المحاضرة الأولى

421 47 9
                                    

في جو طغى عليه الهدوء وألبسه الكظم ملبسًا، حيث اصطف العديد من الطلاب جالسين حيال محاضرهم المنتصب أمام اللوح وكنت برفقتهم، وكانت تلك البداية له هنا، هناك ستشرع الخطوة الأولى، وستشرع محاضرة المحاضر الجديد، المحاضر مازن.

حمحمة صدرت عن فاهه بعدما أجمع يديه يعقصهم سويًا، وكان لعينيه الخضراوين أن تجول بيننا طالبًا تلو الآخر، يحاول لو يدرسنا عبر نظراتنا، قد يتجلى لكم عميقًا بعض الشيء كما تجلى لي، ولربما تطغو عليه الرسمية سببًا لبزته التي احتضنت جسده برسمية بحتة، إلا أن شخصيته العفوية انطلقت منذ أول جملة لفظها في حين.

«هل أتجلى لكم كوحش القبو يا رفاق؟ لمَ كل تلك البحلقة بحق الرب؟»

انحدرت من فاهي همهمة مسترخية، كما لو أنه أنال عتق التعامل معه عن عاتقي، كنت مبتهجًا بمحاضرٍ كهذا؛ فأنا كثير التساؤل، ودواخلي مكتظة بالأسئلة، وعلى تمام اليقين لن ينفعني محاضر ذو خلق يقبع بأنفه؛ لذا حبذت الأمر للغاية، ولكوني أفقه أنه معلم الأدب الجديد أقمت كفي في الهواء ذريعة رغبتي في صرف حديثي الداخلي.

عيناه سريعًا انتقلت ليدي، وهمهم مجيبًا بعد أن أركز جسده حُذاء الطاولة، ولفظ:

«تفضل قل ما لديك.»

لم أقتنص من الوقت الكثير وسرعان ما أقمت عودي أتساءل:

«عما سيكون موضوع محاضرتنا لليوم؟»

ضاقت حدقتي عينيه، وأجاب بنبرة طغى عليها التهكم في البداية، ومن ثم تجلى بها الخبث في ختامها.

«صراحةً يبدو الأمر غريبًا، فكيف لطالبٍ أن يبغي منذ المحاضرة الأولى أن يُلقن درسًا، لكن لا أعارض الأمر، بل على العكس تمامًا، إن كان الأمر ثقيلًا، فكيف سندرك دون علم؟»

وقبل أن أُعقب بأي لفظ، وهو لم يبالِ بحديث الطلاب وزفراتهم الرافضة، وأعقب يوجه حديثه الأول للجميع والأخير لي بعدما أركز جسده على المنضدة عقبه.

«سنتناول على مدار عدة محاضرات سيرة بعض النقاد من مختلف بقاع العالم، وسنشرع بناقدٍ يود لو يعرض لنا طالبنا المجتهد هنا سيرته.»

استشعرت حس السخرية في حديثه بعدما أشر علي بعينيه؛ لذا انتصبت سريعًا تموضعت نظاراتي عُل جسر أنفي مجددًا، وتلفظت بعدما هندمت لباسي:

«أنا أفقه الكثير فعليًا عن الكاتب الأمريكي آدم كيرش؛ لذا يمكنني أن أُناولكم أطراف الحديث عنه وعن سيرته، و...»

وقبل أن تلفظ ملافظي جميع ما يركد جوفها قاطعني قائلًا:

«وأنا أعرف الكثير عنه على المثيل كذلك؛ لكن لنعرض الأمر بطريقة أكثر متعة، عبر عدة أسئلة حول الكاتب اسألها لك وأنت تجيب عنها.»

همهمت مجددًا بعدما باتت بعض الثقة تنفك عني؛ وذريعة لذلك عدلت نظارتي المرتخية من جديد ارتقبه في اضطراب إلى أن لفظ:

مقبع النقادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن