1 • دُمُوعٌ مَاطِرَة

13K 477 78
                                    

•  •  •

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

•  •  •

مرة أخرى أرفع رأسِي إلى السماء متأملةً غيومَها الرماديةَ الكثيفة. أغلقت عينيّ ببُطءٍ مُتناسيةً كل ما حولي ثمّ أخذتُ نفساً عميقاً تاركةً للهواء مجالاً لِيتَغَلْغلَ فِي أعماقي و يسرِيَ في أرجاء جسدي.

بعد ثوان قليلة، شعرتُ بشيءٍ باردٍ يلامسُ وجهي.فتحتُ عينَايَ فإذا بي أرى قطرات مطر تتساقط.مَددْت يدي و تأملتُها بعُمق و هي تتناثَر كاللؤلؤ البرّاق:قطرة..قطرتان ثم ثلاث.

كم أحبُّ المطَر!

فلطَالما كانت السّماء مُتنفسيَ الوحيدَ الذي يريحُ آلامي،و تَوأمِي الذي يعكسُ مزاجِي الذي دوماً ما يَكون حزيناً.

كيف لا و معنَى اسمي هو السماءُ نفْسُها!

كَما أنّ تَراكمُ الألمِ و الحقدِ أَنْسَيانِي معنى الابتِسامةِ أو حتّى البكاءِ،و لهذا فإني أشعر أن السماء تبكي عِوضِي،ذَلِك لأنّني وَضعتُ أمامَ عينايَ هدفاً واحداً، و صببتُ كلّ ذكرياتي في اهْتِمَامٍ واحدٍ هو الانتقام.

لِوَهْلةٍ ظَنَنتُ أنّني نسيتُ همومي،لكن سرعان ما عدت إلى وعيي حينما سمعتُ صراخا صادرا من الزقاق المجاور.

"أسرعوا..ابحثوا عن تلك الخبيثة في كل زاوية..لا تدعوها تنفث بجلدها."
أدركت حينها أن أولائك الأوغاد قد علموا أنني اقتحمت مخبأهم.

وضعت غطاء سترتي فوق رأسي بسرعة حالما أصبحت الأمطار تهطل بقوة،ثم أحكمتُ قبضتي حول حقيبتي حيث يوجد ذلك الملف "السري".لا أستطيع أن أعلم ما الذي يضمه بالضبط و لكنني أُطلعت أنه يتعلق بصفقة مخدرات مع رئيس عصابة أخرى.

كم كان بوِدّي أن أغتنم هذه الفرصة و أطلِع الشرطة عن ما بحوزتي فأُزيل هذا العِبء الثقيل الذي أحمِله منذ خمس سنوات و أرتاح و لكن هؤلاء الأوغاد يراقبونني من كل جهة.

تأكدت للحظة انطلاقا من مَخبئي أن عُصبة الرجال قد ابتعدت قليلا لأباشر بالركض بأقصى سرعة لدي.

"ها هي هنا..أمسكوا بها."

أصبحت مذعورة و تملكني خوف لا مثيل له.كما أن دقات قلبي صار بالإمكان سماعها عن بعد ،خصوصا لأني ظللت أركض بين الأزقة حالِكة الظّلمة و الضيّقة لأقصى ما يمكنني كأنه لا يوجد غد آخر.

-

حينما وصلت إلى الشارع الرئيسي ،لمحت سيارة قاتِمة السّوَاد من النوع الفاخر مركونةً حسب المواصفات التي أعطيت لي.

صعدت السيارة دون أن يراني أحد و أنا ألهث من الجري المتواصل.

انطلقت السيارة حالما أغلقت الباب.تنهدت بعمق بسبب المهمة المتعبة.بعد قليل،أشحت نظري إلى الأمام لأرى من السائق،فإذا بي أرى مارك ينظر إلي عبر المرآة الأمامية بابتسامة بشوشة.

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتاي تعكس الاطمئنان كوني أنا و مارك صديقيْن منذ انضمامي إلى هذه العصابة اللعينة.

"كيف كانت المهمة؟"قال و هو يركز على سياقته لِأهَمهم بلطف غير مكترثة لما يقوله.

"كالمعتاد..بسيطة"كان كل ما خرج من شفتاي كردّ لسؤالِه.

في الحقيقة،مارك يكبرني بسنة فهو يبلغ اثنين و عشرين عاما.يبدو وسيما و يجذب كل الفتيات في الجامعة غير أَنه مزعِج قليلا.

كنت أراه رفقة أصدقائه الستة في الجامعة و لكننا لم نكن على علاقة وطيدة أو معرفة ببعض،ليس لأنني خجولة بل لأنّني نوعاً ما غير اجتماعيَة بعد كل هذه المشاكل التي توَرّطت بها.

كما أن مارك ليس بمجرم أو وَغد مثلهم،و إنما قادَته الأيام إلى ما لم يكن يتوقعه مطلقا.

فهو ضحية الدهر، مِثلي.

دوما ما تراه مرِحاً و بَشُوشاً رفقة الآخرين و لكن ذلك القناع يخفي تحته حُزنا و بؤسا مؤلِمين لا يعلَمُهما سِواي.

أخبرني يوما أن والِده كان يُقامر في النوادي الليلية و كان مدمنا على الخَمر،فكان يتدينُ من عصابة تُدعى "الخُفاش" و لم يستطع إرجَاع دَينه الذي كان يتراكم يوماً بعد يوم.بسبب ذلك،قتِل كلّ من والِدَيه و أُجبِر أن يخضع للعصابة في سن صغيرة.

و في يوم ما،حصل نزاع بين رئيس عصابة "الخفاش" و رئيس عصابة "بانغ" التي ننتمي إليها حاليا،أثناء صفقة مخدرات انتهت باغتيال جميع أفرادها باستثناء مارك فقط.

و لكي لا يلوذ هذا الأخير بالِفرار و يبلغ عنهم لدى الشرطة،أُجبِر أن يعمل لديهم كسائق خاص لكبار العصابة و في المهمات السرية و الخاصة مثل مهمة اليوم نظرا لقدرته المذهلة في السياقة بخفة وسلاسة.

تذكرتُ كل هذا لِلحظةٍ شردت فيها و أنا أتأمل قطرات الدُّموع الطائلة التي تتساقط ليلاً في أزقة سيول جاعلةً من الرؤية عبر النافذة مُشَوهة و غير واضحة.

"لقد وصَلنـا"قال مارك لأبتَلع ريقي و أنزِل من السيَّارة رفقته حاملةً حقيبتي السوداء.

---

هاي👋

اول مرة انشر قصة و متحمسة كثيرا
لمشاركتكم كل انتاجاتي القصصية. 🎈

أتمنى تتفاعلوا معها. 🌟

س:اول نظرة عن شخصية البطلة؟ رأيكم؟

مارك؟


.

Shiemi2501

Fragile Wings||أجنحة ضامرةWhere stories live. Discover now