فتاةٌ مطيعة!

47 6 3
                                    


على السرير فتاة بالكاد يمكن تميزها، وجهها الشاحب ونحول وجنتيها جعل منها تبدو كالأشباح، استلقاءها الدائم، اعتقدت لوهلة أن سيوفر طاقتها ولكنها الآن بالكاد تقوى على النهوض.

"بقي يومين"

أخذت تفكر، لكن الملكة لم تأتيها بأي زيارة بعد ذلك اليوم، عدم حضورها يجعلها تشعر بالكثير من الريبة، الصمت والهدوء هذا يجعلها تشعر بعدم الارتياح، لكن ريبتها كانت في مكانها، ما إن رفعت رأسها عن الوسادة قليلاً حتى بدأت تفوح رائحة الطعام الشهي داخل غرفتها، نظرت نحو باب غرفتها من مكانها فوجدت البخار يدخل من أسفله، تنبهت للأمر بسرعة وقبل أن تدرك وجدت نفسها تقفز من النافذة نحو الخارج وتغلق النافذة، ثم سرعان ما شعرت بالانهاك، سقط جسدها على الجدار واستندت حتى سقط جسدها على الأرض.

"هاه!"

تنهدت:

"يا للسخافة!"

هل وصلت الملكة لدرجة الإفلاس كي تستخدم هذه الحيلة الرخيصة؟ في الجهة الأخرى يقف حارسين يمسكان بمروحتين ضخمتين وينفخان في الأطباق المملوءة بالطعام كي تنتقل رائحتها داخل الغرفة، بينما تقف الملكة خلفهما تضع على وجهها مروحتها لتخفي ابتسامة مرعبة.

...

أخذت بعض الوقت تسترد قوتها التي أوشكت على الانهيار، إن بقيت هنا لا تعرف كم من الوقت ستصمد النافذة في منع الرائحة من الانبثاق، همت تسحب نفسها شيئاً فشيئاً وهي تسند نفسها على الحائط، تزحف خطوة خطوة حتى ابتعدت عن النافذة شيئاً فشيئاً حتى اتجهت إلى الجهة الأخرى من الفناء، هناك حيث أشعة الشمس تغطي مرجاً شاسعاً خلف سياج خشبي صغير، خلفه تكمن الجنة، حيث الأزهار تتراقص بأبهى الألوان، من تويلب وكاميليا، تنثر نسائم لطيفة رائحتها العذبة، وتحرك أغصان أشجار التفاح والبرتقال والكرز مداعبة.

نظرت أميليا نحو اللوحة التي أمامها بذهول، كيف لم تكتشف هذا المكان من قبل، وهو ليس بهذا البعد عن فناءها، لكنها تراجعت لولهة حين بدأت تحسب حساباتها، هل سأخسر إن عبرت هذا السرج، هل يتم إختبارها من جميع النواحي؟ جسد عائم بظلال مشوشة يقف خلف السياج، تعتقد أنها ترى يده وهي تحثها على التقدم، مدت يدها، هل هذا مجرد سراب، بالكاد تستطيع تميز يدها وهي تمتد أمامها، قبضت عليها ثم سحبتها تكمش نفسها، وصرخت:

- لا!

- هل أنتِ حمقاء؟

يداها اللتان تسندانها على الحشائش ترتجفان، وعيناها بالكاد ترى شيئاً، إلا أنها تجمدت مكانها إثر سماع صوته، صوتٌ ليس بذاكرتها قط، حاولت بقدر طاقتها أن تتذكره ولكنها بالكاد تملك القوة لتفكر. في تلك اللحظات شعرت بذراعه تستند على الحائط وشعرت بحرارة جسده تلسعها بالرغم من المسافة التي تفصلهما، ثم شعرت بملمس ناعم يقترب من شفتيها، واشتمت رائحة الطماطم، لتسحب وجهها بعيداً، ثم سمعت تنهيدة، وشعرت بالملمس الناعم يضرب شفتيها بعنف أكبر، فسحبت رأسها بعيداً.

- كفاكِ عناداً، لن يكون إنقاذ وصيفتك بذا معنى إن فقدتِ حياتكِ.

دفعت يده لكن ذراعها خانتها وسقطت، شعرت بملمس الطماطم الصغيرة على شفتيها فدفعته وسقطت الطماطم بعيداً.

- لا

صرخت:

- أنت تحاول تسميمي!

بدا صوتها منهكاً، هي بذلت جهداً كبيراً لتخرجه بالفعل، حين خرج صوته:

- لم أعد أريد تسميمك الآن.

شعرت بيد تمسك رأسها وتثبته بقوة، وقبل أن تدرك الأمر وجدت قطعة الطماطم في ثغرها، أنملته تضغط على شفتيها، حين انزاح شعرها لتجد وجهه مشوشاً أمامها، بالكاد تستطيع تمييز ملامحه، ما إن دخلت الطماطم ثغرها حتى انفخت وجنتيها، تقاوم ضغط أسنانها عليها، ثم شعرت بأنملته تضغط أكثر على شفتيها تحاول اختراقه.

- إن لم تقطميها حالاً فلا أضمن أن تدخل أنملتي حلقك.

وإذا بأسنانها تتحرك بتلقائية وتضغط عليها، فيخرج صوت ناعم يدل على سحق الطماطم داخل ثغرها، فارتخت أنملته عن شفتيها، وخرج صوته برضا:

- فتاة مطيعة!

ثم شعرت بملمس طماطم أخرى تدفع في فمها، فأخذت تأن باعتراض، لكن قبل أن تستطيع أن تتحرك دخلت الطماطم ثغرها وقضمتها أسنانها بتلقائية، ثم شعرت بيده تتحر عن رأسها، ليرتخي جسدها وتسقط لكن ذراعيها تدراكتها وأسندتها قبل أن يصطدم رأسها على الأرض، وقبل أن تدرك ما يحصل رأت ذلك الجسد المشوش يمشي بعيداً، مدت يدها في محاولة لتشبث به، تحاول التركيز في من قد يكون إلا أنه اختفى واصطدمت ذراعها بسلة صغيرة، ما إن مضغت لقمتها حتى عادت الرؤية تصبح أقل تشويشاً وبدأت السلة أمامها أوضح وهي تحتضن في داخلها حبات صغيرة من الطماطم.

...

أميري اللطيف - My Lovely Princeحيث تعيش القصص. اكتشف الآن