الفصل 7

98 17 0
                                    

رفعتِ رأسكِ عن الكتاب، يبدو أنكِ نمتِ عليه بعدما وصلتِ إلى الصفحة السبع مئة و شيء... نظرتِ إلى الساعة لتجدي أنها 8:45 صباحًا. كما توقعتِ لم يمضِ على نومكِ كثيرًا، لنقل غفوه قصيرة لأنه عيب أن تسمي ذلك نومًا أصلا. أمسكتِ بقلمكِ مجددًا و عدتِ لدفتر الملخصات الذي عملتِ عليها طيلة الليل و تفقدته في حال كان ينقصه شيء.

عظيم! لا يحتاج إلى أي تعديلات. أظن أنني سأقوم بتجهيز الفطور الآن!

صففتِ الكتب و الدفاتر في أماكنها و نهضتِ من مقعدكِ و رفعتِ شعرك و أنتِ تفكرين فيما قد تعدين.

"رامن؟ كلا كلا! هل أطلب من مطعم؟ من سيأكل كل الأشياء التي اشتريتيها في الأمس يا فهيمه إذًا؟"

كان شكلكِ يائسًا للغاية و أنت تنظرين إلى المكونات و كأنها ستبادلكِ الحديث لو استمريتِ بالنظر إليها هكذا طيلة اليوم. حتى سمعتِ صوت نحنحة عند الباب. كان بيورن ينظر إليكِ وهو يستند على إطار باب المطبخ. و يبدو أنه استيقظ من مده قصيره نظرًا لشعره الأشعث و ملامحه التي يغشاها النعاس. كان القميص الأبيض ذو الأكمام المتوسطة الطول الذي أعطيتيه إياه لا يناسب مقاسه تماماً فتقاسيم جسده واضحة المعالم.

هممم نفس الطول تقريبًا، لكن هذه الثياب لا تناسبه. سيحتاج إلى مقاس أوسع بالتأكيد.

"ألدينا ما نأكله؟ إنني أتضور جوعًا"

"أمهلني قليلًا..."

نظر إليكِ بيورن باندهاش، لقد تحدثِ لغته للتو...؟؟

"أنتِ! هل كنتِ تجيدين لغتي طيلة هذا الوقت و تظاهرتي بعدم ذلك؟!"

"مفاجأة!~~ ولكن لا. في الحقيقة ابتعتُ كتابًا بسيطًا عن اللغة النوردية ليلة أمس و حفظتُ بعض الكلمات المهمة. ما رأيك؟"

"تعلمتِ كل هذا خلال ليلة واحد؟ و من كتاب؟ لا أصدق"

"...كتاب، و بعض المصادر الأخرى"

"لديكِ لكنة أجنبية سخيفة رغم ذلك. على أي حال، أعدِّ الطعام سأموت من الجوع إن لم يكن من الإصابات"

"هذا ما أفعله و لكن..."

"أنت واقفة عندك منذ مدة و لم تفعلي شيئًا بعد، أتعلمين؟ تحركِ، سأقوم أنا بذلك..آآخ"

قال و هو يجر قدميه الثقيلتين على الأرض و يده ملتفَّة حول جانبه ليضغط بها إصابته الموجعة.

"كلا! لا يجب عليكَ التحرك بعد!"

"ابتعدِ"

"على المريض أن يمتثل لتعليمات معالجِه!"

"على المعالج أن يقدِّم طعامًا طبيعيًا للمريض حتى يتعافى لا أن يجعل حالته تسوء"

دفعكِ و وقف بجانبكِ تماما و بدأ ينظر إلى ما لديكما هنا. هذه أول مره ترينه يقف باستقامة هكذا، انه طويل حقًا. أكثر مما كنت تتخيلين...

ليسا بنفس الطول كما توقعتِ سابقًا.

لو أراد أن يُطيح بكِ لفعل ذلك بيدٍ واحدة و من دون أي جهد يذكر. لكنه لم يفعل ذلك بالأمس...

"هل هذا ما تأكلونه هنا عادة؟ لا تقولي لي أنكِ تتناولين هذا كل يوم؟"

".....الموضوع معقد. و لكن إجابةً على سؤالك، لا."

لا تزال جراح بيورن بليغة لذا يتوجب عليك اسناده في كل مرة يحاول فيها الوقوف أو التجول في أرجاء الشقة أو لاستخدام الحمام.

بيورن عنيد، وقح معظم الوقت ولا يحب أن تأمره امرأة، لكنه اعتاد عليك. شرحت له عن الغاز و طريقة استخدام الفرن. أثار ذلك إعجابه كونه طباخ فرقته المرتزقة. فكر أن وجود الغاز سيسرع عملية تحضير الطعام بدلًا عن إشعال النار في الحطب و عناء مراقبتها لألا تنطفئ. انه يتعلم بسرعه.

عندما جهز الطعام كنتِ قد حضَّرتِ الطاولة و جلستما قبالة بعضكما البعض. أشعركِ ذلك ببعض الحنين، ربما تكون هذه هي نهاية الوجبات الوحيدة التي لا طعم لها؟

"بيوووورن!! هذا الحساء لذيذ جدًا!"

"أعلم، أي شيء عدا ما تصنعينه سيكون لذيذًا من دون شك"

"يا أخي يكفي فهمنا، فأنا لا أجيد الطبخ أساسًا و طيلة الفترة الماضية كنت اتناول طعامًا معلبًا و وجبات مسخنة مرارًا و تكرارًا من طلبات المطاعم و ما إلى ذلك. حسنًا! ستطبخ الوجبات من اليوم فصاعدًا مقابل بقاءك هنا حتى نجد طريقة لنعيدك من حيث أتيت"

"لا تقررِ من تلقاء نفسكِ"

"فات الأوان، هذا الدجاج من أطيب ما ذقت في حياتي لقد قررتُ بالفعل! اسمع، سيكون علينا شراء بعض الثياب فهذه لا تناسبك أبدًا"

"أجل، إنها ضيقة قليلًا. لمن هي؟"

"لأخي، كان أحيانًا يترك بعض الثياب هنا في حال أراد المبيت..."

"كان..؟"

" لم يعد يأتي، و لن يفعل"

أخذ بيورن نبرتكِ تلك كتصريح واضح بأن الموضوع غير مريح بالنسبة لكِ و أنه لا يوجد مجال لإكمال المحادثة أكثر من ذلك لذا تابع تناول طعامه بصمت.

بعدما انتهيتِ من تنظيف الأطباق عدتِّ لقراءة كتابكِ و أخذ هو يتمدد و يتمشى قليلًا في محاولة منه لأن يألف المكان، كان البيت صغيرًا نسبيًا، ليس و كأن البيوت في موطنه واسعة المساحة، على الرغم من أنها تتسع لجميع أفراد العائلة و لكن فكرة أن تعيش فتاة بمفردها لم تدخل مزاجه.

كيف تتدبرين أموركِ؟ من الواضح أنكِ لم تكوني تتدبرين شيئًا بالحكم على مهارات طبخك الرديئة و هيئتكِ الهزيلة. كيف لشخص مثلك أن يصمد في هذه الحياه؟ أمثالك لا يبقون طويلًا أصلًا.

وقف بجانب النافذة المطلة على حديقة الحي السكني، و عنما نظر منها دُهش من ارتفاع هذا الطابق. هل نحن في الطابق الخامس أم السادس؟ انه لا يتذكر عدد السلالم التي صعدها هربًا من تلك الضوضاء في الأمس. لاحظ أن جميع المباني المحيطة مرتفعه بشكل مبالغ فيه.

هذه هي الكريستالات اللامعة التي صادفها عند قدومه إذًا... لا عجب أنه لم يميز ما هيَّتها فالمفهوم جديد عليه كليًا. بدى المكان خالٍ من الحياه حتى مع علمه أن هذه المباني مكتظة بالسكان على الأغلب.

كيف له ألا يشعر بذلك و كل معالم الطبيعة مختفية تقريبًا؟ هنالك بضع نوافذ مزينة بالزهور و الأشجار و قليل من الطيور تحلق هنا و هناك. لكن المكان مُحبطٌ نوعًا ما بالنسبة لشخصٍ يستمتع الجلوس وسط الطبيعة مثله.

الأمير و الوحش - فينلاند ساغاWhere stories live. Discover now