ربما بسبب الحمى!

37 6 2
                                    



مرت الأيام الأربعة الأولى بهدوء، لم تخرج أميليا من غرفتها حتى اللحظة، تمر على باب غرفتها - التي يقف على كل طرف حارسين 

- الملكة بانتظام، أتت الملكة اليوم أيضاً، نظرت نحو الحارسين ثم دخلت، وما هي إلا لحظات حتى خرجت بملامح مجعدة من 

الغضب. بعد أن رحلت سأل الحارس الشاب الحارس الأكبر سناً:

- ترى هل ستصمد سمو الأميرة على هذا الحال؟

- من يدري!

همهم الحارس الأكبر سناً، لم ينظر باتجاه زميله، بل أشاح وجهه بعيداً كأنما يحدق في شيء لا يمكن لأحد أن يراه سواه، واستطرد:

- ما يحيرني استمرار صاحبة الجلالة بزيارتها رغم هزيمتها كل مرة.

- أنت محق!

هتف الحارس الشاب وصفق بيده كما لو أن الأمر لم يكن في باله. ثم اعتل في وقفته وقال متذمراً

- لكم سيستمر هذا الحال! أشعر بالتوتر بوجودي هنا!

- أنت محق، فكونه الفناء الخلفي المعزول من القصر، لا أحد يهتم بنظافته أو بإعماره.

نظر الحارس الأكبر سناً نحو السقف، لتسقط أتربة وحجارة صغيرة منه على الأرض، وقطعت حواره، فذعر الحارس الشاب وانكمش مكانه.

- لا تخف!

علق الحارس الأكبر سناً بانضباط:

- فهذا الحال لن يدوم طويلاً.

ونظر نحو الباب، فنظر الحارس الشاب بدوره نحو الباب الذي يخفي خلفه غرفة الأميرة.

...


داخل الغرفة، تجلس أميليا على سريرها تطالع كتاباً، وجهها شاحب ويبدو عليها الانهاك، وتبدو في خمول شديد، عندما دخلت عليها الملكة وهي تضع مروحتها المعهودة على وجهها تتطرب عيناها برؤية ضعف الأميرة أمامها، ظهرت ابتسامة خافتة على وجه الأميرة، ثم عدلت جلستها واستمرت تقرأ الكتاب دون أي اهتمام، ثم قلبت الصفحة وهي تتمتم:

- يبدو أن صاحبة الجلالة تطمح إلى جليس يؤنس وحدتها.

- ما الذي يجعلك تظنين ذلك؟

- ألستِ تأتين إلي كثيراً صاحبة الجلالة، لم أعتقد أنكِ تنتظرينني لتلك الدرجة.

- يبدو أنك تغترين بنفسك كثيراً.

- أوه حقاً!

ثم وضعت الكتاب جانباً، ونظرت نحو الملكة بثقة تتمزج بالاستهزاء، وهمست:


- أتساءل إذاً ما الذي تفعلينه هنا!

قبضت الملكة على مروحتها، ثم أمسكت أعصابها، وابتسمت بخبث، وقالت:

- جئت لأمتع ناظري بضعفك.

- آه!

رفعت حاجبيها وأستندت ظهرها على رأسية السرير، واحتضنت ذراعيها، ثم قالت:

- هل هذ الوضعية مناسبة لصاحبة الجلالة؟ أم تريدين وضعيةً أخرى؟

عضت الملكة على أسنانها، وهرولت بعيداً وخرجت، عندها تنهدت أميليا بارتياح، وعادت تقرأ كتابها بهدوء، لتسمع صوت طرق على النافذة، لولهة ظنت أنه خيالها، نظرت نحو النافذة فإذا بحجر صغير يضرب النافذة مجدداً، تجمدت مكانها لبعض الوقت، شعرت بفأل سيء حول ذلك، وترددت، إلا أن حجراً آخر ضرب النافذة، فنهضت وفتحت النافذة، ليصفها الحجر الذي من المفترض أن يتوجه نحو النافذة، ثم سقط على يدها لتجدها حصى صغيرة.

- رباه! إلى متى ستجعلينني أنتظر؟

نظرت نحو مصدر الصوت، لتجد ذلك الفتى الذي ساعدها ذلك اليوم الذي أبرمت فيه الاتفاق مع الملكة واقفاً أمام نافذتها المطلة على الحديقة الرثة يحمل في يده سلة صغيرة مغطاة بغطاءٍ أبيض، وسرعان ما ناولها إياها، فتراجعت بتلقائية، ونظرت نحوه بترقب.

- ماذا!

علق بامتعاض:

- هل تقابلين من يقدم لكِ المساعدة بهذا الشكل؟

- ما هذا؟

سألت بسرعة، فنظر الفتى نحوها بدهشة، أشاح وجهه وهو يحك رأسه، ثم قال متذمراً:

- لا أعرف، طُلِبَ مني إيصاله فقط!

نظرت أميليا نحو السلة بارتياب ثم إلى الفتى، ذلك الفتى الأنيق ليس باللطف الذي تظنه، لا تزال تلتمس شيئاً خاطئاً، ربما هو يقول ذلك حتى لا تسأله أكثر، لكن عندما هم بالرحيل، صرخت:

- انتظر!

تجمد مكانه ونظر نحوها بعينين مدورتين، بدا لوهلة كطفل لطيف، ثم نظر نحو السلة التي تمد نحوه، ثم نظر نحوها مجدداً، وجهها الشاحب يجعل نظراتها المحقرة أشد رعباً، ما أجبره على التسمر دون أي اعتراض:

- عد إلى سيدك، وأخبره أنني سأعيد وصيفتي مهما كلف الأمر.

تناول الفتى السلة بيدين مرتجفتين، ابتلع ريقه وهمس:

- أمرك!

ورحل بسرعة، أخذت تنظر نحو حتى اختفى، عيناها سارحتين في فراغ واسع وكأنها سبحت في مكان اللانهاية، ومضت عدة ومضات وعادت إلى رشدها، وضعت كفها على جبينها وهمت نحو سريرها وهي تهمس في سرها:

"ربما بسبب الحمى!"

وعادت تستلقي على سريرها تطالع الكتاب.

...

أميري اللطيف - My Lovely PrinceTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang