هكذا انتهينا..( 2)

248 11 0
                                    

بقيت أترقب خطواتك و أنت تبتعد شيئا فشيئا.. أتعلم بأن كل خطوة منك كانت تنتشل جزءا مني.. ؟
أكنت تعلم بأن وجودك كان يحول عضلة قلبي إلى حياة.. لم أكن أريد منك غير تواجدك،و لم تكن تريد مني سوى سكوتي.. أتدري ما مشكلتي ؟ أن غبائي أحيانا يفوقني حجما،يفوقني ذكاءا.. لازلت إلى يومنا هذا أتساءل ممن ورثت غبائي العاطفي.. لازلت إلى يومنا هذا ألوم نفسي لأني لم أكن أنانية كفاية لأفلت يدك، لازلت ألوم نفسي إلى حد الساعة لأني لم أتلقن فنون الإستسلام و تمسكت بنا إلى آخر نفس.. كنت أحاول أن أنعشك إلى أن إختنقت إلى أن توقفت الحياة بداخلي..
بقيت جالسة في ذلك المقهى..أترقب الأمواج و هي ترتطم بداخلي،بقيت أراقب الحياة و هي تثور بالخارج و تنعدم بداخلي.. أهذا ما شعرت به يوم تراجعت أسهمك ؟ أكنت غريبا عن كل شيئ ،غريبا حتى عن نفسك.. أشعرت لحظتها بأن جسدك كان يتخدر تدريجيا و أنت عاجز على أن تنقضك..
ظللت شاردة أتأملني و أنا أذبل بهدوء إلى أن أتى صاحب المقهى..
-عفوا سيدتي لكنها التاسعة ويفترض أن يغلق المحل .
نظرت إليه.. أعلم بأنه يتذكرني.. لطالما ماكان هو الآخر شاهدا على حبنا.. لطالما ماكان يمازحنا و يمدح حبنا.. كان طاعنا في السن لكنه لم يكن طاعنا في الحياة مطلقا.. لا أدر لكني كنت أجد الحياة بين تفاصيله.. بين ملامحه لم يكن الزمن قادرا على قتله لم تكن تجاعيده كفيلة بمسح الأمل من بريق عيونه..
-إبتسمت.. أعتذر..
حملت هاتفي.. وشاحي.. و مفاتيح سيارتي و هممت بالمغادرة حين هتف بإسمي.. فإلتفت و خاطبني قائلا
-نحن لا نموت إذا فقدنا قصة حب.. نحن نموت إذا نسينا كيف نحب من جديد..
لم أعلق على كلامه هززت برأسي أن شكرا.. و غادرت نفذ شحن بطاريتي و لابد أن يقلق أهلي على تأخري ثم إن أبي سيوبخني ، بماذا سؤبرر تأخري هاته المرة.. بماذا سؤبرر إنتفاخ عيني.. ثم إني كيف سأزف لهم خبر فسخ خطوبتي ؟ كيف سؤخبر أمي بأن إبنتها قد تم الإستغناء عنها بكل بساطة.. و بأنها كانت سهلة النسيان.. و بأنها لم تكن كافية لرجل مهووس بالنجاح.. و بأن قصة الحب التي عاشت لأكثر من ثلاث سنوات قد إضمحلت..
وصلت إلى البيت كانت العاشرة مساءا و كان والدي ينتظر أمام باب بيتنا.. لا أدر لما لكن جل ما أهمني لحظتها هو أن أنام لم أكن مستعدة لأي نقاش..
لأي تبريرات لأي خطابات.. كنت خائرة القوى،خائرة المشاعر و الأهم من كل هذا أني كنت خائرة الأمل..
إستقبلني أبي صارخا..
أين كنت أين آختفيت طيلة اليوم ؟ لما لم تردي على إتصالاتي.. لما ؟
أتعلم أبي بأني أشعر بالطمأنينة في تواجدك.. أتراه كان يعلم بأن صراخه كان أكثر شيئ كنت في حاجته يومها؟ أتراه كان يدري بأن كل تفاصيله كانت تطمإنني و بأني أقوى به و أقوى لأجله.. أتراه كان يعلم بأن ما زرعه بداخلي أكبر من أن يموت أمام أول خيبة ؟ لم أستطع أن أزف لك يومها خبر وفاتي.. أكنت تعلم أبي بأني لم أرد أن تتقاطع نظراتنا، لم أشأ أن تعيش إنهياري معي.. لم أشأ أن تلمح سقوطي.. لم أردك أن تقف عاجزا أمام خيبتي..
أجبتك بكل برود : كنت أنفصل عنه..
-تنفصلين عن ماذا ؟
-عن رجل الأعمال الذي أمنته إبنتك..
-ماذا ؟ ما الذي يخال نفسه فاعلا.. أيظن الأمر مزحة ؟ أيعتقد بأن الإنفصال سهل..
بقيت توبخه أمامي.. كنت أريد أن أشرح لك أبي بأن الأمر أكبر من أن يتدخل فيه طرف ثالث،بأن الأمر أكبر من أن يتدخل الكبار فيه أبي.. الأمر قد يفوقك هاته المرة و حتى لو قضيت ما تبقى من عمرك و أنت تدافع عني فأنت لن تستطيع أن تنصفني لأن ما سرق مني يستحيل أن يعوضه إعتدار.. ما سرق مني أبي تم حرقه و ما أحرق لا يعود كما كان..
تأملتك أبي و حواسك تنتفض ضد جرحي.. و حواسك تثور ضد ألمي.. لكني لم أستطع أن أخمد نيرانك أعلم بأني فلذة كبدك.. و أعلم كم من الصعب أن تراني أحترق و تضل عاجزا عن إطفاء الحريق.. آسفة أبي لأني و في هاته المرة بالتحديد قد لا أكون قوية كما علمتني.. آسفة لأني و في هاته المرة بالتحديد قد لا أستطيع تجميع أشلائي..
أعتذر!


إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرWhere stories live. Discover now