الفصل الثاني عشر

3.4K 261 22
                                    

أعلم أنك ستغضبين كثيراً لأني قرأت مذكراتك ولكن.. هل يوجد طريقة أخرى أطفيء فيها اشتياقي لك غير قراءة يومياتك؟
أعلم بالتفاصيل الدقيقة عن كل شيء ذكرتيه بالمذكرة. ولكني مازلت اقرأها كل مرة وكأني أسمع بها لأول مرة..

هيام..
هل لديك أي فكرة عن البؤس الذي يكتنف حياتي منذ أن رحلتي؟
هل تعلمين أن محاضرات تيتشر أولقا أسوأ بعشرة مرات من دونك؟
ألا تريدين العودة؟
أحاول كل دقيقة أن أفكر بشيء إيجابي بشأن عدم عودتك إلى الآن ولكن لا أستطيع!!
أيعقل أنك وقعتي في غرام من اختطفك ولم ترغبي بالعودة؟
أم أنك أقنعتيه وأصبحتي فرداً من عصابته؟ أنا أعلم جيداً كم تتمنين أن تنضمي لعصابة..

أسبوعان منذ رحيلك وأنا أتردد لمنزلكم كل يوم لعلّ من يفتح الباب يوماً لي سيكون أنتي..
ولكن في أعماق ذاتي أعلم أن هذا لن يحدث..

إن لم تريدي العودة من أجلي ومن أجل صداقتنا أرجوك أن تلقي نظرة واحدة على والديّك.. نظرة واحدة فقط.
والدتك، خالة مريم، تبدو وكأنها قد هرمت فجأة لا تلاحظي شيئاً بها سوى جفنا عيناها المتورمان من البكاء.. تحاول أن تبتسم وتنشر الطمأنية في نفوس إخوتك ولكنها تفشل كل مرة.. رأيتها مرة مستلقية على فراشك وهي تعانق وسادتك وكانت تتحدث معها..
جميعاً خطونا خطوة أقرب إلى الجنون.
هه! إنظري إلي فأنا أكتب لك في مذكرتك وأتكلم معها، أليس هذا الجنون بذاته؟

أما العم عبدالعزيز، حس فكاهته الذي كان سر إعجابك بوالدك قد تلاشى.. هو يظن أنه بطريقة ما مسؤول عمّا حدث فلو لم يصاب بنوبة التشنج ذلك الأحد المشؤوم فلن تكوني مضطرة لأن تستقلي الأجرة "تاكسي" من الجامعة وتذهبي لرؤيته بالمشفى ولكنت الآن بين يديه تحكي له عن أحداث يومك..
ولكن.. لو لم أكن أنا متغيبة ذلك اليوم لذهبتي مع سائقي بدلاً من تلك الأجرة الي ركبتها ولم تعودي يومها، فمن المسؤول عن إختطافك إذن غيري؟

خالد قد نضج كثيراً منذ أن رحلتي، فهو من يهتم بأمور المنزل، يحاول أن يخفف من إزر والديّك.
طوال الأسبوعين الماضيين، لم يكّل ولم يتعب زار كل قسم شرطة في الرياض، قدم بلاغ هنا وهناك، أخذ يبحث في كل مكان عن طيفك، ومازال يبحث.

منزلكم هادئ أكثر من أي وقت مضى لا يكاد يُسمع فيه إلا شهقات بكاء والدتك أو صوت منى عندما تصرخ بأن الغداء جاهز.
أتذكر بالضبط متى ضحكنا لأول مرة في الأسبوعيين الماضيين عندما أقترحت ميّ فكرة!
"ألا تعتقدون أنه ربما.. ربما كان هذا الأمر مزحة من هيام؟"
فأخذنا بتخيل الموقف وأنك ربما مكثتي عند أحد من زميلاتنا وقد أعددنا قائمة لأكثر ست أشخاص يحتمل أن تكوني عندهم..
ضحك والدك كثيراً حتى أغرورقت عيناه بالدمع، وكذلك فعلنا نحن. كنا بأشد الحاجة لأي بصيص أمل يقود إليك..
أخذتي منّا الكثير منذ أن رحلتي، ألا يكفيك ذلك؟

إنني على أي حال سأمزّق ما كتبت في حال عودتك لأني أعلم أنك ستهزئي بي كثيراً.. إذا عدتي.

في غمرة كل هذا.. تذكرت باسل.
فهو لا يعلم أي شيء عما حدث وربما يكون قد أنشغل باله لعدم ظهورك بالقطار وربما كان مرتاح البال لأنه تخلص منك.

أعلم أنك ستوبخينني وستغضبين كثيراً على ما أفعل
ولكن! باسل له الحق في معرفة كل ماجرى وله الحق أن يتألم.

سأسلم باسل المذكرة.

وجَمع بيْنهُما كِتاب!Where stories live. Discover now