الفصل العشرون

23.5K 1.6K 203
                                    

الفصل العشرون...

وصلت السيارة المُقلة لزيدان ومليكة من المطار حتى البلدة التي كانت تقع على أطراف مدينة الاقصر...قضت مليكة أغلب الوقت في الصمت بعدما نفذت طاقتها في الحديث وخاصةً بعد رحلة الوداع التي خاضتها مع زوج والدتها، فقد أغرورقت عينيها بالدموع وهي تقابل نظرات الحزن الممزوجة بالأسف من قبل زوج والدتها بينما كانت يداه ترفض ترك يدها الصغيرة وعقله يدفعه نحو ذكرياتهما معًا منذ بداية طفولتها حتى لحظة زواجها، لم يكن يعلم أن تلك اللحظة ستكون مهيبة بهذا الشكل، موجعة لأقصى حد وتحديدًا سفرها وبعدها عنه لم يتقبله، فحين يشتاق قلبه لعناق أبوي من سيشبعه بذلك الشعور غيرها! لمن سيضيء وجهه لابتسامتها الرقيقة...بالنهاية هي من اختارت لذا قرر الاستسلام وعدم المقاومة وقد رأت ذلك في عينيه مما أدى إلى تسلل الراحة لصدرها فقد كانت تخشى ضميرها والذي كان سيتراقص بجنون فوق أوتار تماسكها ان غادرت ورأت نظرة اللوم في عينيه.
انتبهت مليكة ليد زيدان المربتة فوق يدها، فنظرت إليه ورأته يحثها للنزول من السيارة، حركت رأسها بإيماءة وهبطت تقابل حياة جديدة محاولة أن تنسى ما يؤرق عقلها مؤقتًا، يكفي انها ابتعدت ولم يعد لها أثر في القاهرة..وها هي هنا في مدينة بعيدة جدًا وبلدة متطرفة.
قابلت السكون المطبق على البلدة، وغرق وجهها بملامحه المُرهقة في التعجب، فاندفع رجل قمحي البشرة، قصير وجسده سمين بعض الشيء يقابلهما بابتسامة مرحبة وأول من كسر امارات التعجب فوق وجهها هو صوته المجيب:

-عندنا البلد بتبدأ تنام من المغرب، نورتوا يا باشا.

حرك زيدان رأسه بتحية بسيطة وتقدم نحوه في خطوات بسيطة فتراجعت مليكة خطوة تترك له المساحة الكافية للتحدث معه، بينما زيدان رفع وجهه للبناية قائلاً:

-الشقة هنا؟!

ارتفع صوت الرجل بتأكيد وقد سرق انتباه مليكة التي كانت تمرر بصرها على البناية الكئيبة ذات الاضواء الخافتة:

-اه يا باشا...الشقة هنا في الدور الثاني.

فأشار له زيدان بالتحرك وتحرك خلفه ولكنه لاحظ وقوف مليكة وتحدقيها بالبناية فعاد إليها وحدثها بصوت خافت:

-يلا يا مليكة، واقفة ليه؟

تقدمت نحوه ثم قالت بصوت مرتبك:

-زيدان العمارة دي كئيبة اوي.

نظر حوله بسخرية مردفًا:

-المنطقة كلها مش دي بس..

أومأت برأسها تؤكد على حديثه، لمحت كفه الموضوع أمامها فوضعت كفها الصغير بين قبضته الرقيقة وتركته يحركها خلفه بلطف حتى وصلا لشقة بالطابق الثاني..دخلا سويًا كانت الانارة جيدة والاثاث مغطاه بأغطية بيضاء كثيرة يملأها الغبار..فيبدو أنها كانت مهجورة لفترة كبيرة.
شعرت مليكة بيد زيدان التي تركتها فوقفت بالمنتصف تحدق بأرجاء الشقة بداية من الصالة فكانت متوسطة حجمًا وغرفة واحدة موجودة أمامها مباشرةً ومرحاض بجانبها والمطبخ في الجهة الأخرى، فخرج صوتها يسأل بضيق:

 رواية منكَ وإليكَ اِهتديتُWhere stories live. Discover now