الفصل السابع والعشرون

21.3K 1.5K 132
                                    

الفصل السابع والعشرون..

في المساء...

دخل سليم لشقته بعد يوم طويل قضاه في عمله، فلم يعد للمنزل مرة أخرى بعد مواجهته ليزن في المعرض، واكتفى باللجوء لعمله كمحاولة للهروب من صدمة زلزلت كيانه، لم يكترث لمقابلة لمليكة..لم يكترث لأي شيء سوى التركيز على عدم التقدير الموجه له من قبل اخواته وخاصةً زيدان لولا إصراره ما كان يزن فكر لوضع هذه الخطة، حتى أنه لاحظ عدم رضا والدته لأول مرة وهذا ما هدأ نيران قلبه قليلاً من ناحيتها، ولكن لا زالت تلك الحواجز المنيعة بينهما تحول لمسامحتها أو التعامل معها بشكل مُرضي، مجددًا عادت مشاعره تستهلك من قبلهم بطريقة فجة، فأصابت ندبات فؤاده بجروحٍ اعمق رغم محاولاته الكثيرة في معالجتها..حتى تلك المدة التي قضاها في الغربة بعيدًا عنهم لم تفييده بشيء كما توقع بل عاد على تصرف أحمق وكالعادة من قبل زيدان وكأنه يصر على هدم علاقاتهما بأفعاله المتهورة وعناده المتأصل بروحه.

انتبه على لمسة حنونه من يد شمس التي يبدو لاحظت جلوسه بالأريكية في الصالة مستغلاً الاوضاع الهادئة والاضاءة الخافتة، رفع عينيه لها ينظر لهيئتها الحزينة وهي تراقب بهوت ملامحه وكأن السعادة الممزوجة بالحماس التي ارتسمت فوق ملامحه فور نزوله من الطائرة وأثناء الطريق استعدادًا لمقابلة عائلته اضمحلت فجأة وعادت ملامحه الصارمة القاسية تكتسح وجهه من جديد وكأنهما عادا لنقطة الصفر.

مد يده يجذبها لتجلس بجانبه مررًا اصابعه فوق وجهها يسألها بنبرة حاول أن يجعلها حانية ورغم عنه خرجت خشنة قوية:

-مالك؟

بالمقابل رفعت عينيها تطالع خاصته التي لاحظت بهما شراسة وقسوة ارتجف قلبها بسببهما، فقالت بحزن به لمحة من الحنو:

-زعلانة عشان أنت زعلان.

ابتسم بتهكم لصفاء مشاعرها ولكنه قال بجمود:

-أنا تمام زي الفل، متشغليش بالك.

اعتدلت بجلستها أكثر وأمسكت وجهه بين كفيها تقول بنبرة لطيفة هادئة:

-ازاي بس مشغلش بالي بيك، أنا طول اليوم قضيته في خوف عليك وماما كانت تعبانة ومرات زيدان مشيت ويزن...

قاطعها بنبرة حادة:

-مش عايز اسمع عنهم أي حاجة.

هبطت يدها لمستوى كفيه وبدأت في احتضانهما برقة وهي تقول بنبرة معاتبة:

-ازاي بس يا حبيبي، دول في النهاية أهلك.

لقد اكتفى...حقًا اكتفى بالاكتواء بنيران الخذلان فقال بصوت بدأت قواه في الاستنزاف:

-شمس متفتحيش في أي حاجة تخصهم، أنا راجع بيتي عشان اهرب ومافكرش في اللي عملوه، لو عايزة تتكلمي أنا ممكن اسبلك البيت كله وامشي.

 رواية منكَ وإليكَ اِهتديتُحيث تعيش القصص. اكتشف الآن