الفصل الثالث

4.1K 314 61
                                    

"هُيام استقيظي يا عزيزتي"

فتحت إحدى عيناي والأخرى لم تستيقظ بعد وإذا بوجه أمي أمامي وقالت "إنها الخامسة والنصف.. هيا استيقظي"

بعد أن اعتدلت بجلستي "وصحصحت شويتين" قلت لأمي "غريب.. لماذا أنتي توقظيني؟"

"لاشيء غريب.. فقط أم ارادت أن تكون أول وجه تراه ابنتها الكبرى الغالية عندما تستيقظ"

قبلت جبيني وغادرت وأنا مازلت مصدومة..

طوال السنين الثلاث في الجامعة والمنبه هو من يقظني.. مالذي حدث الآن؟

صليت ولبست ملابسي وأنا لازلت أفكر مالذي تخفيه أمي؟ لابد أنني مصابة بمرض عضال.. أيعقل أنني سأموت قريباً.. وأرادت أن تبذل مافي جهدها لأكون سعيدة.. آه هذا يبدو منطقياً!

نزلت إلى الطابق السفلي واتجهت إلى المطبخ وجدت أمي قد أعدّت الحليب والبيض وكانت جالسة حول طاولة الطعام.. سحبت كرسياً وجلست.

بعد أن أتممت إفطاري نظرت إلى الساعة "إنها السادسة يجب أن أوقظ إخوتي" وهممت بالقيام من الكرسي عندما استوقفتني أمي وقالت "أجلسي أريد أن أتحدث معك.. خمس دقائق لن تضرهم"

"ماذا هناك؟"

"امم.. تقدم أحدهم لخطبتك.. بالأمس هاتفتني أمه"

"أمي تعرفين بالضبط وجهة نظري من هذا الموضوع.. أخبرتكم للمرة الألف أنني أريد أن أكمل دراستي الجامعية أولاً ثم أفكر بالزواج"

"قلت لهم ذلك ولم يبدوا أي اعتراض فقط يريد أن تكون خطبة رسمية حتى لا يخسرك وتذهبين لغيره"

"يخسرني؟ تقصدين ألا تخسرني أمه!! متأكدة بأنه لا يعرف إسمي حتى.. لا أريد حتى خطبة " نهضت وقلت "سأذهب لإيقاظ أخوتي"

عندما أشارت الساعة إلى السادسة والنصف لبست عبائتي وذهبت للمطبخ قبلت جبين أمي وقلت "مع السلامة"

"مع السلامة.. هيام ألا تريدين أن أرافقك لمحطة القطار؟"

"كلا ارتاحي.. سأذهب لوحدي" ثم أضفت مازحةً " ماذا هل أصبحت غالية اليوم؟ لا أحد يريد أن يخسرني!"

إذ كانت محطة القطار بالقرب من منزلنا فبيتنا يقع على الشارع الرئيسي لذلك لا أضطر لأحد أن يرافقني إليها

صعدت القطار وتوجهت إلى مقطورتي فإذا بها مزدحمة بأربع فتيات ضجيج ضحكاتهن ملأت المكان

أخشى أن مقطورتي لم تعد مقطورتي بعد الآن..

استدرت للمقطورة المواجهة لها فوجت فيها ذلك الشاب "الحبيّب".. تررددت قليلاً هل أستأذن؟

ثم قلت بتردد "اا.. لو .. لو سمحت!"

التفت إلي وقال وهو يبتسم نصف ابتسامة "يمكنك الدخول"

اتخذت المقعد المجاور للنافذة المقابل له وأخرجت كتابي وبدأت القراءة باهتمام.. عندما رفعت عيناي عن الكتاب نظرت إليه.. آه يا إلهي أنه يقرأ كتاب محاولة ثالثة الذي أخبرته عنه بالأمس الذي بين يدي الآن رفعت عيناي فالتقت بعيناه اذ كان ينظر إلي وابتسمت.. أعلم أنه لن يرى ابتسامتي من خلف "النقاب" .. ولكن أنا لم أرث من أمي عيناها الصغيرتان فقط بل ورثت نفس الابتسامة التي عندما تبتسم تصغرعيناها الصغيرتان أكثر وتكاد أن تختفي.. ربما سيعلم إنني ابتسمت لهذا السبب

التقت أعيننا معاً لم يشأ أي منا أن يبعد عيناه عن الآخر أو يتحدث أشعر وكأن قلبينا هما من يحدقان وليست أعيننا نظرت إليه وكأنه لأول مرة إنه بالفعل وسيم.. تنقصه عينان زرقاوتان ليصبح فتى أحلامي.. فقُطع ذلك النسيم الرقيق الذي هبّ على روحينا برفق عندما دخلت فتاة عنيفة رمت بنفسها على المقعد المجاور له ثم وضعت قدماها على المقعد الذي بجانبي الذي هو بالأصل لحقيبتي!

يالوقاحتها! أبعدت شنطتي عن قدماها ووضعتها بالأرضية أمامي ثم ألتفتت إليه وقالت "مرحباً يا جميل" ثم غمزت له وقالت "من أين أتيت لم أعلم أن هناك طيور جميلة بالقطار؟" لم يجب عليها.

ثم أنزلت قدماها عن الكرسي وانحنت للأمام باتجاهي وأخذت الكتاب من حجري وأخذت تقلبه باهمال وهي تقول "أما زال أحد يقرأ كتاب؟" ثم أخذت تقهقه بكل استفزاز، لم أستطع أن أتمالك نفسي وقلت بصوت هادىء محاولة أن أضبط انفعالي "نقرأ حتى لا ينتهي بنا الحال مثلك!" ابتسمت ابتسامة ساخرة ثم نظرت إلى كتاب الشاب وقالت "اووه تقرآن نفس الكتاب!.. يالعصافير الحب المثقفة" ثم أخذت تضحك بصوت عالي ونهضت ثم خرجت.

حينها توقف القطار فخرجت مسرعة من المقصورة أشعر أن دمعي سيخونني ويهطل في أي لحظة..

لماذا تبكين؟؟ هي الوقحة وأنت اثبتّي بانك ذات أخلاق عالية يجب ان تبتهجي أنتي لست مثلها!

ولكن أردت أن أضربها!! حتى تتعلم أن لا تعبث معي أنني لست ضعيفة!

ولكنك أثبتي أنك أفضل منها وتجاهلتها

"لو سمحتتييي"

التفت لمصدر لصوت فكان ذات الشاب يلهث يبدو أنه كان يجري "ماذا؟"

توقف حتى يلتقط أنفاسه ثم قال "لم تسنح لنا الفرصة بأن نتعرف على بعض.. انا باسل"

ابتسمت رغم أن عيناي كانت ترورق بالدمع "هيام.. اسمي هيام"

كان سينطق بشيء قبل أن يرن هاتفي فقطع حديثه نظرت إلى شاشة الهاتف *"لمياء" تتصل* "وقتك الحين وقتك!!!"

فقال الشاب "يبدو أنني أخرّتك على محاضرتك.. سعدت للتحدث معك"

كنت أحاول جاهدة أن أصارع الكلمات الي أرادت الخروج لتقول كلا يمكنني أن أسحب على المحاضرة للتحدث معك ولكن لساني نطق ب"وانا أسعد" والحمدلله أنه نطق بذلك.

أجبت الاتصال فوصل صراخها إلى اذني في ثانيتين "أين أنتتتتييي؟؟" قلت وانا اضغط اسناني العلوية على السفلية حتى لا انفجر بها "لمياء، ذكريني بأن أقتلك عندما أراك"

وجَمع بيْنهُما كِتاب!Where stories live. Discover now