إنها استراتيجية

28 5 3
                                    


مرت عدة أيام على اعتناء الوصيفة ماشا بسيدتها، استعادت خلالها عافيتها ونشاطها بسلاسة، ومرت تلك الأيام بسلام، يبدو أن صاحبة السمو لم تجرؤ الحضور على إزعاجها بعد الآن، ولكن هذه ليست سوى البداية.

جلست الأميرة أميليا في الحديقة على بساط فرشته لها وصيفتها، وهمت وصيفتها تقتلع الأعشاب الضارة وتجز الحشائش بأدوات الحدائق المتروكة في مخزن صغير متهالك بعد أن نظفتها وجعلتها قابلة للاستعمال. بينما تقوم أميليا بتفحص الطماطم بابرة صغيرة، وبعض المعدات المخبرية الشفافة التي وجدتها في المطبخ.

- سيدتي، أليست هذه المرة الرابع عشرة التي تقومين بتفحصها؟

هزت رأسها بهدوء وهي تركز نظرها في الإبرة التي غرزت بالحبة، وهمست:

- لأنه غير ممكن.

- ولم لا؟

نظرت نحوها بعينيها الباردتين وقالت بغموض:

- إنها استراتيجية!

فقزت ماشا بازعاج، وصرخت برجاء:

- سيدتــــي!!

رفعت أميليا أنملتها على ثغرها إشارة لها بالصمت، فنفخت ماشا وجنتيها بانزعاج، وهمت تعود إلى عملها، وبعد دقائق من الصمت، قالت ماشا بمرح:

- علينا أن نجعل هذا المكان جيداً لتستطيع سيدتي العيش فيه.

- ليس وكأنني سأعيش كثيراً.

فرفعت ماشا جسدها وواجهت سيدها التي لا تزال منشغلة بما يخصها، وقالت:

- لكن وجود سموك سيغير هذا المكان بالتأكيد.

- ليس وكأنني أرغب بذلك!

- إذاً، لم رفضت سيدتي عرض الأمير لايونيل؟

توقفت أميليا عن غرز الحبوب بالإبر، وأطرقت تفكر للحظة، خصل من شعرها الأسود اليلي المخمل تتموج على وجهها العاجي، عيناها الباردتين وشفتيها الورديين اللتان يتمركزان على ذقن دقيقة كأنها منحوتة من منحوتات الآلهة، شدهت وصيفتها لوهلة، شعرت بالبرد يعتصر جسدها فهمت تعانق كتفيها بكلتا يديها، ثم هدأت القوة الثلجية، وحركت أميليا رأسها كما لو أنها انتهت من لحظة مهمة من الحوار الداخلي، ثم عادت تتابع غرز الإبر، وهمست بجدية:

- إنها استراتيجية أيضاً.

زمت وصيفتها شفتيها، وشعرت بقلبها يؤلمها، هل وجدت لتشعر عنها؟ هل هذا الألم هو ما يجب أن يكون في قلب سيدتها؟ لكن قلبها يؤلمها لسبب آخر، رغم كل ما يبدو عليها من جلد إلا أنها تعلم تماماً سيدتها تمام المعرفة، فهي رفيقتها منذ الطفولة، لكنها لا تزال لم تفتح لها قلبها لتفصح لها عما يخالجها، حتى لو كانت تشعر به.

أميري اللطيف - My Lovely PrinceWhere stories live. Discover now