الفصل 19

82 14 12
                                    

عام 1007

في هذا الوقت من السنة توشك السماء ان تتلبد بالغيوم. انه اكتوبر؛ الشهر الذي يحل فيه فصل الخريف على الأراضي الدنماركية مبددا حرارة الصيف شيئا فشيئا. و إن عنى ذلك شيئا فهو انتهاء موسم الغارات لهذه السنة بالنسبة لمن امتهن القرصنة مصدرًا للقمة العيش من القبائل النوردية المعروفة بـ 'الفايكنج'.

تعالت زقزقة طيور النورس في الهواء مشيرة إلى اقتراب رُسُوّ سفينة الفايكنج ذات مقدمة رأس التنين و التي تشق طريقها في البحر عبر الأمواج بلا هوادة. هبّت نفحة من الهواء حاملة معها رائحة اللحوم المدخنة و المملحة المُعدة للتخزين استعدادًا لفصل الشتاء. و داعب النسيم العليل خِصل من شعر بيورن الذي كان ينعم بقيلولته ضحى ذلك اليوم. استنشق الرائحة الزكية و استيقظ عندما أدرك انه قد اقترب من موطنه اخيرًا. لقد اشتاق لهذه الرائحة و أجواء البلدة كثيرًا.

نزل من السفينة و صار يمشي بين الناس الذين يرحبون بعودة ابناءهم و الناس الذين ينزلون الحمولة هنا و هناك ثم أصطدم به صبي يساعد بحمل الصناديق الخشبية المحملة بالذهب المنهوب و هو في طريقه بها الى 'خيمة' مركز القرية حيث يتم تقسيم الغنائم بين المحاربين.

"أرجو المعذرة يا سيد..." رفع الصبي رأسه ليرى وجه هذا الرجل الضخم الذي اصطدم به عندما لم يكن يستطيع رؤيته إذ أن شعره القصير كان طويلًا كفاية ليغطي عينيه.

"بيورن؟!!" قال في دهشة عندما رآه.

"هل تقابلنا من قبل يا فتى؟" قال بيورن بعفوية و هو يمعن النظر في وجه الصبي.

صمت الصبي في صدمه و أخذ يتأمل ملامح وجهه باستغراب "...لا أظن ذلك بعد، أنا هانو، بالمناسبة! و أسكن عند توڤ. آه صحيح، قالت لي توڤ أنها تريد رؤيتك"

ربّت بيورن على رأس الصبي و عبث بشعره الفوضوي ثم تركه ليتجه نحو البيوت المرصوفة على الطريق المؤدي للشاطئ ليلقي التحية على تلك السيدة في منتصف العمر و التي تبدو حكيمة من منظرها.

"توڤ!"

"بيورن! اهلا بعودك، أرى انك قابلت هانو ذلك الصبي هناك"

"آه اجل. من يكون؟ لا اذكر وجوده هنا من قبل"

"قدِم منذ فترة عندما كنتم لا تزالون في البحر. المسكين، وجدته في الغابة و كان على وشك أن يموت جوعًا فاعتنيتُ به، سيكون من الجيد أن يبحر معكم هذه المرة، لديه بصيرة منقطعة النظير و هو يتعلم بسرعة، كنت سأرشحه لو ان الاختيار يقع بالتصويت"

"بما انك أنتِ من تقول ذلك فسأتحدث مع آشلاد بشأنه. وااااو أرى ان الخِراف قد سمنت بشكل جيد!"

"سنقيم وليمة احتفالا بعودتكم الليلة!"

أثناء تلك الليلة أعلن آشلاد أنه ستكون هناك غارةٌ إضافية لهذه السنة، فالغنائم التي عادوا بها ليست كفايةً كما كان الحال في السنين المنصرمة، و لا يزال الوقت في متناولهم حتى حلول الشتاء القارس. ابتهج الرجال و بدأو بالرقص و الغناء، هؤلاء القوم يعشقون البحر و يعيشون لأجل المغامرات و القتال.

الأمير و الوحش - فينلاند ساغاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن