المحاضرة الثالثة

104 21 10
                                    

كنا في أوج النقاش تمامًا، يقف قبالتي الأستاذ مازن ويملي علي ما سبق وطلب من أن أحضره؛ لذا عندما سألني عن اسم الموضوع الذي ود مني تحضيره أطلقت نبرتي سريعًا قائلًا:

«سأتحدث اليوم عن الناقدين العراقيين حسن ناظم ورسول محمد رسول.»

أومأ برأسه بينما تحتل شدقيه بسمة خفيفة لم تزل مُذ دخوله قائلًا:

«إذًا أبدأ بسيرة حسن ناظم ومسيرته.»

باشرت بعد ذلك سريعًا أقول:

«ناقد ومترجم وأستاذ جامعيّ عراقيّ ولد تحديدًا في مدينة الكوفة. عمل في السلك الأكاديمي في العام الألف والتسعمائة والستة والتسعين، فدرّس اللغة العربية وآدابها في جامعات ومعاهد عربية، وأشرف على أطروحات أكاديمية وبحوث في جامعات عربية وبعض مراكز البحوث الغربية، كما قام بتدريس الأدب الحديث والبلاغة ومواد أخرى ذات صلة باللغة العربية وآدابها.»

ذلك ما عملت على حفظه فقط البارحة؛ لذا أونما أنهيته التبست الكظم ملبسًا أطلع على الأستاذ الذي قال مستفهمًا:

«ألن تكمل لي أعماله؟»

كنت أرتعش في جوفي قليلًا، حتى أن ذلك ظهر على قدميّ وعلى نبرتي التي خرجت مهتزةً قليلًا:

«لم أحفظ أعماله، وإن صح القول نسيت.»

همهم مرة أخرى متسائلًا:

«وماذا عن أعمال الناقد الآخر.»

زفرت بخجلٍ قائلًا:

«لم أطلع سوى على سيرته.»

ابتسم بخفة بثت الراحة في نفسي قليلًا، بل كثيرًا؛ ثم التفت للطلاب معربًا عن حديثه:

«اليوم سيتحدث زميلكم هنا عن سيرة الناقدين العراقيين حسن ناظم ورسول محمد رسول، وأنا سأتحدث من بعده عن أعمالها.»

وفور أن انتهى من حديثه أرخى جسده على الطاولة جانبي قائلًا:

«وبما أن زميلكم تحدث عن سيرة الناقد حسن ناظم سأذكر أنا لكم بعض أعماله.»

توقف قليلًا يطلع على تركيز الطلاب كي يشرع في الحديث، وبعد وهلة تحدث أخيرًا:

«لدى الناقد حسن ناظم العديد من الأعمال كما كتاب «شعرية العابث» والذي تناول تطور الشعر في العراق وسيرة الشعراء هنالك، وأيضًا كتاب «ثورة ألف وتسعمائة وعشرون» فالكتاب يقدّم كتابة تاريخية لحدث الثورة التي وقعت في عام ألف وتسعمائة وعشرين، وكان الكتاب مستندًا إلى الوثائق البريطانية الأصلية ومذكراتِ شهود العيان من بريطانيين وعراقيين، والكثير من الأعمال دون تلك.»

بعدما انتهى أشر لي كي أتحدث عن الناقد الآخر؛ لأحرك رأسي سريعًا موافقًا إياه والتفت للطلاب بما أنني كنت أحذوه على المنصة لافظًا بثقة:

«سأتحدث الآن عن الناقد رسول محمد رسول، وهو فيلسوف ومفكر وناقد وروائي وباحث وكاتب وأكاديمي عراقي، ولد في مدينة الكوفة في عام ألف وتسعمائة وتسعة وخمسين، عاش سنواته الأولى بها، ثم انتقل مع أسرته إلى بغداد في عام ألف وتسعمائة وستة وأربعين، حيث تلقى تعليمه بها، إلى أن حصل على الدكتوراه في الفلسفة الألمانية الحديثة من جامعتها في عام ألف وتسعمائة وسبعة وتسعين.»

أومأ مبتسمًا لي وكأنه يشير أن دوري انتهى ليباشر هو:

«وأما الآن دوري، يمتاز الناقد رسول محمد رسول بكثرة مؤلفاته وتنوعها، حيث له أكثر من ستة وعشرين كتابًا في الفلسفة، والفكر العربي والإسلامي، والنقد، كما له رواية تحت عنوان «يحدث في بغداد» وأخرى تحت عنوان «أنثى غجرية»  كما له مشاركات في تأليف أكثر من ست عشر كتابًا في مجالات المعرفة المتعددة، وأحد أبرز إنجازاته هي بروز كتابه «فتنة الأسلاف: هيدغر قارئًا كانط» والذي حصد شهرة كبيرة جدًا.»

سكت قليلًا ثم قال:

«أتعلمون أن رسول محمد رسول سبق وقال «إنني أصرف ساعات يومي بحيث تصل إلى عشر ساعات يوميًا بين كل ذلك، لا وقت عندي كي أضيعه، فكل دقيقة فيها نتاج بالنسبة لي، وعالم التفكير والقراءة والتأمُّل والكتابة هو عالمي الإنساني الذي أعيش في دروبه بلا ملل وبلا جزع، وشعاري هو أننا لا بد أن نعطي الحياة حقها، فللحياة حق علينا بكل تفاصيلها، وهي رؤية تنويرية بالنسبة لي، بل ولا بد أن تكون كذلك.» وقوله هذا مفاده أن الحياة يجب أن تُستغل لحظة بلحظة فيما هو مفيد.»

كان وقت المحاضرة سبق وانتهى، تحديدًا في انتصاف حديثه؛ لذا لملم حاجياته وخرج من القاعة بعدما أنهى قوله وودعنا؛ أما أنا فعدت لمقعدي أرخي جسدي عليه أنتظر أستاذ التاريخ كي يدخل.

وبهذا تنتهي المحاضرة الخامسة أرجو أنها كانت ممتعة لكم جميعًا.

دمتم بودٍ.💜

المراجع:

-ويكيبيديا: حسن ناظم.
-دار المجلة العربية: رسول محمد رسول: أنا مع الجنس الإبداعي الثالث.

مقبع النقادحيث تعيش القصص. اكتشف الآن