المحاضرة السادسة

90 16 0
                                    

أثناء المحاضرة، كان غالبنا ينصت لما يلفظه الأستاذ، البعض يلهو لبرهة وينشغل ثم يعود للإنصات مجددًا، والبعض الآخر لم يزيح نظره عن الأستاذ مازن، ولم يشرد ذهنه عن المعلومات التي تذكر في القاعة هنا، كان الأستاذ كما العادة يحدثنا عن سيرة ناقدٍ ما، ألا وهو روبرت بن وارن، والذي كان مغايرًا يختص في العديد من الأصناف.

«وُلد وارن في مدينة غوثري بولاية كنتاكي الأمريكية بالقرب الحدود من ولاية تينيسي، ابنًا لروبرت وارن وآنا بين. تخرج روبرت بن وارن من مدرسة كلاركسفيل الثانوية في مدينة كلاركسفيل بولاية تينيسي، وتخرج بعدها، في عام ألف وتسعمائة وخمسة وعشرين، من جامعة فاتربيلت (بدرجة شرف، ومع عضوية في جمعية فاي بينا كابا الشرفية للفنون المتحررة والعلوم). حصل وارن بعد ذلك على درجة الماجستير من جامعة كاليفورنيا في عام ألف وتسعمائة وستة وعشرين.»

كان هذا ما أعتقه الأستاذ مازن من بين شفته؛ وبعد ذلك  أحجم عن الحديث قليلًا ومن ثم تابع:
«كان روبرت بن وارن (من مواليد الرابع والعشرين من أبريل من عام ألف وتسعمائة وخمسة.) شاعرًا أمريكيًا وروائيًا وناقدًا أدبيًا، إضافة لكونه أحد مؤسسي النقد الجديد. كان وارن أيضًا عضوًا في زمالة الكتاب الجنوبيين. أسس وارن مجلة ذا ساوثرن ريفيو في عام ألف وتسعمائة وخمسة وثلاثين بالاشتراك مع الناقد الأدبي الأمريكي كلينث بروكس، والذي سأقص اليوم عليكم سيرته اليوم أيضًا.»

وضعت صدغي على مرفقي بعدما أعدت خصلات شعري خلف أذني ووليت للأستاذ اهتمامًا أكبر، خصيصًا عندما قال أنه سيسرد لنا أعمال وإنجازات الناقد روبرت بن وارن الآن.

«لدى وارن الكثير من الأعمال، ولكنني أحبذ منهم روايته «جميع رجال الملك» والتي قطعًا سيحبذها الجميع مثلي، وأم الآن سأقص عليكم إنجازاته، لدى وارن الكثير من الإنجازات التي حصَّل بسببها العديد من الجوائز، ومنها حصوله على جائزة بوليتزر عن فئة الأعمال الخيالية لعام ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين عن روايته «جميع رجال الملك» وعلى جائزة بولتيزر عن فئة الشعر.
يُعتبر وارن الشخص الوحيد الذي حصل على جائزة بوليتزر لفئتي الأعمال الخيالية والشعر على حد سواء. كما حصل على لقب ملك شعراء الولايات المتحدة، وجائزة سانت لويس الأدبية، والكثير الذي لن يكفِ أن نقول عنه اليوم.»

توقف عندما انتهى وسألنا عن إن كان أحد منا يود لو يكمل عنه سيرة الناقد الآخر، على شرط أن تكون لديه حصيلة معلوماته مكتظة عنه، ولكوني أحب النقد وسيرة النقاد كثيرًا رفعت يدي؛ غير كوني محبًا للنقد فإن كلينث بروكس هو أحد أشهر النقّاد على المستوى العالمي؛ لذا كنت على تمام اليقين بأن حصيلتي تذخر بإنجازاته وأعماله وسيرته. حاولت إظهار إصراري عبر يدي التي جعلتها تعلو أكثر قليلًا رغمًا عن خجلي؛ لذا حينما لمحتني عيناه أشار لي لأنهض.

نهضت وأعدت شعري القصير خلف أذني بعدما عاد ليهوى على جانب وجهي، وبنبرة حاولت جعلها مرتفعة كي تصل لطلاب صفي لفظت بعدما طلب مني الأستاذ أن أتحدث عن سيرة كلينث بروكس بشكل ملخص.

«كلينث بروكس هو ناقد أدبي أمريكي مؤثر وأستاذ جامعي، يُعرف بمساهماته في حركة النقد الجديد في منتصف القرن العشرين. ولد في كنتاكي بالولايات المتحدة الأمريكية.»

توقفت قليلًا ثم أكملت:
«كان بروكس كذلك ناقدًا مؤثرًا لما يُعرف بالأدب الجنوبي في الأدب الأمريكي وكتب نصوصًا كلاسيكية في نقد أدب ويليام فوكنر، كما أنه كان محررًا مشاركًا لمجلة المراجعة الجنوبية واسعة التأثير.»

صمت هنيهة ثم تابعت:
«كان بروكس عضوًا في الجمعية الأمريكية للفلسفة،  والجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، والأكاديمية الأمريكية للفنون والآداب، كما شارك في حركة أدبية تدعى ب«النقد الجديد» والنقد الجديد هو إحدى المدارس النقدية التي ظهرت في القرن العشرين وهدفها هو القراءة المتأنية للنص الأدبي، مع استبعاد السياق التاريخي والنفسي والاجتماعي للنص، ولاسيما السيرة الذاتية للكاتب. يستخدم مصطلح النقد الحديث عادة للإشارة إلى نظرية النقد الأدبي التي بدأت بأعمال آي.آ.ريتشاردز وتي.إس.إليوت قبل الحرب في إنجلترا، ومن ثم استأنفها رموز أدبية كما جون كرو رانسوم، وكلينث بروكس والذي نتناول سيرته الآن، وآلين تيت في الولايات المتحدة إبان الأربعينيات وحتى أوائل الستينيات.»

نظرت للأستاذ الذي كان يستمع لي بإمعان وتابعت:
«كما لدى بروكس العديد من الأعمال أبرزها «الإناء محكم الصنع: دراسات في بنية الشعر» و«الشعر الحديث والتقليد» كما حصَّل بروكس العديد من الجوائز التي تصتف بإيجابية في سيرته ألا وهم «جائزة محاضر جفرسون» و«زمالة غوغنهايم» و«منحة رودس» والكثير دونهم»

كانت تلك معلوماتي التي عرضتها عبر فقراتٍ متشتتة قليلًا، لربما بسبب طولها الباسق. كنت أستمع لكلمات الأستاذ الإيجابية والتي يلقيها علي، وبعد وهلة افترشت كرسيّ بحياء التحف وجنتاي تحديدًا بعدما شكرته على تمام اليقين.

«واليوم كما سمعتم في محاضرتنا عن سيرة الناقدين مني ومن زميلتكم، أرجو لو كان الأمر مفيد لكم وعاد عليكم بعائدة ما.»

همهم الطلاب بالإيجاب وبعدها أجلس الأستاذ مازن جسده على الكرسي بخفة واستمر يلقي علينا النكات ويناقشنا إلى أن انتهى وقت المحاضرة.

وبهذا تنتهي المحاضرة السادسة، دمتم بودٍ جميعًا💜

مقبع النقادWhere stories live. Discover now