المحاضرة الثالثة عشرة

64 4 3
                                    

ولج الأستاذ مازن إلى قاعة المحاضرة يتجلى عليه التأهب لمحاضرة خفيفة حسنة الروح. كان هندامه أنيقًا كالعادة ووسيمًا بملمحه الشاب، وما إن أرسى كتبه وحقيبته على طاولته التف صوبنا قائلًا:

«اليوم كالعادة سنتناول حياة ناقدين، لكن من دولة عربية يا رفاق، وهما من بلاد المليون والنصف مليون شهيد، وقطعًا قد فقهتم عن أي دولة أتحدث، إنها الجزائر على تمام اليقين، وهذه المرة سأعطيكم اسم ناقد منهم وأنتم عليكم معرفة الآخر، أما عن المعلومات فسيقدمها اليوم لنا الطالب ديجور بعد علمي أنه سبق وقرأ عنهما من صحيفة ما في موقعي.»

بعد كلامه الذي أبدى لي كم هو مرح وفطن في ذات الآن غرقت وغصت في خجلي لكشفه لي؛ رغم أخذي لجميع الاحتياطات كي لا يكشفني ويبدو أنني فشلت.

تابع الأستاذ حديثه قائلًا:

«إذًا سنبدأ بالناقد والشاعر رزاق محمود الحكيم، وهو أحد نقادنا لليوم أما الآخر فعليكم كشفه بنفسكم عدا ديجور ممنوع من كشف الهوية؛ فهو يعرف عنها سلفًا.»

وبدأت الأسماء تنهال كالمطر مع رفع الأيدي ولكن لم يعرف أحد هوية الناقد للآن إلى أن رأيت آرمي يقول بصوت عالٍ:

«زاهية إسماعيل الصالحي، إنها زاهية إسماعيل الصالحي.»

زفرت بقنوطٍ فها قد تم كشف هوية تلك الناقدة الآن، ابتسم الأستاذ للعسكري وأشاد به قائلًا:

«أحسنت مجتهد كعادتك.»

ثم اتجه ناحيتي وقد صفق بيده معربًا:

«والآن سيعطينا المعلومات عن هذين الناقدين عزيزنا ديجور كما كنا قد ذكرنا.»

شعرت بالرهبة قليلًا لكنني أخذت أتذكر المعلومات لأبدأ:

«سأتحدث في البداية عن رزاق بن محمود الحكيم والذي وُلد في مدينة النجف بالعراق ونشأ بها وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها. انتقل إلى بغداد لإكمال دراسته الجامعية في جامعة المستنصرية، وتخرج بشهادة الليسانس من كلية الآداب، قسم اللغة العربية.

هاجر إلى الجزائر وعمل مدرسًا ومغتربًا واكتسب الجنسية الجزائرية في عام ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين، عمل أستاذًا للأدب العربي بالجزائر. حصل على دكتوراه في الدراسات الأدبية والنقدية من جامعة عبد القادر بالجزائر ودرس في عدد من الجامعات الجزائرية والعراقية.

وهو عضو رابطة إبداع الأدبية واتحاد الكتاب الجزائريين، واتحاد الكتاب والأدباء في العراق. نشر قصائده وكتاباته في الدوريات الجزائرية والعربية، كما شارك بشعره في العديد من المتلقيات، والمهرجانات الأدبية، والأمسيات الشعرية منهم مهرجان بجاية الشعري، الملتقى الدولي في سطيف ألف وتسعمائة وتسعة وثمانين. وحصل كذلك محمد الحكيم على شهادات تكريم من بجاية، وسبكرة وسطيف.»

«جيد والآن هل يمكنك أن تذكر لنا بعض أعماله الكتابية؟»

«بالطبع؛ فالدكتور رزاق الحكيم أصدر عددًا من الأعمال الأدبية، فمثلًا أربعة دواوين شعرية: الأرق، الرحيل، العودة، غريب في المدينة، وفي النقد لديه «الشعرية في النص الأدبي بين المنظوم والمنثور.»

صدرت عنه ترجمة ونماذج من شعره في: «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» و«ديوان محمد الدرة» «معجم علماء وأدباء الجزائر» «علامات في الإبداع الجزائري للدكتور عبد الحميد هيمة».

«والآن سننتقل للناقدة زاهية إسماعيل الصالحي، ماذا تعرف عنها؟»

«زاهية إسماعيل الصالحي هي أكاديمية ذات اختصاص مزدوج: الأدب العربي قديمه وجديده، ودراسة النوع في العالم العربي. بعد مدة خمسة عشرة سنة قضتها في قسم الدراسات العربية والشرق أوسطية في جامعة ليدز حيث شغلت منصب مديرة القسم، انتقلت إلى قسم الدراسات الشرق أوسطية في جامعة مانشستر لتشغل منصب أستاذ كرسي في الدراسات العربية المعاصرة. لها مؤلفات عديدة في النقد الأدبي والنوع منها: «السياسة والشعرية في الرواية الجزائرية» «الشتات العربي» «النوع والاختلاف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» والنوع والعنف في المجتمعات الإسلامية.»

وعندما اضربت الحديث لانتهاء معلوماتي سألني الأستاذ مازن:

«حسنًا، وهل جذبك شيئ لهما، هل قرأت شيئًا لأحد منهما وأعجبك وتود لو تشارك بجزءٍ منه معنا؟»

كنت متحمسًا عند وصولي لهنا فكنت قد قرأت مقالة للحكيم تتحدث عن اللغة العربية ولازلت أذكر جزءًا صغيرًا منها:

«نعم يا أستاذ كنت قد قرأت مقالًا للدكتور الحكيم عن اللغة العربية ومشاكلها في هذا العصر ولازلت أذكر جزءًا مما قاله: إن مشكلتنا حقًا هي مشكلة عاطفية ونفسية أكثر مما هي ثقافية؛ فالنفوس التي تربت على الفرنسية أو الإنجليزيـة وألفتها منذ الطفولة، أصبحت تشكل جزءًا من شخصيتها وذوقها، ونظرتها إلى الحياة والناس والمجتمع وهي ليست مستعدة لتتخلى عنها بسهولة، ولذلك فلامجال أن نسمي هذه الحالات بصراع الثقافات، فالثقافات لاتتصارع، بل تتكامــل وتتحاور، وتتواصل، وتنمو وتزدهر.»

«يبدو أنك تأثرت بكلامه عن الثقافات ونظرته لها.»

أومأت جالسًا وبعد ذلك شرع هو في تبادل أطراف الحديث معنا، وعندما اختتم حديثه معي ومعي الطلاب وألقى علينا عدة طرفٍ قال بعدما حملق في ساعته قليلًا:

«حسنًا وبهذا نكون قد ختمنا محاضرة اليوم ألقاكم في يوم آخر فيه موضوع آخر يخالف سيرة النقاد.»

كتب هذا الفصل العضو ديجور🖤

المصادر
-ويكيبيديا: رزاق بن محمود الحكيم.
-ويكيبيديا: زاهية إسماعيل الصالحي.
-الأمة، مقال للدكتور الحكيم: اللغة العربية وتحديات الألفية الثالثة.

مقبع النقادWhere stories live. Discover now