الفصل الثالث عشر

538 14 0
                                    

الفصل الثالث عشر
وصلت لؤلؤة ومعها ندى إلى المطار
جالت لؤلؤة ببصرها قليلا تبحث عن أخيها نظرت الى أحد الأشخاص فظنته هو؛ خفقات قلبها أخذت تتزايد ؛ خطوات اتجهت ناحيته وهى أقرب للجرى ؛ نادت عليه بصوت خافض فالتفت لها ليظهر شخص آخر
اعتذرت له وتابعت بحثها
لفت نظرها شخص يجلس على كرسى يوليه ظهرها ؛ أدمعت عينيها لتقول من وسط تلك الدمعات : أجل ؛ إنه هو
ذهبت إليه وخلفها ندى تتبعها وما إن وصلت حتى قالت : احم احم!!! طيبون يا أفندم
ظهرت ابتسامته الفتاكه لتعلنه وكأنه ملكا قادما من إحدى الممالك والسلاطين ؛ ابتسامه تسلب لب من يراها فيتوج بسببها ويرتدى تاجا يميزه بتلك الإبتسامه التى يفتقدها الكثيرين
أغلق الكتاب الذى كان مشغولا بقراءته ليلتفت لها ويضع يده جانب رأسه كما الضباط قائلا بنبره مرحه تحمل فى طياتها الضحك والسرور : طيبات يا حضرت العميد
زادت دموعها برؤية طلته تلك ؛نظرت له من أسفل إلى أعلى لتقول فى نفسها : حسنا!! لقد كبرت عزيزى
قالت من بين شهقاتها ودمعاتها المتزايده : إسلام
جلس على الكرسى مرة أخرى وهو يقول بنبرة دراميه ضاحكه : يوووووه!! تزعلى تعيطى
وحتى لما تفرحى بتعيطى ؛ أنا هرجع تانى
مش لاعب معاك يا أختى
ضحكت من بين دمعاتها ليقول : أيوا كده خلى الشمس تطلع ؛ دا أنا مش شوفتها بقالى كتير
ارتمت فى أحضانه تبكى بداخلها ؛ سنوات من العذاب والحرمان حتى تراه كما هو عليه الآن
تعبها لم يذهب سدى ، فقد صار كما تمنته
أصبح كما أرادت أن يكون ؛ شدد من احتضانها هو الآخر فهو يحتاج إلى ذالك الحضن أكثر منها ؛ سنوات من الغربه والإشتياق
حان الوقت ليروى ظمأة ويكون لأخته السند والعكازه التى تعتكز عليها عندما يميل عليها الزمان
حاول تغير الأجواء بمرحه المعتاد ليقول ضاحكا : خلاص يا لؤلؤة ، بطلى بكاء
دا القميص جديد هيبوظ كده
ضربته فى صدره برفق ليضحك وتضحك هى أيضا ؛ آثار انتباهه صوت ضحكات ألقيت على مسمعه فكانت كترنيمه تعزف برفق تطرب لها الأذن وترتاح لسماعها ؛ نظر لها نظرات حائرة لا يعلم من هى ؛ لاحظت لؤلؤة الجو المشحون بينهم فندى تنظر لأسفل بحرج بينما هو الآخر يسبح فى عالم آخر لتقول أخيرا بعد صمت خيم على المكان : أحب أعرفك يا إسلام
دى ندى الكنانى
تحولت نظراته للغضب الجامح لمجرد ذكر اسم عائلة الكنانى أمامه ، لاحظت لؤلؤة عليه ذالك لتقول : ندى دى أختى وصاحبتى
لانت ملامحه قليلا بعدما سمع أخته تصفها بأنها أختها ، نظر إلى أسفل ليقول : السلام عليكم بعتذر منك
ابتسمت بخفه لتقول لؤلؤة : يلا نروح
ندى مسرعه : بس أنا لازم أرجع الفيلا
_هنوصلك فى طريقنا قالتها لؤلؤة وهى تنظر إلى إسلام الذى أيد كلامها ؛ لينصرفوا من المطار بعدما طبع هذا المكان ذكرى رائعه بداخلهم ، ذكرى لقاء عاشقين رتب القدر لإجتماعهم 
....................ٌ.
سارت خلفه وهى تحمل الطفل الصغير تحاول تهدئته من البكاء ، صدمت حينما وجدت نفسها فى أحضان آدم وهو يحيطهما معا بيده فمثلت يده كحصن حصين حجب وجهها عن المارين وهذا هو المطلوب
بعدته عنها بعنف وقسمات الغضب ظهرت عليها فجعلتها شرسه على وشك الفتك بمن يحاول التقرب أو التودد إليها ؛ هكذا نحن بنات حواء لا نحترم سوى الرجال ؛ كل الرجال ذكور لكن حقا هل كل الذكور رجال ؟؟
سؤال يحتاج لجواب وجوابه لابد من أن يكون مثال حى أمامنا
أخذت هذا الأمر فوضعته فى وضعية "بالغ الأهميه " بل هو حقا كذالك
أشار بيده خلفها ؛ نظرت له بعدم فهم
التفتت لترى من يبحثون عنها ، استدارت بوجهها سريعا تخفيه عن مرآهم
_"مفيش قدامنا وقت" قالها آدم وهو يهم بالرحيل ممسكا هاتفه يحادث يوسف عله يبعث له سيارة فالمكان ليس بعيدا عن الفيلا لكنهم بحاجه إلى سيارة
ماهو إلا وقت قليل حتى أتت السيارة المطلوبه
ركب آدم بها ومعه أسماء والطفل الصغير الذى هدأ من روعه قليلا ؛ وقف فجأة وخرج من السيارة سريعا ليدور بعقلها الأفكار
التفتت حولها تستكشف المكان لتقول : نهار إسود!! دا خطفنا ؛ طب أعمل ايه دلوقتى ؟
شددت من احتضان الطفل الصغير وماهى الا بضع دقائق حتى سمعت خبط على زجاج السيارة ؛ اتضح أنه آدم
_" ينفع الحليب ده له ؟؟" قالها وهو يمد يده بعبوة الحليب فأخذتها منه وركب السيارة ليستكملوا طريقهم
وقف مرة أخرى لكن هذه المرة أمام دار الأيتام
نزلت من السيارة ونزل هو خلفها احتضنت الطفل بشدة حتى كادت أن تعصره بين يديها لتقول بحزن : حسنا صغيرى ، حان وقت الوداع
تحدثوا مع مدير الدار الذى ظنهم والديه الحقيقين .زالت كل توقعاته عندما علم أن من يقف أمامه آدم الكنانى أخذ منهم الطفل وسألهم ما إن كان له إسم
قالت أسماء سريعا : يوسف ثم تابعت مؤكده _أجل إنه يوسف
ودعته وقد نزلت دمعاتها بالفعل ؛ أحست وكأن أحد يسحب روحها عن جسدها ليجعلها بلا روح وكيف العيش بدون روح
استدارت مودعه المكان لتقول فى نفسها وهى تلقى نظره أخيره عليه : لن أقول وداعا بل سأقول إلى اللقاء
من يدرى ماذا يخبىء هذا القدر ؛ تراه أيخبىء لى سعاده فى أحد أرجاء هذا العالم الغريب ؟
ترى إلى أين تسوقنى قدمى وإلى أين يأخذنى قدرى ؟ هذه الحياة.... هذا الكون... محبه...كره
يختلط بهذه الدنيا الكثير ترى كيف تكون الآخره
وجدها شاردة بأفكارها افتعل حركه بيده تصدر صوتا علها تفيق
نظرت له مستفهمه ليقول : يلا عشان نروح الفيلا
ركبت معه السيارة فقاد السيارة عائدا إلى الفيلا ليأخذ نصيبه من الفكر هو الآخر : لما هذه الفتاة الآن ؟ أسيكون لها دور فى حياتى ؟ وهل سأكون شخصا شريرا أم شخصا صالحا ؟
ما هو دورى هذه المره ؟؟
..................
دخلت بفرح وهى تتمشى بخطوات بطيئه فرحه وكأنها لقت كنزا ؛ دخلت والبسمه تزين وجهها ؛ وجدت والدتها تجلس إلى جانب أيهم
نظر إلى أخته بنظرات مستفهمه ؛ نظرات مشتاقه تبحث هنا وهناك ؛ نظر خلف ندى ينتظر رؤيتها ليستشيط غضبا من عدم حضورها ؛ فضلت المسمى إسلام عنه ولما تفضلك أنت ؟ ماذا تعنى لها يا أحمق ؟
انتبه إلى حديث أمه ووالدته
ندى بفرحه : تعرفى يا ماما ، إسلام دا طلع شخص كويس
فيروز وهى تشاكس ابنتها : وايه اللى عرفك بقى!!!؟
ندى بتلعثم وتوتر : هاا... أنا قولت بس إن من شكله كده وباين إنه كويس
فيروز بمرح وقد قررت أن تضغط عليها أكثر : أراكى متوترة يا فتاه
_"يوووووه يا ماما مفيش حاجه" قالتها ندى وهى تخفى عينيها عن والدتها ومن ثم أدارت وجهها معلنه عن وشك إنصرافها
_ "عليا يا بنت بطنى "قالتها فيروز ببسمه بشوشه تزف لها السعاده
الأم ليست إسم فقط ؛ كلمة تحمل معانى كثيره
نظرة واحده قادرة على أن تكشفك أمامها
تحاول أن تخفى ؛ تخفى عن العالم لكن ستجد نفسك تلقائيا تخبرها بما تخفى
مخطىء من ظن أن اليتيم هو يتيم الوالد
اليتيم يتيم الأم ؛ الأمومه شعور يتولد بالفطره لا يحيط به الكلمات ولا تصفه أدق العبارات
انصرفت ندى سريعا من أمامها ؛ لا تدرى لما تفعل هكذا ، لا يوجد شىء لتخفيه عنها ومع ذالك تحاول الهرب ؛ ربما تحاول الهرب من الواقع أو تحاول أن تمنعها من التعمق أكثر فى عينيها فتكتشف ما يجول بخاطرها
حسنا!!!!! اهربى يا فتاه ؛ فمهما هربتى ومهما أخذتك قدمك ستعودين إلى نقطه يريدك القدر أن تكونى فيها
كثر تحدوا القدر..... كثر حاولوا تغييره... كثر حاولوا الهروب منه ، لكن كم شخص من هؤلاء نجح
افعل يا ابن آدم ما تريد ؛ فأنت تريد والله يريد
والله يفعل ما يريد
افعل يا ابن آدم ما شئت فعند إصدار القرار قرار واحد سيكون هو المصير ومقوله واحده يقولها الخالق تشعرك بكم الرهبه " كن فيكون "
...................
احتضنت وجهها بين يديها تهدىء من روعها وهى تحكى لأخيها عما حدث بغيابه
منعت الدموع أن تسقط من مقلتيها فعند الشكوى لبنى الإنسان تصعب عليك نفسك وأنت تشكى له ؛ صدق من قال " أن الشكوى لغير الله مذله " حتى وإن كان أخيها فالله أولى وأفضل من يسمع لها
عادت إلى جو المرح لتذهب الحزن عن قلب أخيها ؛ استطاعت تغيير موضوع الحديث وهى تقول : عملت ايه هناك ؟ إن شاء الله تكون رجعت منتصر!!
نظر لها بنظرات حزن وخزى وهو منكس الرأس يمنعه الحرج من رفعها أمامها ؛ قام من على الكرسى وأدار لها ظهرها ، استنتجت أنه لم ينجح ولم يتخرج بعد
ذهبت إليه تواسيه وتشد من أذره اقتربت منه قائله : حصل خير يا إسلام! وايه يعنى متخرجتش التخرج مش كل حاجه فى الحياه والحمد لله انك رجعت ليا بالسلامه
أخرج من حقيبة سفره ووضعها أمامها مباشرة لتسقط دموعها من الفرحه فبالفعل قد تخرج وأصبح المهندس هو لقبه
شدد من لياقة قميصه وهو يقول فى غرور مصطنع : اسمى المهندس إسلام البحيرى
لؤلؤة : لازم تاخد هديه 
إسلام كما الطفل الصغير يفرح بكلمة هدية : كلك مفهوميه يا لؤلؤة يا عسل انت
ضحكت من كلامه المبين وكأنه طفل فى عامه الخامس وعدتها والدته بلعبة
الرجال يبحثون عن أم ؛ بداخل كل رجل طفل لا يظهر إلا مع من يحب
_"هتروحى الفيلا تانى" قالها إسلام بعد تردد وصمت دام طويلا
لترد عليه قائلة : هروح وهبقى أرجع
احنا اتربينا على مساعدة الناس حتى اللى يأذينا
_"ربنا يسعدك ويسعد أيامك يا لولو ويجعله فى ميزان حسناتك "دعى لها بقلب خالص لتقول هى : ولك بالمثل
ذهب كل منهم الى غرفته يستعد لنوم عميق هادىء ؛ لؤلؤة ولأول مرة تستشعر بدفء البيت منذ سنوات ، ولأول مرة تضع رأسها على وسادة نومها وتنام بسلام
وإسلام هو الآخر شعر بالراحة برجوعه للمكان الذى ينتمى إليه
السند.... الأخ.... الشقيق
معان تشعرك بسعاده غريبه فتجعلك تطفو فوق سطع السرور والبهجه ؛ حينما تجد ظهر لك فى هذه الحياة... حينما يكون سندا يدافع عنك ويصد عنك عقبات الحياة... حينما يكون لك شخص يدعمك ويوجهك إلى الصواب
اعلم انك ملكت كنزا عظيما لايملكه الكثيرين

رواية شريفه فى غابة الأسود
بقلم ندى عماد
الماسه اللامعه

شريفة فى غابة الأسود Where stories live. Discover now