الفصل التاسع عشر

63 4 9
                                    


تجاهلوا الأخطاء الإملائية

🌿 🌿 🌿 🌿

رفع فريد إصبعيه يدلك بين عينيه ليخفف من حدة الصداع الذي شق دماغه بسبب نوح،. هذا الرجل لديه طاقة مرعبة، السفر وتعبه لم ينقص من حماسه ذرة واحدة بينما هو يكاد يتمدد على أرضية المطار حالا لينام!.
جر حقيبته يعدل من ياقة قميصه المرتفعة لتغطي كامل عنقه وهو يتحدث بالألمانية " بالله عليك اصمت قليلا، على الأقل حتى نصل الفندق".
ابتسامة نوح كانت سعيدة جدا ،هو حقا فرح أن زار هذه الدولة أخيرا، كان يسمع عنها من فريد كثيرا، وكيف أنه اشتاق لهوائها و ناسها الطيبين و المضيافين، وهو الآن أكثر من مشتاق ليجرب السير بين أحياء هذه المدينة و زيارة معالمها التي ظهرت له على الإنترنت" حسنا حسنا، لكن احسب حسابك، أنا جائع جدا و ستطلب لي أكلا منزليا عوض أكل الفندق الذي أوقن جيدا أنه سيكون دون طعم" .
استدار نحوه فريد بحاحب مرفوع يسأله بعدم تصديق" طعام منزلي؟ و الآن في هذه الساعة؟!، أنت تمزح ".
هز نوح رأسه يسبقه نحو الخارج يجيبه بصوت عال" لا لا أمزح، سيارة الأجرة تنتظرنا هيا أسرع".
خد فريد بدأ يتحرك بعصبية و لسان حاله يتساءل بشك " أهذا عقابي في الدنيا يا ربي؟".

بعد مدة وصلا أخيرا الفندق، صعدا عبر المصعد و فريد يكتم تثاؤبه بظهر يده، بينما نوح يعبث بهاتفه فيقول بالألمانية " أحتاج إلى شريحة هاتف محلية، لا أستطيع المكوث طويلا دون انترنت ".
هز فريد رأسه موافقا يجيبه بلهجته الأم " حسنا، غدا إن شاء الله سنحل هذا الأمر".
عندما عم السكون من جهة المتحمس زيادة عن اللزوم رفع فريد رأسه نحوه، فوجده يرمش عدة مرات بعدم فهم قبل أن يعلق " هل تعمل الترجمة الذاتية تلقائيا عندما تأتي إلى بلدك أم ماذا؟، لم أفهم شيئا مما قلتَه".
رقق فريد صوته قليلا متهمكما يجيبه بلهجة تقريبية من بلد نوح العربية معيدا نفس الجملة الأولى، فجابهه نوح مجددا بتعبير مشمئز قبل أن يدعي الغثيان و محاولة التقيء وهو يقول بنبرة مريضة" أرجوك لا تحاول التحدث بلهجتي مرة ثانية، أنت تخرب الحروف و تخنق المخارج و تغير المعنى... حسنا لقد فهمتك، ليتني لم أمزح منذ البداية، ما كان علي سماع كل هذا، أشعر بالمغص".
ابتسم فريد ابتسامة واسعة " المرة القادمة لا تمزح بهذا الشأن، و بما أنك تتقن لهجة هذا البلد جيدا فلا تدعي العكس أمام أحد لأنك عندها ستعيش تلوثا سمعيا من الطراز الأول ".
انفتح باب المصعد مع سخرية نوح" أنت مروج جيد للغة بلدك ".
تثاءب فريد مجددا قائلا" لا أبدا، لكن إن حاولت لعب دور السائح ستجد الناس تحاول قدر الإمكان التحدث بأي لغة قريبة من لغتك لتفهمهم، و أنا لا أحب أن أرى أحدا يستهزئ بمجهودات الناس وهو من الأساس يتقن اللهجة جيدا... هل فهمت؟".
استدار ما إن أنهى كلامه فوجد نوح يضع البطاقة على باب غرفة بعيدة نسبيا يحاول فتحها وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة، عندها علم فريد أنه كان يكلم الهواء منذ قليل، فزفر بتعب يتقدم خطوة أخرى نحو غرفته الخاصة ليفتحها ثم يدخل و يغلق الباب خلفه.

  ثمار الماضي  || FRUITS OF THE PAST Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu