الفصل العشرين ( أمل يُضيء القليل من النور )

3.3K 258 151
                                    

مرت عدة أيام، لم تكن كسابق عهدها، أصبحت عُمارة آل نجم بأكملها، مختلفة عما كانت عليه سابقاً، أصبح درج البناية فارغاً من صوت غِناءه البشع، كما لم يعد يلمؤها صوت ضحكاته هو ورفيق دربه، لم يعد هناك أياً منهم حتى ليعوض فراق وعدم وجود الآخر، أصبح الحزن يحاوطهم من كل مكان، وكل منهم يحمل بداخله العديد والعديد من الحمل الذي فاق قوتهم.

قامت شادية بوضع طعام الفطور على الطاولة في صمت أصبح مُصاحبها، لتساعدها كلاً من أفنان وأحلام، حتى أنضموا من بعد ذلك على الطاولة، بعدما جاء كلاً من عابد ورشاد ليجلسان معهم، ليتساءل عابد كاسراً ذلك الصمت وهو يقول بنبرة هادئة

-" أومال بلال جاي أمتى".

نظرت له أفنان بعدما رأت صمت وشرود كلاً من شادية وأحلام، لتجيب قائلة بنبرة هادئة:

-" هييجي بعد الشغل، ممكن على ستة علشان لسة هيجيب وئام".

أومأ لها عابد برأسه، لينظروا جميعهم إلى شادية التي نهضت من أمامهم، حتى أستوقفها عابد قائلاً بنبرة مُتعجبة:

-" مأكلتيش ليه يا شادية".

لم تنظر له لتستكمل طريقها وهي تسير بخُطى مثقلة أثناء قولها بنبرة متعبة:

-" شبعت ".

وجهوا جميعهم نظرهم نحو عابد الذي نظر في أثرها بهدوء ليعود بنظره إليهم، حتى نهض ليقول بنبرة صارمة:

-" كملوا أكلكم ".

ليتركهم من بعد ذلك، حتى ولج خلفها إلى غرفة نومهم، لينظر لها وهي تجلس على الفراش تستند بالوسادة على فخذيها، تُطالع الفراغ من أمامها بشرود، ليقترب يجلس أمامها على الفراش، حاول التودد إليها بهدوءه ونظراته اللينة وهو يقول بنبرة لا تقل عن مظهره ولكن طغى عليها الحُزن والعتاب عليها من تلك الحالة:

-" وبعدين يا شادية، هتفضلي كدة كتير، البيت ملهوش حس من غير صوتك".

لم تنظر له شادية ولم تتحدث، فقط أكتفت بالصمت تعبيراً عن حالتها، ليتنهد عابد بعمق، حتى رفع رأسه لينظر لها وهو يقول بنبرة هادئة:

-" مالك مش إبنك لوحدك يا شادية، إبني أنا كمان، وأنتِ عارفة تربيتي ليهم، عارفة إني من زمان معلمهم إن إللي يغلط يتعاقب علشان كدة طلعوا رجالة نعتمد عليهم في كل كبيرة وصغيرة، بس معلش.. ما إحنا ياما غلطنا في شبابنا، الفرق إن العقاب مختلف، لكن النتيجة واحدة".

أغرورقت أعينها بالدموع وهي تستمع إليه، لتنظر له بنظرة تفهمها هو، حتماً سيتفهمها، من تسكن معه لطول ذلك العمر، من يعرفها جيداً ومن تعرفه أشد المعرفة بمجرد نظرة من أعينهم إلى بعضهم البعض، أعينهم التي فقط يمكنها التحدث بما يجول بصدورهم، تلك النظرة التي بدت وزينت مدامعها والتي أفصحت عن شعورها تجاهه، وهو اللوم الذي التقطه هو على الفور، ليتحدث بنبرة رزينة يشوبها اللين قائلاً:

عُمارة آل نجم.Where stories live. Discover now