لا تقلقن، سوف تهدأ قريباً

26 4 0
                                    


مضت نحو المكتبة بسلاسة، ففترة خروجها لم تنتهي بعد، لذلك لم يجادلها الحارس لدى رؤيتها تتجه نحوه، لكنه دهش بخروجها بالكتب التي أحضرت لها تواً.

- هل هناك مشكلة بما تحمله سمو الأميرة؟

رمقته بنظرة باردة، ثم اندفعت نحو الداخل، لتقابل أمامها أمين المكتبة الوسيم، لم يجد الوقت ليستوعب وجودها، حتى مدت الكتب إليه، وخرج صوتها بارداً كالجليد:

- كنت آمل أنها ليست من فعل هذا العبد.

نظر أمين المكتبة نحوها بدهشة، عيناها الحادتين - التي يخفيها شعرها الأسود الكثيف كالليل الحالك بدتا كنجمتين وحيدتين في تلك السماء المعتمة- تفرست كأسد يستعد للهجوم، تلك النظرة جعلته يتجمد مكانه من الذعر، إلا أنه تحلى بقليل من الشجاعة لينظر نحو الكتب التي بين يديها، ما إن رأى العنوان للكتاب الذي يعتلي الكتب، حتى احمر وجهه، ثم انحنى على الأرض:

- أرجو الصفح سموك، هذا العبد غير كفؤ ..

قاطعته:

- تقصد أن هذا العبد يستخدم هذه العبارة كعذر.

تجمد مكانه، جسده الذي بدأ بالتعرق أصبح واضحاً على وجهه، خرج صوته متوتراً:

- سموك، أرجو أن لا تسيئي فهم هذا العبد ... الأمر .. الأمر.

- صاحبة الجلالة.

خرجت كلماتها كالصاعقة، ليرفع رأسه ينظر نحوها بذعر، تعرقه أفسد شعره المسرح بمهارة، ولوث ملابسه، حين أردفت:

- سيرسل هذا العبد هذه الكتب لصاحبة الجلالة ... هذا إن كان هذا العبد آسفاً.

شاهدت شفتاه المرتجفتان ووجهه الشاحب الذي أصبح أصفراً كالليمون، لكن ملامحها المتعالية لم تتحرك، نهض الشاب بصعوبة بساقين مرتجفتين، ثم مد يديه المتعرقتين، وقبل أن يصل إلى الكتب، سحبتها نحوها، فنظر نحوها بدهشة، ثم قالت:

- أو دعني أذهب إليها.

- سموك!

تعرف تماماً أنه ليس الرجل الصحيح ليخولها بالذهاب، كما أن ذلك مستحيل، لكنها أرادت الضغط عليه وتخييره بأمرين مستحيلين كي لا يتجنب تنفيذ أمرها، ليمد يديه ويومئ:

- سيتأكد هذا العبد من إيصالها.

لكنها لم تتراجع، نظر نحوها من طرف عينه ليلتمس شكوكها، فأخفض رأسه مجدداً، وقال بحزم:

- لأعدك بذلك.

- ستندم كثيراً إن لم تفعل!

خرج صوتها غامضاً كنوع من التهديد، ثم سلمته الكتب وخرجت، بينما شعر بكلماتها تثقل على كاهله، لكنه الآن محاصر بين اثنتين من أصعب الخيارات، فعلى الرغم من ضعف قوة الأميرة في القصر، إلا أنها لم تكن لتحاصر بهذا الشكل إلا لقوتها المرعبة، هذا وسيكون خياراً متهوراً طائشاً أن يقف في صفها ضد صاحبة الجلالة، ثم إنه نفذ ما أمرته صاحبة الجلالة عليها، فكيف يضرب ضربته بالاتجاه المعاكس؟ تلك الحيرة جعلته يعض لسانه من الحسرة.

...

في غرفة صاحبة الجلالةـ، قلب المكان رأساً على عقب، لم تستطع وصيفاتها الدخول إلى الغرفة ووقفن خائفات في الخارج، بينما صرخات صاحبة الجلالة ولعناتها دوت كإعصار هائج، مر الشاب الفتي من المكان، حين نظر نحو الوصيفات متسائلاً حين همت إحداهن نحو بذعر، وأخذت تهزه بقوة:

- سيد إيلان، أنقذنا!

- ما الذي حصل؟

سحبتها وصيفة أكبر منها سناً بعيداً عنه، ثم قالت بهدوء:

- أحضرت إيما كتاباً لصاحبة الجلالة، وهي هائجة منذ ذلك الحين.

- لم أقصد ... لم أقصد ذلك!

انكمشت الفتاة بين يدي الفتاة التي تحتضنها، جسدها الصغير المرتجف دليل كافٍ على مدى ذعرها. ألقى إيلان الشاب نظرة خاطفة على الفتاة ثم نحو باب غرفة صاحبة الجلالة، ثم نظر نحو الفتاة التي تحتضن إيما، وقال بهدوء:

- لا تقلقن، سوف تهدأ قريباً.

ثم هم منصرفاً، بينما تابعت الوصيفات خطواته باستنكار.

...

أميري اللطيف - My Lovely PrinceWhere stories live. Discover now