التاسع

16K 454 5
                                    

الفصل (9)
بعنوان " لعلها !! "

لعلها بداية النهاية .. لعلها نهاية البداية .. لعلها فرصة للغرق او فرصة للنجاة .. لعل الحب قادم او ان الكره سينتصر .. لعل القلب سيحن او سينتقم .. لعل السند جاء او الهدم .. لعل كل شيئا وعكسه قادما ونحن لا نعلم ،،

ابتلعت ريقها للمرة التي لا تعرفها وهي تنظر له في تلك الدقيقة فقط .. تراه جامدا مبعثرا وكأنها رأته من داخله يبدو انه كان يريدها منذ زمن يريد من تفهمه دون حديث .. كان يريد شقيقته وابعدته عنها الظروف .. لم تعرف هي او اي منهم ماذا عليه ان يفعل .. من سيبدأ الحديث ومن سيبدأ الصراخ .. من سيعاتب ومن سيبكي !
لكن تغلب شعور الامومة علي السيدة جلنار وهي تقطع الخطوات التي تفصلها عن ابنها وتمد يدها لتضعها علي كتفه ولكن ما ان لمست يدها كتفه حتي انتفض مبتعدا عنها وكأن ماسا كهربيا لمسه .. يا لوجع القلب من هذا احساس ومن هذا موقف ومن هذة رده فعل
التف لها فجأة وكأنه مفزوع لتجفل هي بينما توحشت نظراته للسواد الغامق وتغيرت نبرته للقسوة هاتفا فيها:-
_اياكي تلمسيني تاني .. ايدك دي متلمسنيش تاني ، سامعة
امتلئت عيونها بالدموع وهي تقول بصوت باكي مهموس ولكنه رغم ذلك مسموع:-
_يوسف
اغمض عيونه بنفاذ صبر وكأنه لا يتحمل ان يسمع صوتها حتي لكنها لم تصمت بل اكملت بدموع اغزر:-
_انا اسفة يابني
ضحك بسخرية عاليا .. ضحكات اشعرتهم بالفجع لا يضحك هو بل كأنه يخرج كبت ووجع سنوات !! اقلقتهم ضحكاته العالية تلك
توقف فجاة عن الضحك واغمقت عيونه اكثر وكانه تحول فعلا لوحش وهو يصرخ بوجهها قائلا:-
_اسفة !! اسفة علي اية ولا اية ؟ علي سنين ضاعت من عمري وانا مستنيكي ترجعي تاخديني .. مستنيكي تحني وتفتكريني .. اسفة علي دموعي اللي جفت ، اسفة علي النار اللي مطفتش من زمان اووي .. نار بتحرق فيا ، بتهلكني من جوايا
صمت للحظة وكأنه يأخذ نفسه ثم صرخ مرة اخري:-
_فاكرة زمان لما مشيتي .. لما مسكت فيكي وسبتيني فاكرة دموعي اللي نزلت ولا مش فكراها ، سيبتيني علشانهم

التف بنظره لأشقائه واكمل:-
_علشان دول .. علشان تحميهم ، تعرفي انا بكرهك وبكرههم ولا بطيقك ولا بطيقهم
التمعت الدموع بعيون الجميع .. شقيقاته اللاتان لا ذنب لهم !

اقتربت روان منه وهتفت بدموع:-
_يوسف بس احنا اخواتك .. احنا ملناش ذنب
طالعها بقسوة لمدة دقيقة بصمت وكأنه يري شيئا غريبا وثم هتف بجفاء:-
_انا مليش اخوات
وثم ماذا ؟؟ تركهم وغادر ، دون حديث اخر !

تعالت شهقات السيدة جلنار وهي تتركهم وتسرع لغرفتها لتنظر روان لكارمن بألم وهي تري الدموع بعين الاخري وكأنها تقول لها .. ارأيتي .. ارأيتي من الذي تألم ومن الذي شكي ومن يستحق الشفقة ومن يستحق الحزن والالم .. تخبرها ان البعد يولد الجفاء خاصة لو كان بين ام ومولودها
______☆______☆______☆______☆______
اخيرا وقف علي قدمه بعذ عذاب طويل مع آلامه كان يشعر وكانه لن يقف مرة اخري عليها لكن بعون الله هو الان يعود لما كان عليه قديما .. باسم الشاب الرائع ذو الاخلاق الحميدة والحسنة ، اقتربت الام وبيدها اثرية صغيرة مجوفة من الداخل وبها قطع ذو روائح طيبة وما هي الا بخور ظلت تحرك تلك الاثرية بالقرب منه وهي تتمتم بجمل بسيطة ليبتسم هو متحدثا:-
_يعني ياامي هتحسد من اية انا بس
ردت وهي تكمل ما تفعله بتركيز وكأنها تقوم بمهمة قومية:-
_ياحبيبي انت في زيك .. طول بعرض بحلاوة وبرضوا الواحد لازم يخاف من العين
اتسعت ابتسامته من حديث تلك العجوز ذات القلب الطيب وتركها تفعل ما تريد
لتخرج بتلك اللحظة نسمة من غرفتها لتجده يقف منتصبا في منتصف الصالة .. اخيها وتوأمها يقف علي قدمه وقد عادت قوته مرة اخري ياله من شعور رائع .. تشعر بالامان قد عاد اخيرا .. ففي وقت تعبه كانت تشعر وكأنها معرضة للخطر في كل وقت
تقدمت نحوه بخطوات مسرعة وهي تبتسم وبلحظة واحدة كانت تلقي بنفسها في احضانه لتتعالي ضجحكاته عليها بينما هتفت الام محذرة اياها:-
_براحة يابنتي هو مش قد هبلك دا دلوقتي
قبل شقيقته من وجنتيها وهي يقول بحب:-
_خليها ياامي والله وحشتني اوي ووحشتني نطتها دي
اخرجت لسانها بضحك لوالدتها لتبتسم الام عليها بينما وجهت بسمة نظراتها له وهي تقول بعيون ضيقة متسائلة:-
_لابس ومتشيك يعني
رد عليها بهدوء:-
_رايح ازور الاستاذ حمزة علشان الشغل
هتفت والدته بقلق:-
_ما تسيبك يابني من الشغل دا .. وكغي شرك خيرك
رد عليها ببسمة مطمئنة:-
_متقلقيش دا كان موقف ومش هيتكرر تاني بأذن الله
قالت بضيق:-
_طيب مترقصش مع لين دي تاني
ضحك عليها وهو يقول بحزن علي تلك اللين:-
_هي خلاص مش هترقص تاني .. عرفت انها اعطت وعد لجوزها اقصد طليقها بانها مش هترقص مقابل انه يسيبني
تنهدت السيدة سعاد وهي تهتف:-
_فيها الخير والبركة بس دي ياحبة عيني اية اللي وقعها في واحد زي دا
رد باختصار:-
_النصيب ياامي بقي

رواية " دمية بين براثن الوحش " بقلم .. زينب سميرOpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz