الثامن

17.8K 477 9
                                    

الفصل (8)
بعنوان " تائه !! "

انفاسه اخذت تتصاعد وتتزايد وهو يتحرك علي تلك الالة الخاصة برياضة المشي .. تصاعدت وكأنها السنة لهب وليست بأنفاس عادية كما برزت عروق يده من كثرة ضغطه عليها يكاد ينفجر من الضغط الذي يضغطه علي نفسه .. كلما تذكر انها الان بنفس بلدته وتتنفس نفس هوائه يزود من سرعة تلك الالة انه الغضب .. انه الغيظ .. انه الكرة الذي يسيطر عليه .. ياله من شعر بغيض عندما تكره من يجب ان تكون اقرب الاناس لك
هل رأيت يوما رجلا يكره والدته ؟!
يتمني بعدها .. ويتمني قتلها ؟! ينادي كتاب الله ببرها وهو يكرهها لحد الجحيم !
ماذا فعلت هي لكل ذلك .. اقتلت طفولته .. اأزهقت مراهقته .. ادمرت برائته .. اجعلته رجلا قبل ان يحين معاد نضجه
ماذا فعلت هي معه ؟ حتي تكون في باله بهذا الحد الكبير .. يوسف الذي لم يهتم بشخص يوما تلك السيدة لا تفارق خياله .. كرها او بغضا او حبا لا يهم لكنها لا تغادر ..

ابتسمت وهي تنظر للنيل من خلال شرفتها وجريان المياه فيه ذلك المنظر الرائع الذي تحبه هي منذ صغرها .. كانت تراقبه ببسمة ممزوجة بحزن .. حزن بات لا يفارقها منذ قديم الازل .. تنهدت وهي تتخيله امامها .. صورته الاخيرة التي تحتفظ بها له في مخيلتها وهو برئ ويبتسم
_ماما .. مش هتروحيله
نظرت خلفها حيث ذلك الصوت الذي خرج من اكبر بناتها لتتنهد وهي تجد ابنتها تراقبها بشفقة وترد بصوت يملئه الاسئ:-
_وتفتكري هيرضي يقابلني ياكارمن
ردت بأختصار وكأنها لا تعلمه:-
_ممكن ياماما قلبه يحن عليكي وتقابليه
ردت السيدة جلنار بقهر:-
_يبقي لسة متعرفيش اخوكي ياكارمن .. يوسف جواه جبال قسوة وجبروت انتي متتخيلهاش وانا للاسف السبب في الجبال دي
ظهر صوت اخر وكأنه خرج من العدم هاتفا بنبرة عادية لا تميل للشفقة او للحزن :-
_انا اسفة ياماما علي اللي هقوله بس هو معاه حق .. انتي سيبتيه ومشيتي ومفكرتيش تبصي حتي وراكي
ردت بسرعة وكأنها تدافع عن نفسها امامهم:-
_مكنش في قرار في ايدي غيره .. صدقوني كنت مجبرة مش مخيرة
ردت الفتاة بصوت كأنه قاسي:-
_هو عمره ما هيفهم كدا .. عارفة لية ؟! لان الابناء دايما شايفين وحاسين ان الام ممكن تضحي بحياتها علشانهم ومش بيسمعوا غير بكدة عارفين انها بتضحي علشان تبقي قريبة من ضناها وتحميه وتربية بنفسها لكن انتي لا حاربتي ولا ضحيتي

لمعت عيون جلنار بالدموع ورغم ذلك لم تحن تلك الفتاة مما دفع كارمن للحديث موجههاه لشقيقتها:-
_اتكلمي كويس مع ماما ياروان .. واعدلي كلامك شوية وخلي بالك منه
تقدمت من والدتها واحتضنتها من الخلف وهي تهمس بصوت مسموع:-
_انا اسفة ياماما بس انا متعودة اقول الحق
ربتت علي كتفها وهي تهمس بصوت مبحوح:-
_ولا يهمك ياروان انا مش زعلانة
______☆______☆______☆______☆______
كانت تجلس علي فراشها وبيدها طبقا من الفشار تتناول منه بينما تشاهد التلفاز الذي كان يعرض احدي المسرحيات الكوميدية وحيدة بعدما عادت ندي من الخارج ووجها قد اصفر بسبب شيئا لا تعلمه وتعللها بالتعب ورغبة في النوم
فتركتها لتفعل ما تريد وقد قررت بداخلها انها عند الاستيقاظ ستحادثها حتي تعرف ماذا حدث لها بالاسفل..
تعالت ضحكاتها اكثر وتزامن مع ذلك علو صوت الجرس الذي ما ان سمعت صوته حتي وضعت يدها علي دقات قلبها تضرب عليه برفق وكأنها علمت من هو قبل دخوله حتي
لذلك اعتدلت في جلستها سريعا وظلت تبتلع ريقها عدة مرات وتتنفس زفيرا فشهيقا لعلها تهدأ وبين هذا وذاك كانت تضرب علي دقات قلبها برفق محاولة ان تهدئ من خفقاته
لحظات ووجدت الباب يفتح ويدخل هو .. عادته تلك يدخل دون استئذان وكأن البيت بيته ؟! ومن بداخل البيت ممتلكاته !!
هتف وهو يطالعها من رأسها لقدمها:-
_عاملة اي دلوقتي
ابتلعت ريقها وردت بهدوء:-
_كويسة الحمدلله
تقدم ناحيتها اكثر ليجلش علي احدي المقاعد الموجودة بالقرب من الفراش واضعا قدما علي الاخري .. لتتوتر هي من حركته تلك
ظل لحظات هادئا قبل ان يتحدث فجأة:-
_حاسس اني تايه يالين ومش عارف اعمل اية .. اول مرة من زمان كتير ابقي مش عارف اخد قرار .. واقف مكاني لا عارف ارجع ولا عارف اتقدم .. عايز اقتل وعايز اصرخ وعايز اعيط .. تصدقي اني انا عايز اعيط يالين ؟! يوسف عايز يعيط .. شعور الكره والتوهان دا وحش اووي لا انا عارف اسامح وانسي ولا انا عارف اجرح واقسي .. مش عايز اجرح علشان مش عايز اقرب ومش عايز اقابل .. مش عايز اقابلها يالين .. ولا المحها حتي عايز اأذيها بس مش عايز اشوفها وانا باأذيها .. تعرفي ليه...

رواية " دمية بين براثن الوحش " بقلم .. زينب سميرWhere stories live. Discover now