان
أخذته منه وهى تؤكد حديثه : دا مش شكله جعان هو فعلا جعان
حمحم حرجا ليقول : هستناكى بعيد على ما ترضعيه
ردت عليه بيأس : هرضعه إزاى بس ؟؟
آدم بعدم فهم : يعنى ايه إزاى!!! انتى مش أمه ؟؟
_لأ أنا مش أمه قالتها وهى تنظر له
آدم : أمال ايه ؟؟ اوعى تكونى خطفاه
ترقرت مقلتيها بالدموع لتقول وهى تجهش بالبكاء : أنا مش خطفاه أنا بساعده بس
آدم : إهدى بس واحكى براحه
أجابته بعد تنهيده حارة : أنا اسمى أسماء
دكتورة تحاليل من فتره جت ليا ست لسه فى العشرينات تعمل تحاليل وكانت حالتها متدهورة
الست دى طلعت بتاخد مخدرات أو بمعنى أصح حد بيحط لها مخدرات من غير ما تعرف
أنا اتكفلت بحالتها وقولت هعالجها بس فجأة الست دى اختفت رجعت جت ليا بعد سنه بس المرة دى كانت حامل وكانت على وشك الولادة
استضفتها عندى بس طلع انها وراها حكاية كبيرة قولت هوديها لمكان أمان عشان مجبش لنفسى مشاكل انا وحيده ومليش حد
ثم تابعت ببكاء : ودتها مستشفى تراعى حالتها
بس جالى اتصال النهاردة إن الست دى فى وضع حرج
روحت لقيتها هربت هى وابنها من المستشفى
لقيناها قريب من المستشفى و.........
أجهشت ببكاء مرير وهى تفكر فى موقف نزع من فاعليه الرحمه تماما بل تلك الفعله هى بالفعل من أخطر الدنايا
استرسلت حديثها بنبره منخفضه وخزى : لقيتها بتبيع ابنها مقابل جرعة مخدرات
_بتبيع ابنها قالتها بنبرة بكاء حاده
مكنش قدامى حل غير إنى أهرب بالطفل
آدم وقد رق قلبه وذهل من هذا الموقف أخذه الفكر : أيوجد مثل هذه الأفعال حقا!!؟
أى بشر يفعل هذا ؟ أى أم تضحى بابنها هكذا ؟
عنف نفسه قائلا : اصمت يا أحمق!!! لست أقل منهم ، فأنت مرتكب للخطايا بل أنت ملكا من ملوك الدنايا
خرج صوته أخيرا بعد صمت جال فى الأرجاء عدا صوت الطفل المستمر : طب هتعملى ايه فى الطفل ؟
تطلعت فى الطفل وملامحه الملائكيه لتقول : مضطره أوديه ملجأ
آدم فى نفسه : حسنا!! فلتفعل شىء صحيح فى حياتك المليئه بالأخطاء
وجه كلامه لها : طب انتى حياتك كده فى خطر هاخدك عندنا فى الفيلا هناك أمان
كانت على وشك الحديث ليبتر كلامها قائلا : متقلقيش أنا مش عايش لوحدى!! معايا والدتى واختى وأخويا وكمان حاليا معانا دكتورة أخويا
يعنى مفيش مجال للقلق
تابع كلامه بجديه دون عظمه هذه المرة وهو يذكر اسمه: أنا آدم الكنانى
شهقت فزعا لتقول فى نفسها : يا الله من هم لهم أكبر منه!! ليس أفضل منهم ؛ مضطره للوقع بين براثين وحوش بشريه
علم ما يجول فى خاطرها ليقول : عارف بتفكرى فى ايه دلوقتى ؟ بس متقلقيش
وكمان مفيش قدامك حل غير ده
هو محق بالفعل ليس أمامها حل آخر ؛ ليس أمامها حصن قوى تختبىء أمامه
أومأت برأسها كعلامه على الموافقه ليقول : تمام كده!! هنجيب له حليب الأول وبعدين نوديه على ملجأ كويس ومتقلقيش هيكون تحت رعاية عائلة الكنانى ورعايتى أنا شخصيا
......................
فى فيلا الكنانى
جلست فيروز بقلق من تأخر آدم لهذا الوقت انتابها شعور الخوف والقلق من أن يكون عاد لأفعاله من السهر وشرب المسكر
أتى يوسف ليفسد لها أفكارها ويخرجها من قلقها الزائد قائلا : أستاذ آدم عربيته عطلت فى الطريق فقال انه هيتأخر شوية
زفرت براحه : ماشى يا يوسف ؛ ايه أخبار الشركات ؟
يوسف بعمليه ونبرة جادة : الشركات تمام
ووقعنا الصفقه الجديده وحاليا شركات الكنانى لها الصدارة فى السوق ؛والمقر بأفضل حال ينتظر رجوع مالكه السيد أيهم بألف خير
أومأت ببسمه لتقول : مش عارفه من غيرك كنا هنعمل ايه يا يوسف ، شكرا جدا لك
انت مش مجرد عامل عندنا!! انت فرد مننا وواحد من أولادى
رد عليها ببسمه : انتى لسه قايله واحد من والدك ، وعلى ما أعتقد إن الأم مش بتشكر ابنها
استطاع أن يضحكها بكلامه لتقول : طب يلا يا ابنى على شغلك
_علم وينفذ يا أفندم قالها بنبرة مرحه وهو يخرج من الفيلا بخطوات أشبه للركض
لتقول فى داخلها : ربنا يحميكم يارب
.....................
تلقت لؤلؤة مكالمه هاتفيه جعلتها تبتسم فرحه فكأنما كانت تنتظرها
حملت الهاتف لتجيب سريعا ؛ كان هو الأقرب ليلقى عليها السلام أولا فترد عليه سلامه لتتابع
لؤلؤة كلامها: ايه يا إسلام معاد رحلتك وقتيه
الشهر قرب يخلص وأنا منتظره منك اتصال تقولى انك حجزت
رد عليها بنبرة مرح : يؤسفنى أن أخبركم أنى حاليا فى مطار القاهرة
لؤلؤة بفرحه : بجد!!
إسلام بحزن مصطنع : أيوا بجد والمطار مفيش فيه حد يستقبلنى ، دا أنا غياب بقالى 3 سنين يا عالم
لؤلؤة بحزن هى الأخرى : كده برضو متقولش للؤلؤتك إنك جاى
إسلام : كنت حابب أعملها بس الظروف أقوى يا أختاه.
ضحكت بشده عقب كلامه لتقول : شوية وأكون عندك
إسلام بحنان : مستنيكى
وأغلق الإتصال وهى تسبح فى فرحتها لتهوى على أقرب مقعد متنهده قائله : أخيرااا
خرجت من الغرفه غير منتبهه لذالم المتيقظ و علامات الغضب ستفتك من يقف أمامه
تردد على مسمعه كلمة "لؤلؤتك " ليستشيط غضبا أكثر من الغضب الذى يعتليه
.................
توجهت لؤلؤة إلى غرفة فيروز تخبرها بذهابها
دقت على باب غرفتها بضع دقات حتى أذنت لها بالدخول ؛وجدتها تجلس هى وندى وجو المرح يسودهم
ألقت عليهم تحية الإسلام لتقول : مضطره أروح المطار أستقبل أخويا لأنه خلاص وصل وبيعمل الإجراءات
فيروز ببسمه وعطف : الحمد لله على سلامته
ماشى يا حبيبتى روحى
قالت لؤلؤة وحرجها يزداد : وهرجع بيتى تانى لأن أخويا محتاج واحده جنبه ؛ كفايه سنين الغربه اللى عاشها
فيروز متفهمه: ماشى يا لؤلؤة بس هتيجى كل يوم أكيد
لؤلؤة : إن شاء الله
ندى محدثه لؤلؤة : ما تخدينى معاكى يا لؤلؤة أروق شوية بدل قعدة البيت
لؤلؤة بفرحه :يا سلام!!! بس كده
تعالى معايا يلا
انطلقت الإثنتان إلى المطار ؛ إحداهن ذاهبه للقاء عزيزها وأخاها والأخرى لا تعلم بأنها ستلتقى بنصفها هناك
عجيب أمر هذا القدر ؛ القدر غالب ودائما ما يفوق التوقعات ليحطم ترتيبات أعدت بإحكام
لكن بنى البشر لهم كتاب فمهما رتبوا ومهما أعدوا لن يحدث إلا ما أعده الله

رواية شريفه فى غابة الأسود
بقلم ندى عماد
الماسه اللامعه

شريفة فى غابة الأسود حيث تعيش القصص. اكتشف الآن