الفصل السادس عشر

3.2K 273 44
                                    

لم أدرك حتى اليوم أن هناك أجمل من النوم سوى الاستيقاظ على صوتك..
كنتِ تهمسين "باسل"
سمعتها جيداً ولكن تظاهرت بالنوم ارتفع صوتك تدريجياً وانتي ترددين اسمي، لم أستطيع التظاهر أكثر فابتسمت، أعني نصف الابتسامة تلك، ثم فتحت عيناي.
كنت متكئة على ركبتيك أمام الكرسي، الذي غفوت بالأمس عليه، وعيناك مدججة بالدموع ونظرات حزينة تلوح بالأفق.
فاعتدلت في جلستي سريعاً وقلت "ماذا؟ هل حدث شيء؟"
فقلتِ وأنظارك موجهة للأرضية "أهلي.. أيعلمون أني هنا؟"
صفعت جبهتي بقوة كيف نسيت ذلك، بماذا أبرر؟ لقد كنت معك وأتفعلين شيئاً أنتِ سوى أن تدعيني انسى العالم بأسره؟
فضممت كفيك بكفيّ وقلت "حسناً سنتصل بهم الآن لا تقلقي"
اومأت رأسك ببطء
حينها دخلت الممرضة، فتحت ستائر الغرفة ثم سألت "كيف حالك اليوم؟"
لم تجيبي واكتفيتِ بإيماءة تعني أنك بخير.

خرجت الممرضة فخرجت خلفها واستوقفتها "يا آنسة، هل بإستطاعتها محادثة أهلها؟ أعني أخشى أن يؤثر سلبياً على صحتها"
ابتسمت وقالت "وهذا ما نخشاه نحن، ولكن لا أعتقد. انت ظهرت بالأمس فقط فشاهدنا تحسناً كبيراً. لقد تحدثت بالأمس كما أخبرني الطبيب وهذا شيءٌ جيد، فمنذ أن أُحضرت إلى هنا وهي تأبى الحديث مطلقاً لم تخبرنا باسمها ولا بأي معلومات تتعلق بها ولكن مجيئك كان فعالاً جداً فكيف إذا اتصلت بعائلتها؟ أظن أنه سيعود لصحتها بمردود إيجابي"
"هل يمكنك إخباري بتفاصيل حالتها، أرجوك؟"
"عندما أحضرت إلى هنا قبل ثلاث أيام لم تعانِ بإصابات جسدية بقدر حالتها النفسية، سوى جرحان في وجهها من الجهة اليمنى وجرح عميق في كفها الأيسر ولكنه في تحسن"
"ماذا فعل المختطفون لهم؟ وهل قُبض عليهم؟"
"كانوا سيتاجرون بالفتيات أو باعضائهن.. وعلى حسب ما سمعت انهم القوا القبض عليهم"
"اه.. شكراً جزيلا"
وكنت أعاني في وحدتي وأنا أظن أن مصابي عظيم فكيف بمصابك هيامي؟
نزلت دمعة وحيدة نجحت بالتسلل، اشعرتني بحاجتك لي في هذا الوقت فما عانيته انت ربما سيترك اثره الأبدي نفسياً وجسدياً..

مسحت دمعتي على عجالة واخذت صينية الافطار من الممرضة عندما كانت تريد ادخالها وقلت لها بانني ساتولى هذه المهمة فقالت "مهمة شاقة.. فهي لم تتناول أي وجبة من قبل"
"هذا قبل أن أتي"
دخلت للغرفة وكنتِ في سريرك وقد ضممتي ركبتيك إليك ووجهك قد اندس بينهما. وضعت الصينية على الطاولة محدثاً ضجة بسيطة حتى تنتبهي لوجودي. رفعت راسك باتجاهي وعينيك محمرّتان. قلت وانا التقط الهاتف "لن أدعك تفلتين من وجبة الإفطار ولكن سأؤجلها لما بعد المكالمة فقط"

ناولتني رقم هاتف والدك وبينما يُجرى الإتصال سألتك إن كنتِ تريدين أن أتحدث أولاً أو اسلمك الهاتف؟ فقلت بصوت مرتجف "تحدث أولاً"
اجابني الصوت من الطرف الآخر"ألو"
"ألو، السلام عليكم"
"وعليكم السلام"
"هل أنت والد هيام المحيا"
لااعلم كم ثانية استغرق حتى يجيب على هذا السؤال ولكن صوته قد غرق في الدموع "هيام.. نعم نعم.. انا والدها.. عبدالعزيز المحيا"
"أريد أن أطمئنك أنها بحالة جيدة.. وتريد أن تحادثك"
"الحمدلله لك يارب.. ناولها الهاتف بسرعة ارجوك"
"حسناً"
كنتِ واقفة على ركبتيك عندما سلمتك الهاتف ومتلهفة جداً لالتقاط السماعة، فتحت فمك عدة مرات واغلقتيه حتى نجحتِ أخيراً بالنطق "ابي"
ثم جرفك سيل عارم من الدموع والشهقات
خرجت خارج الغرفة لاعطيك حرية ارسال اشواقك لوالديك، فتذكرت عائلتي أنا.
اتصلت بأبي واخبرته بما حدث، كان سعيداً جداً أكثر مما توقعت وطمئنني بأنه سيعفيني من المهمة الصعبة وسيتولى هو إخبار أمي بما حدث.

وجَمع بيْنهُما كِتاب!Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt