الفصل 6

117 17 4
                                    


عندها أحسستِ بيدٍ تمسك كتفت من الخلف بشكل مفاجئ!

التفتِ بسرعة و صورة الرجل الطويل كانت أول ما بدرت إلى ذهنكِ! بالطبع! كيف سمحتِ لنفسكِ بإرخاء دفاعاتك هكذا؟؟ لقد كان جليًا أنه ينوي سوءًا من نظراته المريبة تلك!

لا أريد ينتهي بي المطاف كالفتيات التي بِتنا نراهن على الأخبار مؤخرًا، كلا...حتى و ان اختُطفت فلن يلحظ أحد! لا أحد لدي ليبحث عني!! تبًا! تبا تبًا!!! ماذا علي أن أفعل؟ هل أصرخ؟؟ و هل سيأتي أحد لنجدتي؟ بالطبع لا... لا أحد يهتم ولا أحد سيلاحظ..

كل الأفكار كانت تدور في رأسك بسرعاتٍ مجنونة لا يمكنكِ حتى مجاراتها.

"أوي (اسمك)، هل أنتِ بخير؟"

التفتِ لتري 'كيبي' و لا أحد سواه ممسكًا إياكِ.

"...."

كانت الصدمة تعلوا وجهك و لم تستطيعي النطق بحرف. هل كان ذلك بسبب أن كل ما دار في رأسكِ كان من وحي الخيال لا أكثر أم من الراحة المنبعثة من ملامحة الهادئة؟

"...أ- أنا بخير"

حاولتِ التخلص من قبضته التي لا تزال ممسكة بك ولكنه لم يستجب للتلميحه و ظل يراقبك باهتمام. حتى وقعت عينيه على أكياس البقالة الكثيرة.

"هل لديكِ أحد في المنزل؟"

"ماذا؟"

"كل هذه المؤن، يستحيل أن تستهلكيها كلها بمفردك"

"إنها من أجلي، طبعًا. الامتحانات على الأبواب و لستُ أحبذ فكرة الذهاب للتبضع كل بضعة أيام لذا اشتريت ما يكفي لعدة أسابيع. هذا كل ما في الأمر"

"يمكنكِ القدوم لتناول الطعام معنا كما تعلمين، ستفرح أمي عندما تتأكد أنك تأكلين جيدًا و لا ينقصكِ شيء"

قالها بنبرة غريبة بعض الشيء.

"ربما لاحقًا... أراك في المدرسة"

هززتِ كتفكِ بقوة أكبر هذه المرة لتفلت يده فحاول أن يساعدكِ في إدخال الأغراض.

لازال يحاول التقرب منكِ بطريقة مزعجه. أو ربما ترينها مزعجة بسبب طبيعتك الانعزالية، حسنًا... إنه لطيف نوعًا و معروف عنه حسن التصرف في المدرسة و لكن الفتى لم يكن بهذا اللطف المبالغ فيه معك من قبل، على الأقل ليس قبل تلك الواقعة.

تشه، لماذا يتدخل الغرباء في حياتي هكذا دائما؟ لقد سئمت!

"شكرًا لك، أستطيع تدبر الأمر بمفردي!"

"حسنًا إذًا، أراك غدًا في المدرسة؟"

"آه، ربما..."

أغلقتِ الباب خلفكِ و تنهدتِّ بعمق. حاولتِ عدم إصدار أي صوت حتى لا تزعجِ بيورن النائم في غرفة المعيشة. انه يغط في نومٍ عميق فعلًا إذا أنه لم يتحرك ليتفقد من هناك كما فعل أول مره. أو ربما هو...!! شعرتِ بقلبكِ يسقط من مكانه لمجرد إمكانية ذلك الاحتمال.

اقتربتِ منه ببطء، و وضعتِ يدكِ فوق وجهه ببضع سنتيمترات. كان قلبكِ ينبض بصورة مجنونه لكنه هدأ عندما زالت شكوككِ... انه يتنفس. لم يفارق الحياه كما خُيِّل إليـ....-

فجأة أمسك بيدكِ و سحبها بسرعه حتى فقدتِ توازنك و بتِ الآن وجها لوجه معه، حاولتِ إفلات يدك من قبضته و لكنه لازال يمسكها بإحكام و مضت لحظات و هو يتفقد ملامح وجهك في وسط هذا الظلام و إضاءتكم الوحيدة كانت إنارة ممر المدخل الخافتة. ثم أطلق ضحكة مكتومة و ترككِ و شأنكِ لتجلسِ على الأرض بجانبه بينما لا يزال مستلقيًا مكانه و كأن شيئًا لم يكن.

ماذا؟ هل كان يتأكد من هوية الشخص الذي دخل إلى المنزل؟ ليس و كأنني سأستدعي الشرطة أو أي شيء--... عندها أمسك بذقنكِ بيدٍ واحدة و رفع رأسكِ لتواجهيه و تنظري إلى عينيه ثم أخذ نفسًا عميقًا بشكل ملفتٍ للانتباه، هكذا أدركتِ أنكِ لم تكوني تتنفسين، من الخوف طبعًا، ماذا سيكون السبب غير ذلك؟ لا وقت لمثل تلك الأفكار السخيفة على أي حال.

عاد تنفسكِ طبيعي خلال لحظات و بدأتِ تضحكين على ملامح وجهه القلقة و كأنه لم يكن السبب وراء تنشيف الدم في عروقك من الأساس.

"لا تفاجئني هكذا! لقد أخفتني بحق. لا أحد سيأتي إلى هذا المنزل على أي حال، إنني أسكن بمفردي منذ... منذ مدة"

يمكنك الجزم أنه لا يفهم ما تقولينه حقًا و لكنه بالتأكيد من النوع الذي يصيد الجو العام بسرعه لأن ملامح هذا الرجل و تصرفاته لا تتأثر بالكلمات كما يفعل الناس من حولك، بل يتأثر بالمشاعر التي تختبئ وراء تلك الكلمات و الابتسامات. صحيح، الابتسامات... الكثير منها زائف و لا معنى لها.

"هل الألم قوي؟"

قلتِ و أنت تشيرين إلى جراحه و قد فهمك من تعابيركِ وحركاتك.

"بـ-..بخير..."

"حسنًا لا تكذب علي، أفهم تمامًا أنك تحاول أن تبدو بمظهر القوي كونك رجل من ما إلى ذلك..."

تفقدتِ كيس المشتريات و أخرجتِ منه قرص حبوب مسكنة للآلام و أخرجتِ له حبة و وضعتها في راحة يده لتفتحي له علبة الماء.

"ابتلعها.. هكذا، و اشرب هذا معها. ستشعر بتحسن قريبًا، حاول أن تخلد إلى النوم. سأكون في غرفتي هناك إن احتجتَ إلى أي شيء فقط نادني."

عاود ليتخذ وضعية نوم مريحة لا تضغط على جراحه و أغمض عينيه ليحظى بالراحة بعد هذا اليوم الغريب الذي أرهقه ذهنيًا أكثر مما هو جسديًا. لوَدَّ أن يخبركِ بأن تبقي في الجوار، بالقرب منه. حتى تكوني بمثابة طوق النجاة الذي يتمسك به كي لا ينسل هذا الواقع منه كما فعل واقعه الذي سبقه. قاوم الشعور المرير بالوحدة و الضياع بالنوم، شعر بمفعول المسكن يسري في جسده ببطء. و غط في نومٍ عميق و مريح على نحو غريب.

الأمير و الوحش - فينلاند ساغاजहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें