الفصل 2

144 13 6
                                    

تحدثت معه قليلاً، انها وسيلة تواصل بدائية، لكنك فهمت. شرح لك أنه كان في منتصف المعركة، يقاتل الإنجليز، و انه انفصل عن عصابته لأنه كان في وضع هائج بعد تناوله لفطر ما، وركض نحو الغابة ليمسك بأحدهم، لكنه وصل إلى نُصب، و فجأة وجد نفسه محاطًا بصخور عملاقة وأعمدة كرستالية شاهقة و الكثير من الضوضاء. في البداية لم تصدق ذلك، لذا بحثت سرًا عن اخبار حول هروب شخص من مصحة نفسية، لكنك لم تجد أي شيء. لذا، قررت أن تصدقيه. مع قليل من الخوف شعرت أن قصته فيها شيء من المنطقية.

و فجأة اتسعت حدقة عينيه و قام يتمتم "آشلاد، آشلاد..."

و كلمات أخرى لم تفهمي منها شيئا لكن القلق كان بادٍ على وجهه، حاول ان يقف باحثا عن المخرج لكنه كان مصابا بالدوار و الاعياء فأخذ يترنح و يصطدم بكل ما كان في طريقه و ما لم يكن. حتى سحبته من ذراعه لتوقفيه فمال الى الخلف و تخلت عنه ساقاه من شدة التعب و كاد يقع إلا انك اسندته و اجلسته على الأريكة مجددا. حاولت ان تفهمي منه ما يحصل لكن دون جدوى، كان عقله مشوش ليشرح لك انه يجب عليه الرجوع الى سفينته، الى رفاقه، و قائده الذي اتضح لاحقا ان اسمه آشلاد. حاولتِ إقناعه انه عليه ان يبقى حتى تتعافى جراحه إلا انه أصر ان يمضي في طريقه بالرغم من انه غير متأكد حتى من كيفية عودته.

"لا تزال مصابا و بالكاد تقف على قدميك"

قلت و انت تشيرين الى اصاباته، لكنه اومأ رأسه بالرفض و قاومك زاعما انه سيكون على ما يرام و وضع يده على كتفك لينحيك جانبا لكنك قررتِ أنك قد نلتِ كفايتكِ من هراء الناس من حولكِ واستشطت غضبا و دفعته، فسقط جسده الضخم مفتول العضلات من دفعة صغيرة لم تبذل فيها ايأي جهد يذكر.

"رأيت؟!"

قلت و انتِ تنظرين اليه رافعة احدى حاجبيك، متحدية اياه ان ينكر.

نظر اليك و كان مصدوما جدا، ليس بسبب ضعفه الشديد المفاجئ، رغم معرفته باحتمالية ان تكون هذه احدى الاعراض الجانبية لفطر الأمانيت،لكن لم تكن هذه هي المسألة. بل كان مصدما من تصرفك الحازم، فالنساء في حقبته الزمنية لا يفرضن سيطرتهن بالقوة هكذا خصوصا ان كُنّ بنفس ضئالتك، كانت هذه سابقة بالنسبة له، كذلك بسبب النظرات التي على وجهك، كانت مزيجا بين الغضب و الحزن وربما لمح شيئا آخر لم يستطع تمييزه. سرعان ما تجاهل ذلك الشعور و تابع:

"لو انك لم تنقذيني لكنت الآن اتمتع بالنعيم في فالهالا" قال بينه و بين نفسه و السخط في صوته.

"هاه؟"

كان كلامه بالنسبة لك غير مفهوم لكنك قد سمعت لفظة فالهالا من قبل، من حسن حظك انك 'عثة كتب' فقد خضت في كثير من المجالات، الفلسفة، السياسة، الطب، التاريخ، و هناك حيث ذكر في الأساطير الإسكندنافية ان فالهالا هي قاعة ضخمة مهيبة تقع في آسغارد الموجودة في العالم الآخر التي يذهب إليها من مات في المعارك ويعيشون فيها بسعادة بضيافة أودين. عندها حصلت على فكرة عما يتحدث عنه.

"فالهالا؟ هكذا اذا؟ فهمت الآن"

تابعت و حاولت ضبط اعصابك قدر الإمكان لكن الانزعاج كان ملموسًا في نبرتك بكل وضوح، و صوتك كان يعلوا شيئا فشيئا.

"تقول انك كنت ترجو الموت لهذه الدرجة لكنني وقفت في طريقك، صح؟؟ حسنا انا اسفه و لكنها غلطتك انت وحدك و لا يحق لك ان تشتكي؟!! فلو أنك لم تظهر فجأة من العدم لكنتُ مع عائلتي الآن! كنت سأذهب إلى فالهالا خاصتي!!" صرخت و انت تضربين صدرك بيدك مشيرة الى نفسك مُطالبة بالحق الذي سُلب منك.

الأمير و الوحش - فينلاند ساغاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن