الفصل الأول

159 25 16
                                    

توهّجت السّماء بعروق زرقاء متشابكة تومض بتكرار يصحبها رعد مدوٍّ يصمّ الآذان، الغيوم السوداء حجبت الأفلاك تطويهم خلفها تجعل من الصعوبة تمييز الصباح من المساء.

صليل السّيوف شدّ انتباهي يجبرني على تحويل نظري من السماء الغاضبة إلى الأرض؛ أرض المعركة، حيث انغرس المحاربون في الرمال، كل اثنان يتواجهان، يتصادمان ويتضاربان، الغبار يعمي الأبصار، الرذاذ القرمزي لاذع الرائحة يغطي كل شيء ويؤكد على واقعية المشهد، هذه معركة حقيقية. وهنا تراق دماء حية!.

طرقة صاخبة شقت المكان، صاحب المطرقة ظهر يسرق الأنظار، يقف شامخاً متربصاً كأسد جائع تثير الجروح المفتوحة شهيته، يعبّ الحماسة من حوله كما الهواء.

«لم تجد مَن يضاهيك قوة؟ هلمّ إلي يا صديق!».

صاح، متأهب تمامًا يدعو محاربًا قوي البنية يطأ بقعة متشبعة بدماء ثلاثة من القتلى أرداهم بنفسه في وقت سابق، وما يزال ينتظر عدوًا مكافئًا مذّاك.

انخرط المحاربان في معركة حامية، وتاه زعيق سلاحيهما في وسط الضجيج، ولكنّ زعيق حنجرتيهما تصدّر لا يعيقه شيء.

بارقة كهربية صدمت صخرة ضخمة أمامي تعمي عيناي عمّا يجري، وسمعت قلبي يخفق بقوة ضد أضلاعي لأشهق بعلوّ أستيقظ على ظلام دامس يحيطني من كل اتجاه وتناهى إلى أذناي قرع أجراس أدركت أن مصدرها جارتي وقد قررت أن تقيم صلاتها في ذروة حلمي، مجددًا!. أكاد أجزم أنّها تتعمد هذا!.

ها قد انقطع كابوسي الحماسي ولديّ يوم حافل لأعيشه.

قفزت من السرير، رفعت الستائر أسمح لضوء النهار بإلقاء التحية على الغرفة، ثم توجهت إلى دورة المياه بعد أن ضبطت منبهي على نصف ساعة وعلقته فوق المغسلة بعيدًا بما يكفي عن الصنبور.

-

بيد حملت مفاتيحي المقلَّدة بحبة كرز معرقة بحجم الإصبع من السيلكون، وباليد الأخرى شطيرتي سريعة التحضير، رحت أقضم إفطاري لهذا اليوم بملل بينما أسير نحو سيارتي في الجهة الأخرى من الشارع، ذلك حينما لمعت برأسي فكرة ابتسمت لها قبل أن أنعطف يمينًا إلى وجهتي الجديدة.

خطوت أولى خطواتي في عرين الأموات أجيل بصري يمينًا وشمالًا أبحث عن ضريح معين، وكان علامة فارقة يسهل تمييزه.

أحاطته باقات الزهور من كل اتجاه تطيّب هواء المنطقة بأكملها، الغرسة الحديثة شرعت في النمو، هل مرّ الكثير مذ تم زرعها؟ ربما انقضى نصف عام أو نحو ذلك.

«مرحبًا أيتها المحاربة الشرسة. هل أنتِ سعيدة حيث تقطنين الآن؟ أتمنى ذلك... ولكن ما يهم حقًا أنك لا تتألمين بعد الآن، ولا أنا. بفضلك».

شابكتُ قدماي أرضًا أتأمل الشجيرة الصغيرة حيث ترقد منقذتي، هناك تحت الأرض وبين الجذور الرطبة، تستقر عظامها.

متاهة الڤالهالاHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin