الفصل التاسع عشر

20.7K 1.4K 58
                                    

الفصل التاسع عشر..

-أنا شايف الموضوع بسيط يا عم مصطفى، مكبره ليه بس!

صدح صوت يزن بلطف محاولاً اقناع مصطفى بزواج مليكة وزيدان في نهاية الشهر..ولكن الرفض حلق فوق تقاسيم وجه مصطفى، مما أثار ضيق زيدان وبنفس الخطى التي رسمها يزن تمسك بالصمت حتى لا يثير أي بلبلة قد تؤدي إلى رفض قاطع من جانب  زوج والدتها، وفي الحقيقة أن زيدان قد استنزف جميع قواه في اقناع يزن ووالدته وقد استغرق الأمر منه يومين كاملين في مجادلات حادة وأحيانًا هادئة لم يخرج منها بشيء سوى احساسه بالفشل وخوفه من فقدها بعدما اقتنعت برأيه وتقبلها بمساعدته من خلال زواجهما، لن يكسر بخاطرها ولن يتحمل فكرة ابتعادها عنه، ربما تريد الحياة مكافئته عما يعانيه من جلد ذاته بسبب نهى، ورغم أنه حاول الوصول لها مرارًا وتكرارًا إلا أنها اختفت تمامًا عندما سافرت، فاختار الانتظار وفور عودتها سيخبرها بكل شيء ويغلق تلك الصفحة بل سيدفنها في قناع النسيان وكأنها لم تكن...ولوهلة شعر زيدان بمدى تعلقه بوجود مليكة في حياته، فبدأ عقله يقتنص كل فرصة في الاقتراب منها حتى لو كان على حساب مخاوفه التي تجسدت في سليم أخيه.
عاد بانتباهه للحديث القائم بين مصطفى ويزن أخيه، ويبدو أن يزن جيد بالإقناع حيث اختتم قوله بابتسامة واسعة:

-خلاص يا عم مصطفى قوم اسال مليكة واحنا مستنين.

زفر مصطفى في هدوء ثم نهض متجهًا صوب غرفة مليكة وتركهما يتحدثا بهمس وكانت من البداية من قبل زيدان:

-إيه وافق!

-وأنت كنت نايم ولا عقلك مشغول بالجوهرة بتاعتك.

رفع زيدان جانب شفتيه في غيظ وهمس بحنق:

-احترم نفسك وليها اسم تقوله.

-لا لو سمحت تحجر على رأي هرجع في كلامي.

لاح التهديد بنبرة يزن حيث تعمد اخراجها مستغلاً كل فرصة في اذلال زيدان وقد أدرك زيدان ذلك ورفع حاجبيه غير مصدقٍ وقاحته.

-أنا اللي راجل اهبل عشان اعتمد على واحد زيك.

ضحك يزن بتكبر ورمقه بتحدٍ:

-هيخرج دلوقتي ومعاه موافقته، ووقتها هتعرف أن انت اختارت الشخص الصح.

أشاح زيدان بوجهه بعيدًا متظاهرًا بلامبالاة رغم انه داخله كان يحترق شوقًا لتلك الموافقة التي ستبدد جزء كبير من الظلام المحيط بحياته، اما يزن فتعلقت عينيه بأخيه الذي مهما حاول إظهار تجاهله إلا انه يتمنى انهاء ذلك الأمر بما تميل إليه نفسه، ورغم أنه ثار برفض قاطع عما أخبره به زيدان ومحاولته الجادة في اقناعه هو ووالدته في اتمام الزواج في أسرع وقت إلا انه استكان بعدما علم السبب الرئيسي في سرعة زيدان في الزواج منها، لن ينسى نظرة الشفقة في أعين والدته عليها حتى انها أخبرته برغبتها في اقامة مليكة معهم وبالنهاية لن يضطر للجوء لفكرة الزواج من الأساس ولكنه رفض وتمسك برأيه حينها لمح يزن شبح الخوف المسيطر على أخيه المتمثل في فقدانها، فكل محاولاته تصب في بئر تملأه رغبة وجودها بجانبه دومًا، لذا رضخ واعتبر أن العراك مع سليم سيكون جامع للخطوبة والزواج معًا وسينتهي الأمر بالتأكيد دون عناد من قبل سليم فهو كان يخشى تعنت سليم ومحاولاته لبث الربكة في اتمام الزواج لمجرد معاقبتهم فقط.
***
بداخل الغرفة...كان الصمت يسود بين مليكة المتوترة ومصطفى المعاتب لها بنظراته، فكانت تبتعد بقدر كبير عنه حتى لا تواجه اعصار غضبه منها بسبب اعلانها لموافقتها على الزواج بتلك السرعة وهذا ما يرفضه بالمرة، وقد حركته فطنته أن السر في ذلك هو رغبتها في اتمام زواجه هو الأخر فبدون قصد اخبارها أن زواجه متعلق بزواجها هي الأخرى لذا لجئت تلك المسكينة على الموافقة، فقرر نفض غضبه بعيدًا وصب تركيزه في محاولة اقناعها بكل ذرة صبر لديه:

 رواية منكَ وإليكَ اِهتديتُWhere stories live. Discover now