الفصل العشرون

32 1 5
                                    


تجاهلوا الأخطاء الإملائية

🌿 🌿 🌿 🌿 🌿 🌿 🌿

بيت بُنِيَ من الخوف و نزعة الحماية، فحَوى داخله فتاةََ كُسرت هامتها من أقرب شخص كان يسندها، فيظل في خاطرها شيء وحيد لحد اللحظة، شيء سيجعل نار الغدر التي أحاطتها و ذاك الألم الذي خلَّفه سكين الحقارة في روحها يهدآن قليلا...
داخل يامورا... وخلف طاولتها الزجاجية، تجلس و انتباهها موجه لكلمات والدها التي تذبحها للمرة الثالثة كلما أعادت الشريط لتتمعن فيه... و لترتب أفكارها أيضا ، جورجينا طمعت في يامورا و قتلت سليمة و أفقدتها هي بصرها ثم سيطرت على بشير، و بعدها أنهكت حيله و أدخلته المشفى رغم انه هرب منها إلى المغرب لكنها لم تهنأ حتى زاد سقمه و تم حجزه في المشفى إلى غاية موته بسكتة قلبيه...
بطبيعة الحال والدها من أخبرها بكل هذا الكلام في هذا الفيديو الذي مازال صوته يرن في الغرفة الزجاجية، و هي استنتجت و ربطت الأحداث إلى غاية رد روح والدها إلى الخالق سبحانه... ولا تحتاح ذكاءََ خارقا لتدرك أن موته مفتعل و مقصود.
ألم.. لا بل هو شيء أسوء منه، شيء فظيع يخنقها و يكتم أنفاسها ويؤجج نيران الغضب و القهر و الغدر الذي تعرضت له... لكنها في حالة حرجة لا تقبل الاستسلام و البكاء و رثاء الحال، يجب أن تتصرف، جورجينا لن تفلت بفعلها هكذا بعد كل هذه السنين، حقارة لا توصف اجتمعت داخل صدر هذه السيدة، و المقرف في الأمر انها كانت تعتقد أنها أمها.. و لكن للأسف لم تحس يوما بأمومتها تجاهها ، فكانت تكتفي بالتساؤل عن سبب هذا الشعور دون أن تبحث عن جواب محدد له، لكنها الآن تشعر بالسبب أكثر من معرفتها الواضحة به، تشعر به سعيرا موقدا سيحرق كل من تجرأ عليها في الماضي وهي كانت تتجاهله... فلا مجال لغض الطرف عنه الآن.

أخذت نفسا عميقا جدا تهدئ نبض قلبها الراكض في صدرها انفعالا، ثم تقول.. بكل ثبات " يامورا، تجهيز ملف بشير للإرسال عن طريق البريد الإلكتروني... و معه ملف عصائر الغَجر....".
" تفعيل الأوامر... جاري التحميل.. رجاءََ انتظري دقيقة".
التمعت عيناها الثائرتين و التائهتين في نفس الوقت، تنفض عنها رماد جلدها المحروق فينكشف اللحم و معه تطفح الرغبة في إنهاء الألم بأسرع وقت... فلن تسمح لهم بإضعافها و سلبها حياتها من جديد مهما كان الثمن.. رغم أنها تموت رعبا لمجرد ذكر سيرة الإيطالي القذر... لكنها ستحارب ولو اضطرت أن تكون وحيدة.. لن تستسلم مجددا!.

******
بعد بعض الوقت
في ردهة المنزل.

"منى" صوت آستر انبعث عبر الردهة منادية على الفتاة الجديدة التي أحضرتها إلى المنزل فورا قبل ساعات قليلة، فتجيبها منى الواقفة على مقربة منها منذ وقت طويل مدَّعية تلبية النداء على وجه السرعة" نعم آنستي".
ابتسمت آستر لها ترفع عنها التكلفة قائلة" لا داعي لتلقبيني بهذا اللقب، يكفي أن تناديني باسمي".
مطت منى شفتيها تضيق عينيها تجيبها مكملة التمثيل بصوتها " حاضر رغم اني لست معتادة على ذلك".
أومأت لها آستر بنفس الابتسامة تطلب منها " رجاءََ أريد كوبا من القهوة".
تمتمت منى " حسنا" ثم استدارت تجوب بعينيها المنزل بأكمله، تمشي بخطوات متمهلة تسجل الملاحظات في عقلها بسرعة لتتذكرها جيدا، ثم توجهت نحو المطبخ تحضر المطلوب منها وهي تتمتم من تحت ضروسها المصطكة" السم الهاري إن شاء الله".
رن جرس الباب فهتفت آستر" أنا سأفتح الباب" ثم بحركات بطيئة توجهت نحو الباب عبر الممشى، و شبح ابتسامة يداعب ثغرها، يبدو أنها لن تظل وحيدة في المنزل بعد الآن! .
تساءلت من خلف الباب " من الطارق؟".
" هذه أنا آستر، افتحي الباب" أتاها صوت عاليا الهادئ فابتسمت تفتح الباب بسرعة تهتف بها "أهلا، ظننتك لن تعودي اليوم".
أخذتها عاليا بحضن سريع تجيبها " أتيت فقط لأتفقدك و اطمئن، ثم أذهب".
جذبتها آستر معها نحو الداخل بحيوية مفاجئة تقترح عليها " إذن ما رأيك بفنجان قهوة ".
ضيقت عاليا عينيها تتساءل بصوت عال " ما الأمر آستر؟ ، تبدين مختلفة".
ضحكت هذه الأخيرة بعذوبة دغدغت حنان عاليا وهي تقول " لقد وجدت فتاةََ تساعدني في البيت و تبقى معي أيضا ".
زاد استغراب عاليا لكنها تجاهلت الأمر بسرعة تعلق و عقلها مشغول بأمر دانيل" مبارك لك حبيبتي، إذن أمورك بأحسن الأحوال الحمدلله، لذا أنا سأغادر فورا لدي مشوار مهم".
استوقفتها آستر بسرعة تمسكها من ذراعها" و القهوة؟ "، ربتت عاليا بدورها على كتف صديقتها متأسفة " لدي شغل مهم يجب أن أنهيه عزيزتي، إلى اللقاء". ثم تقبل جبينها بإحساس فائض بحنان صديقة و أخت رزقها الله بها، فتتجه إلى الباب ثم تغلقه خلفها بينما آستر تتمتم بهمس " في حفظ الله".

  ثمار الماضي  || FRUITS OF THE PAST Where stories live. Discover now