المحاضرة الثامنة

51 9 1
                                    

كانت قدماي تعدو مسرعةً صوب قاعة المحاضرات؛ فقد تأخرتُ بداخل المكتبة ولم يتبقَ على بدء المحاضرة سوى دقائق معدودة، خاصةً وأنه سيحاضرنا الأستاذ مازن.

وصلتُ القاعة في الموعد المناسب، وما إن جلستُ حتى دخل إلينا هذا الأستاذ، وقف بطوله أمامنا يتفحصنا بعينيه الخضراوتين من خلف نظارته بفضولٍ ودقة لدرجة جعلتني أشعر أنه يحلل شخصياتنا بمجرد النظر مثلما يحلل النصوص الأدبية، كم يطابق هذا تخصصه في النقد الأدبي!

ماذا؟
هل هيئتي توحي بالشرود إلى هذه الدرجة؟ إنه يشير إليّ!

تنحنحتُ واقفة أُنصت إليه ببعض الإضطراب، كنت قد أُحط بكل عيون زملائي التي تتفحصني من أعلى رأسي حتى أخمص قدماي، فسألني بجدية:

«ماذا تعرفين عن النقد الأدبي؟»

التقطتُ أنفاسي وأجبتُ بنبرة لحفها التوتر:

«النقد الأدبي هو تحليل النصوص وتمييز جيدها من رديئها وإبراز محاسنها وعيوبها.»

فأومأ برأسه مؤيدًا ثم سألني مجددًا:

«كنتُ أتحدث منذ هُنيهة عن النقّاد المشاهير، فهل تعرفين أمثلة لبعضهم؟»

حركت رأسي للأعلى والأسفل أشير له بالإيجاب:

«يوجد الكثير من النقّاد في الوطن العربي، فلدينا مثلًا الناقدتان المصريتان نهى رضوان وزينب العسّال.»

«ماذا تعرفين عنهما يا تُرى؟»

«نهى رضوان هي مصرية أمريكية، عملت كأستاذ مساعد للأدب العربي والأدب المقارن بجامعة كاليفورنيا في دفيس، درّست (مقدمة إلى الحضارة الإسلامية) كما سبق لها العمل كأستاذ مساعد للأدب العربي بجامعة كولومبيا، وتولّت كذلك التدريس في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.

ولدت نهى رضوان بالقاهرة، وحصلت على درجة الماجستير في الدراسات العربية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ثم نالت الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، اشتملت اهتماماتها البحثية الأدب الشرق أوسطي الحديث باللغتين العربية والعبرية، كما تولي اهتمامًا خاصًّا بالشعر.»

كنتُ أتحدث بسرعة؛ أريد ذكر جل ما لديّ قبل أن يطويه عقلي في طي النسيان! لكن استوقفني الأستاذ مقاطعًا وممرًا يده على شعره الأسود:

«على رِسلِك يا فتاة! ما هذا التوتر وما تلك السرعة؟! تشعريني كأنك تجيبين تحت تهديد السلاح!»

بالطبع صدع صوت القاعة بضحك الزملاء، تلاقطتُ أنفاسي لكني خشيتُ أن أنسى باقي الإجابة فأكملتُ قائلة:

«أما عن الناقدة زينب العسّال، فقد وُلدت في الثامن من ديسمبر (1955)، حصلت علی ليسانس من دار علوم جامعة القاهرة (1978)، دبلوم عام تربوي (1985)، ودبلوم خاص تربوي علم النفس الطفل (1986)، دبلوم فنون مسرحية آداب عين شمس (1991)، دبلوم معهد الفنون الشعبية الأكاديمية الفنون (1993)، كانت رسالتها الماجستير عن تفاعل الأنواع في أدب لطيفة الزيات.

مقبع النقادWhere stories live. Discover now