المحاضرة الثانية

175 29 6
                                    

كنت مضجعًا في كرسيّ براحة أنتظر برفقة الطلاب، إلى أن ولج أخيرًا الأستاذ مازن متعجلًا في خطواته؛ نظرًا لكونه تأخر عن موعد المحاضرة الرسمي؛ لذا بعجلة أرسى كُتبه على الطاولة وشرع بسرعة قائلًا:

«أعتذر جميعًا على التقاعس عن الوصول.»

همهم الطلاب بعدما حيوه، كنت معهم كذلك، لم يسبق أن تكون محاضرات الأدب من مفضلاتي، لكن قطعًا أسلوب الأستاذ مازن هنا سيساعدك كي تُحبذ مادته، وحتى نقاشه السالف مع ذلك الطالب قد وضح لي أنه يتبع أسلوبًا مدروسًا ومسليًا كي يحث الطلاب ويحضهم على حب مادته.

«اليوم سندرس سيرة الناقدين المصريين محمد مندور، وإبراهيم المازني»

ووسط تفكيري بزغ صوته بغتة يرص كلماته على مسامعنا، ثم أتبع:

«سيكون النقاش مشابهًا للسالف لكن هذه الكرة، سيواجهني طالب منكم، على المنصة هنا، وأنا من سأختاره.»

وسريعًا ما جال بعينيه وسط الطلاب إلى أن ارتكزت حدقيته علي قائلًا:

«أتود لو تخوض نقاش اليوم معي؟»

سريعًا ما همهمت موافقًا فأنا على علمٍ عن سيرة أحد الناقدين؛ تم استقمت هامًا التقدم لمنصته، ورغمًا عن كون التوتر ينهش دواخلي؛ إلا أنني قد أظهرت ملمحًا واثقًا بعض الشيء.

وأخيرًا انتصبت على بُعد خطواتٍ منه، حيث كان ملتفتًا يوضح للطلاب ما سيحدث اليوم، وفي الختام  التف لي سائلًا:

«عن أي الناقدين تود الحديث؟»

«محمد مندور»

أعقبت على حديثه باسم الناقد الذي سأتحدث عنه، ليهمهم سريعًا ويسألني:

«أيمكنك أن تروي لي سيرة الناقد؟»

ضيقت عيناي أسترجع معلوماتي قبل أن أسردها عبر جملٍ فقرات متقطعة.

«هو ناقد أدبي وكاتب مصري متنوع، وفوق ذلك لغوي. سبق وأن مارس الصحافة والتدريس الجامعي.
عاش تاريخًا حافلًا بمعارك سياسية، وفكرية، واجتماعية مؤثرة، ولد بالشرقية في الخامس من يوليو عام ألف وتسعمائة وسبعة، والتحق بكلية الحقوق أون افتتاح الجامعة المصرية في عام ألف وتسعمائة وخمسة وعشرين؛ ثم درس بكلية الآداب قسم الاجتماع وقسم اللغة العربية وحصل على ليسانس الآداب في عام ألف وتسعمائة وتسعة وعشرين، وليس ذلك وحسب وإنما حصل على ليسانس الحقوق في عام ألف وتسعمائة وثلاثين، ولكن مع ذلك هو اختار أن يسافر في بعثةٍ دراسيةٍ إلى فرنسا عِوَضًا عن أن يَتم تعيينه وكيلَ نيابة، وذلك بناءً على نصيحةٍ من (طه حسين) الذي كانَ يراهُ أكثرَ قدرةً على الإبداع في مجالِ الأدب.»

همهم معجبًا بما قلته ثم قال:

«حدثني عن أهم أعماله وإنجازاته.»

مقبع النقادDonde viven las historias. Descúbrelo ahora