المحاضرة الحادية عشرة

46 6 0
                                    

دخل الأستاذ مازن كعادته حاملًا حقيبته، كان جسده يعتنق بزة سوداء أنيقة، وقبل أن يلقي التحية علينا وضع الأوراق قرب شفا حافة المنضدة ومن ثم قال بحسٍ مرح:
« مرحبًا بكم معنا أيها الصغار.»

ابتسم الجميع ليردوا التحية عليه؛ فابتسم الأستاذ ذريعة ذلك، وطمس يديه في جيبه يتهادى في القاعة بهدوءٍ وهو ينظر لنا، ثم بغتة توقف في المنتصف ليطرح موضوع المحاضرة:
«إذا كما تعلمون، فإن محاضراتي لهذه الفترة من السنة تتناول النقاد المشهورين، واستكمالًا لما سبق درس اليوم سيطوي سيرة ناقدين مصريين، برأيكم من هما؟»

كان الجميع محتارًا؛ فالنقاد من بلاد الفراعنة ليسوا بقلة، لكنهم أحبوا المحاولة فكانوا يلقون بالأسماء التي يعرفونها من نقاد تلك البلاد، لكن لم يفلحوا للأسف، ذلك حتى نظر الأستاذ لي حيث كنت أجثم في الزاوية بعيدًا عن الضوضاء وتجمعات الطلاب؛ كوني أكره البشر إلى حدٍ ما وابتسم ليردف قائلًا: «ما بالك تجلس هناك في الزاوية أتخاف المشاركة؟!» كان يقولها بنبرة مرحة هازئة أكثر من كونها تطوي حس الاستفهام ليعود فيخفف منها بالتدريج وهو يستأنف كلامه:
«بما أنك ساكن هكذا دون أي تحير يعني أنك تملك الإجابة. هيا! هيا تشجع وأخبرنا!»

نظرت إليه بطريقة لامبالية قليلًا لأجيبه بكل راحة:«كما نعلم فالنقاد من تلك البلاد كثر، لكنني أعرف اثنين لم يذكرهما أحد من الزملاء وربما تكون إجابتي صحيحة، وهما الناقدان حسن توفيق وطه حسين.»

«أوه رائع، وجدت شخصًا يعرف الإجابة، إذًا عزيزنا ديجور هل تعرف عنهما شيئًا؟»

بعد سؤاله والذي بدى طلبًا أكثر منه سؤالًا تحمست للإجابة؛ خاصة لكوني كنت قد سلف واطلعت على بعض المقولات عنهما منذ فترة ليست ببعيدة:
«بالطبع أيها الأستاذ، لدي بعض المعلومات عنهما وإن أردت يمكنني عرضها عليكم.»

رفع المحاضر مازن نظراته ليمسكها قائلًا بعد أن همهم قليلًا: «بالطبع هيا أخبرنا.»

وبعد سماعي موافقته شرعت في الحديث بروية:
«ولد حسن توفيق في الواحد والثلاثين من شهر أبريل في عام ألف وتسعمائة وثلاثة وأربعين فى القاهرة، وتخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة في عام ألف وتسعمائة وخمسة وستين، وفى عام ألف وتسعمائة وثمانية وسبعين حصل على شهادة الماجستير.

كما حصد حسن توفيق العديد والكثير من الجوائز أبرزها جائزة الدولة التشجيعية فى الشعر عن ديوان «انتظار الآتي» وذلك في عام ألف وتسعمائة وتسعين، كما حصل على جائزة أفضل قصيدة عن مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعرى.

ومن أهم أعماله قصة «الطوفان من نوح إلى القرصان» «اتجاهات الشعر الحر» «شعر بدر شاكر السياب» «دراسة فنية وفكرية» «انتظار الآتى» و«الأعمال النثرية الكاملة للدكتور إبراهيم ناجى»
كما وتوفي في العام ألفين وأربعة عشرة، ليخلف عُقبه إرثًا أدبيًا كبيرًا. »

مقبع النقادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن