الفصل 4

115 18 0
                                    

عندما فتحت عينيك كان جفناك السفليان محمران متورمان من شدة البكاء، لا يمكنك تذكر اللحظة التي نال منك فيها النعاس، نظرت إلى الساعة،

"ماذا؟ بالكاد مضت ساعتان حتى. بالرغم من انني شعرت و كأنني نمت لسبع ساعات" قلت في نفسك.

اذ عرفت عن نفسك قلة النوم، فلطالما انتهى بك الأمر إما في عراك طويل مع الأرق او في أسوأ الظروف بمواجهة كابوس يمنعك من الاستغراق في النوم مجددًا.

رفعت رأسك ببطء من على كتف البيرسيركي الذي غفى بدوره هو الآخر و يده لا تزال حول كتفك، فتح عينيه ببطء عندما احس بحركتك، و بدا الاستياء عليه عندما وجد نفسه لا يزال في هذا المكان الغريب بالنسبة له. ربما كان متعلقا بأمل ان يكون هذا مجرد كابوس و سيستيقظ منه قريبًا لكن سرعان ما تنهد و عادت تعابيره طبيعية إذ يبدو انه تقبل واقعه الذي لا مفر منه أخيرًا.

أدار رأسه و نظر الى الأسفل نحوك في صمت، لم يكن رجلا كثير الكلام و لكنه قطعًا لم يكن من النوع الخجول، ربما ظل صامتا لأنه عجزه عن التعبير عما يدور في خلده بسبب حاجز اللغة لكنك قرأت التساؤل في عينيه قبل ان يفتح فمه ليسأل..

"اجل، اشعر بتحسن الآن. صدقا لا اعرف ما الذي جرى لي، لستُ على سجيتي مؤخرًا. شـ... شكرًا"

قلت بابتسامة خفيفة ثم وضعت يدك على رقبتك، كانت عيناك تقع على كل شيء في غرفة المعيشة إلا هو، انها لحظات صمت محرجة سرعان ما قاطعها صوت صادر من معدة المحارب الضخم، عندما نظرت اليه في دهشة كانت عيناه تتقلبان الى الخلف حتى كساهما البياض تماما، و وقع رأسه على مسند ظهر الأريكة.

"تبا سيغمى عليه! بيورن، بيورن!! افتح عينيك. هل تسمعني يا بيورن؟؟ ابقى معي!!!"

امسكت به و وجهتي له عدة صفعات خفيفة لكنه لم يستفق. شحب وجهه و بدأت أنفاسه تصبح اسرع و اقصر. بالتفكير بالأمر، كمية الدماء التي خسرها كانت كبيرة جدًا حتى بالنسبة لرجل ضخم مثله، ولا بد من ان نقص الاكسجين قد أوهنه و ربما قد تسبب له بتلف في الأنسجة بالفعل، آخر ما تتمنينه هو ان تتضرر اعضاءه الداخلية أيضًا ويدخل في غيبوبة، بل أسوأ من ذلك، قد يفقد حياته. و عندها ينتهي بك المطاف بجثة رجل مجهول في شقتك.

جعلته يستلقي و ركضت نحو المطبخ، و بعد عدة دقائق من الضوضاء و الركض في الارجاء اتجهت الى الغرفة مجاورة و جلبت بعض الثياب و البطانيات لتغطينه بها. عليك التصرف بسرعه و الحفاظ على درجة حرارة جسمه معتدلة قدر المستطاع. انه يحتاج الى المعادن و العناصر الغذائية الطبيعية ليعوض ما خسره، و حتى يتمكن من التعافي، لذا عدت الى المطبخ لتكملي ما بدأت تحضيره.

فتح بيورن عينيه ليجد نفسه تحت ذلك السقف الأبيض اللامع مجددا،

"اه... انه ساطع... و مؤذٍ..." قال في نفسه.

رفع رأسه و أخذ ينظر في محيطه، حاول ان يستند على ذراعيهو إذا بصوت الطنين في اذنه يعلو شيئا فشيا و أخذت الدنيا تنقلب رأسا على عقب وتحولت الرؤية الى ظلام دامس ليفقد وعيه مجددًا.

الأمير و الوحش - فينلاند ساغاWhere stories live. Discover now