الفصل الواحد والخمسون

7.5K 337 19
                                    

خرجت نورا من باب البيت وهي لابسة عباية خروج سودة ملفتة بضيقها عالخصر وتحديدها لتفاصيل جسدها رغم حشمتها .. كانت لافة حجاب قصير ومزينة وجهها كالعادة بمكياج واضح ..
- طالعة فين ياسنيورة كده عالصبح ؟
التفتت لصاحب الصوت المعروف اللى كان جالس على كنبة صغيرة امام مدخل البيت .. تجاوبه وهي واضعة ايدها على وسطها :
- نعم بقى بتسأل ليه ؟ هو انا مش قايلالك من امبارح اني رايحة بيت جدي اشوف والدتي وبالمرة اروح معاها نزور رائف بعد ما خرج بالسلامة من المستشفى على بيتهم نعمل الواجب.
قال بتهكم :
- لا وانتي بتفهمي بالواجب جوي..طالعة كده من وش الصبح ؟ طب استنى على ما الناس يفطروا حتى ؟
كتفت ايديها ترد بضيق :
- لا ملكش دعوة انت اخرج بدري ولا متأخر.. مش كفاية منعتني اروح ازور رائف والدكتور مدحت فى المستشفى .. دا كان واجب عليك تروح معايا مش تمنعني .
عض على شفته بغيظ منها يقول :
- وانا مايهمنيش اعمل واجب معاهم ياستي ..حد فيهم له حاجة عندي ؟ اما انتي عايزة تغوري انتي غوري ياللا متصدعنيش .
فكت تشبيك ايديها بعنف تصرخ فيه :
- استغفر الله.. مش انت اللى وقفتني ياجدع انت ..اوووف
قالتها واتحركت خطوتين وبعدها وقفت تستدير من تاني.. لفتت نظره فسألها :
- وقفتي ليه تاني ؟
رفعت دقنها تقول باستعلاء :
- ماينفعش اروح عندهم مشي.. تعالى وصلنى بعربيتك .
نهض عن كنبته بتأفف :
- ما انا عارف ان فيها تعب.. تعالي ورايا يابرنسيسة.
عوجت شفتها تقول بتناكة :
- ما انت لو علمتني السواقة كنت أخدت الرخصة وسوقت عربيتي لوحدي بدل المماطلة بتاعتك دى .. أكيد ساعتها مش هحتاج اتعبك .
لاحت على شفته ابتسامة بسخرية من غير مايرد عليها وهو عطيها ضهره .. ماخدتش بالها منها هي .
..........................

وعند عبد الحميد.. البيت كان ممتلئ على اَخره بناس داخلة وناس خارجة من العيلة واهل البلد ..يهنوا بسلامة رائف ويطمنوا على حالة الدكتور مدحت اللى فضل يكمل فترة علاجه فى شقته فى البندر مع زوجته نهال بنت عمه .. وعلى ادان الضهر كان الحركة خفت من الزيارات ..فاستغل اهل البيت اللحظة دي عشان يأكلوا رائف.. اللى ماكنش قادر يكسف حد من الزوار رغم تأخر فطاره..
قال ياسين بمداعبة :
- يعني نفسك انفتحت فى بيت ابوك ..هو انت كنت قرفان من وكل المستشفى؟
ابتسم رائف وهو بيتناول قطعة من فرخة مسلوقة ..فردت والدته راضية بالنيابة عنه :
- سيبه ياعم ياسين ..اصله فرحان وعايز يقوم على رجليه بسرعة.. بعد ما خد الموافقة من ابوه على خطوبة نوها من ابوها .
هلل ياسين بضحك :
- وه وه..وانا اقول الواض ماشاء الله عليه ماله الدموية ردت فى وشه ليه ؟ اتاري .. هنيالك ياهم البت زينة وابوها ولد حلال.
دخل فجأة عليهم حربي يلوح بكف ايده امامهم بتحية:
- سلام عليكم .
رددوا خلفه التحية بينما رائف قال بتريقة :
- يااهلا بالصاحب الجدع.. اللى ساب صاحبه فى المستشفى وكان ياجي يطل زي الغريب ويمشي تاني على طول .
ضحك حربي وهو بيقرب يقعد بجواره على طرف السرير :
- هو انت زعلت مني ياباشا؟ لا انا كده ماتحملش زعلك ولا بعدك عني .
قال رائف بتكشيرة عتاب :
- بعد عني ياض مش عايز اشوف خلقتك ولا طايجك .
- ماتشوفش خلقته ليه بس؟ دا انت حقك تبوس على راسه ياراجل !
رفع رائف راسه لجده ينظرله باستفسار ..فكمل ياسين :
- واض عمك ده كان طول الفترة اللى فاتت دي قاعد بره بيته يراقب عيال الزمقان..فتحي واسماعيل اللى قدروا يصطادوه هو وعاصم واخدوا منه معلومات تودي سراج فتوح فى داهية.
رائف وهو بينقل نظره مابين الاتنين :
- انتوا بيتكلموا جد ولا بيتهزروا ؟
قال حربي بثقة :
- نهزر دا ايه ياض ؟ دا احنا سجلنا لاسماعيل وبعدها سلمناه لحضرة الظابط ياسر فهمي يشوف صرفته معاه واديلوا محبوس بقالوا يومين .. يعني صاحبك نهايتك قربت .
رائف بقى يضحك من قلبه :
- ايوه كده ما يجيبها الا رجالها.. فرحتوني والله بكلامكم ده .
حربي وعيونه بتنظر لخارج باب الغرفة :
- امال انا مش شايف البت نيره ولا عمى عبد الحميد ..هما راحوا فين ؟
جاوبت راضية :
عمك عبد الحميد راح يطل على شغله بعد غيابه الايام اللى فاتت عنه .. ونيره اكيد هاتدخل دلوك تجيبلك حاجة تشربها.. دي طالعان عينها من امبارح من ساعة ماوصل اخوها بالسلامة .. عشان الناس اللى داخلة وطالعة عليه تزور
قال حربي متصنع الغضب:
- ايوة انتوا كده طلعولي عين البت وخلوها تنشف اكتر ماهي نشفانة وانا فرحي عليها يدوبك سبوعين.
زعق عليه ياسين بضحك :
- هو احنا بتنا كده ودا عودها.. عاجبك بقى ولا مش عاجبك؟
قال باستسلام:
- عاجبني ياعم طبعا ..هو انا اقدر
التفت فجأة على خبطة خفيفة منها وهي واقفة على الباب بتضحك .. بعد ما وصلت بالصدفة خلال كلامه عنها:
- اجيب العصير ولا نجيب غدا احسن.
رد عليها بابتسامة جميلة :
- هاتي العصير وبعديها هاتي الغدا .. اصل انا لابد النهاردة هنا عنديكم.
...........................

ست الحسن ( الجزء التانى )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن