الفصل الثالث عشر ( موافقة بالإجبار )

3.5K 246 184
                                    

كانت أفنان تقف بالصيدلية مُنشغلة بترتيب بعض الأدوية، حتى ولج ذلك الشاب إلى الصيدلية وهو يقول بنبرة هادئة:

-" السلام عليكم".

نهضت أفنان لتُلقي السلام بنبرة سريعة وهي تقول:

-" وعليكم السلام".

كادت أفنان أن تستكمل حديثها، ولكنها تعرفت عليه على الفور، فلم تستطع كبح تلقائيتها وسعادتها وهي تقول بنبرة هادئة:

-" أنس؟ عامل إيه!".

رفع أنس رأسه لينظر لها، ليتفاجيء بها، هي .. مازالت كما هي، لم تتغير كثيراً، أكثر ما يُميزها تلك الإبتسامة التي كان يُحبها، والتي لم يراها مُنذ سنوات، ولكنه عند رؤيتها شعر وكأنها كانت أمامه في كل وقت، تلك التي أثرت بقلبه مُنذ الصِغر.

أفاق أنس من شروده بعد ثواني، ليخفض رأسه سريعاً وهو يقول بنبرة مُرتبكة حاول السيطرة بها على مشاعره:

-" بخير الحمدلله في زحام من نعم".

تذكرت أفنان في ذلك الحين حديث والدها، لتتوسع أعينها تزامناً مع تلاشي إبتسامتها ببلاهة، لتبتلع ريقها وهي تشعر بالإحراج، حتى قام أنس بوضع تلك الورقة على الطاولة الفاصلة بينهما ليقول بنبرة مضطربة وهو مازال ينظر للأرض:

-" كنت محتاج العلاج إللي في الروشتة بعد أذنك".

نظرت له أفنان قليلاً، لتومىء برأسها حتى أخذت الورقة لتبتعد وهي تقرأ ما بها لتُعطيه ما يريده، حتى أغلق هو جفنيه بعمق بعدما شعر بضربات قلبه التي أزدادت، وزاد عليها تلك النغزة التي شعر بها عندما تذكر رفضها له، ليبتلع ريقه بصعوبة أثر تلك الغصة العالقة بحلقه، لتأتي إليه هي بعد قليل لتضع الأدوية والورقة من أمامه قائلة بجدية وهي تكتب على علب الأدوية:

-" دة هيتاخد كل ١٢ ساعة، ودة بعد الـ ٣ وجبات".

وضع أنس يده على جبهته بتوتر، لتنظر له أفنان حتى أشاحت بنظرها عنه مرة أخرى وهي تقول بنبرة هادئة:

-"كدة ١٧٣ ".

أومأ لها أنس برأسه عدة مرات، ليقوم بإخراج الأموال من جيب بنطاله، حتى قام بإعطاءِها، ليلتقط حقيبة الأدوية وهو ينوي الذهاب ولكنها أستوقفته بعدما عادت بنظرها إليه قائلة بنبرة سريعة:

-" مفيش فكة".

رفع أنس رأسه ينظر لها، حتى لوح برأسه وهو يزوغ بأعينه في كل مكان قائلاً بنبرة هادئة:

-" عادي مفيش مشكلة، جزاكِ الله خيراً".

إبتسمت له أفنان بإضطراب، ليذهب هو من أمامها، حتى نظرت في أثره قليلاً بحُزن على معاملته الجافة لها، تعلم بأنه مُحق، وأن ذلك هو الصواب، ولو كان شخصاً عابراً لها لم تكُن لتتأثر، ولكنها تتذكر جيداً جميع تفاصيلهم معاً بطفولتهم، كان يكبرها بخمسة أعوام، ولكنها بالنسبة لهم كانت خمسة دقائق، عقله المُقارب كثيراً لعقلها، إهتمامتهم المُتشابهة، مرحهم المُماثل لبعضهم البعض، فدوماً ما أعتبرته أخاً لها نظراً لإهتمامه بها كثيراً، ولكن بقى ذلك بالماضي؛ إبتسمت بهدوء، لتلوي شفتيها بقلة حيلة حتى عادت إلى عملها مرة أخرى.

عُمارة آل نجم.Where stories live. Discover now