إنتظرتك في زاوية الطريق لكنك نسيت أن تستدير

74 4 2
                                    

لم يتلفظ آدم يومها بأي كلمة..
بقي يحدق في مستغربا،لابد و أنه لم ينتظر جوابا كذاك مني،لم ينتظر أن أقسوا لتلك الدرجة..
لكني يومها،لم أستطع الإستمرار أكثر، أنا يومها لم أر فيك بطلي،لم أر فيك زوجي لم أر فيك أسمري..
أحيانا ونحن في عز إنهيارنا يظربنا إعصار ليجتث ما تبقى من جذورنا ،فننبث في مكان آخر في قلب آخر في رواية أخرى...
أنا لم أتمنى أن ننتهي،لم يسبق أن تمنيت نهاية لنا تخلوا من طفلين،تخلوا من رواية تكون أنت بطلها..
لكن الأقدار أحيانا تشق لنا طرقا غير تلك التي أقسمنا على أن لا نجتاز غيرها..و كذلك إختار قدري و بذاك رضيت..
-آدم..؟
- نعم حبيبتي..؟
- أيعقل أن يجهضك قلبي بهاته السرعة..؟
- أنا بداخلك،حتى لو إفترقنا،و لو إخترتي طريقا يناقض طريقي.. تذكري أمل من أكون..! تذكري كم إنتضرتك.. تذكري الثلاث سنوات اللامتناهية التي أحببتك فيها بدون يأس.. و أنا مدرك بأن هنالك شخصا آخر تتبادلين معه عبارات الحب اللامتناهية..
لا أنكر أمل مطلقا بأني لم أكن صريحا معك إلى ذاك الحد،إلا أني عشقتك أمل ..لا أنكر مطلقا بأني أجحفت بحقك و بحق حبنا لكني لم أجبن.. صدقيني حبيبتي، أنا متعب أكثر مما تتصورين بكثير !

بقيت أحدق فيه يومها،ليته كان يلمح إندثار الحياة بداخلي،ليته كان ينصت لأنين شظايا جسدي،ليته فقط كان يعي معنى أن تشعر بالبرد و أنت بأكثر الأماكن دفئا.. أن تتحسس تزاحم ذرات الحياة
بداخلك.. أن تختنق فلا تجد رذاذ الأكسجين أمامك..
أنا لا أنزف مطلقا و يا ليتني أنزف ! تمنيت يومها أن أنزف فأتخلص من ذاك الدم المتعفن بداخلي..
لعل الأمر لا علاقة له بك،بالقدر الذي له علاقة بي..
لعل الشمس يومها غابت في كل مشارق الأرض و لعل مشارق الأرض كانت هي الأخرى تختفي من الوجود..هذا ما حدث بداخلي يوم حدثتني عن شقراءك،و عن برودك، يوم تجاوزت حدودك و نسيت كيف تحترمني..

لست من الأشخاص الذين يؤمنون بأن الأيام قد ترمم شيئا،الأيام تجعلنا ننسى وجود الشيئ فقط،يستحيل أن تختفي الندبات من دواخلنا،نحن فقط نتعلم الحياة في وجودها.. و لا بأس بذلك،مادمنا نصحوا لنعيش أيامنا كما ينبغي أن نفعل.

أنا لم أكرهك مطلقا،هناك شعور بداخلي يفوق الكره بكثير، أنا تجاوزتك..! تجاوزتك و أنت لازلت تقرأني،لازلت تتفقد حسابي لازلت تواجه كل ذكريات معك.. تلك الذكريات التي كلما عرضت أمامي ذكرتني كم كان من السهل أن أصدق حبك المزعوم و كم صار من السهل علي أن أكتب آخر جزء في روايتنا و أنا أشعر باللاشيئ بإتجاهك..

لن ألومك حتى،لم تعد لدي كلمات للعتاب..
لدي كلماتك التي تشبعت بها و التي ستذكرني كل يوم بأنك لم تكن سوى جبان،سوى مراهق لم يتمكن من الدفاع عن قصة حبه..لم يتمكن من الوقوف إلى جانب من علمك الوقوف.

أؤمن بالنهايات أيضا،و أؤمن بأن نهايتنا كانت أفضل ما حدث لي هاته السنة.. ربما نكران المعروف يصير مؤذيا، ربما تبدوا بعض الكلمات غير منصفة.. إلا أن غياب العدل في بعض الأحيان يكون أكثر شيئ عادل قد يحدث معنا..
أحيانا لا ندرك قيمتنا،و مكانتنا إلا و نحن نغادر الأماكن التي رضينا فيها بأقل مما نستحق.. نحن نظلم بإرادتنا! و قد سمحت لك بظلمي..

- أمل! إصحي لا شيئ يستحق ما تقومين به!
- أعلم!
-تعلمين بأنك تتخلين عنا؟
- لا أتخلى عنك،أتخلى عن موضع لم يعد يمدني بالطمأنينة..
- أمل،لا تكوني صبيانية من فضلك،أنا زوجك!
- و كنت أكثر من زوج بالنسبة لي..لما لا تفهم!!
- و لم أقصر في دوري لما ترمينني في قفص الإتهام؟،أريد تفسيرا لصبيانيتك و فورا!!! *خاطبني و هو يضرب الطاولة* لما تفعلين هذا بنا أخبريني ؟ .
كان صوته يرتعد،لأول مرة و منذ أغرمت به،شعرت بخوفه من فقدي،لم يكن يريد أن يفقدني،كان خائفا من حياة تخلوا من عنادي،و عفويتي،و قلة صبري..
كان خائفا من حياة بسيطة تخلوا من إلحاحي..
- أنا مصدومة منك آدم.. من كذبك،من تفكيرك من كلماتك الجارحة.. من برودك.. من إفراطك من تفريطك.. من قلة مسؤوليتك..
- و ماااااشأني!!!! ما شأني في كونك مصدومة من ماض لم أشأ إقحامك فيه..!! خنتك ؟ لم أفعل! اختلجت أخرى قلبي ؟ لم أفعل.أتزوجت خفية!!
تتغابين أمل!!! و لا أفهمك ..لا أفهمك إطلاقا..
لا أفهم طريقتك في الهروب من زوجك،من حبيبك.. من الشخص الذي يختنق لإبقائك.. أنظري أمل.. أنا لم أفلتك..لن أفلتك..حتى لو طلبتي رحيلي..حتى لو حملت نفسك الآن..

بقيت أتأمل كلماته و هي تغادر شفاهه،كان متمسكا بي كما تتمسك الأم برضيعها.. لحظتها شعرت كم أحبني..كم أن الحب أحيانا ينسينا ما هو حاظر..
إن تمسك آدم بي هو ما جعلني أغرم به.. هو ما جعلني أتمسك به..

بقيت أحدق فيه.. كنت أضيع من جديد في تفاصيله..
كنت أغرم في تفاصيله من جديد،إلا أن عقلي كان يرفض فكرة مسامحته،فكرة الحياة بقربه،فكرة أن أحمل إسمه بعد اليوم.. تحاشيت كل تلك المشاعر التي ضربت بداخلي فجأة..

فأحيانا نختنق من اللاشيئ و من الشيئ في نفس الوقت..

نظرت نحوه..
- أعتذر آدم، لا أستطيع أن أواصل هذا المشوار بقربك.. هناك أيام ستثقل فيها علي رأيتك.. سأتمنى فيها أن لا أشتم رائحة نفسك.. ستأتي أيام أختنق فيها و أنا بين أذرعك.. و لا أريد لتلك الأيام أن تأتي..
خيبتي فيك لا جابر لها..
كان يحدق نحوي...كانت عيونه تلتهم ما بداخلي..
كنت ألتهب من الداخل.. وددت أن أقف..أن أحتضنك لكن كبريائي لحظتها فاقني حجما.. فاقني قوة..
حملت ما بداخلي..
لم أدر يومها كيف أخبرك بطريقة منمقة بأني..

*انتظرتك في زاوية الطريق لكنك نسيت أن
تستدير.. *

حملت نفسي،كنت أسير بخطى متثاقلة.. أردت أن يمسكني،أن يمنعني من الرحيل..أن لا ننتهي..
أردت أن يحاول أكثر..
-أمل!!

*وستجدينني في كل زواياك حتى لو لم تستديري *

إلتفت لحظتها..إستدرت نحوه...إحتظنته.. و همست في أذنه ببطئ...

* أحبك*




🎉 You've finished reading إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستدير 🎉
إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرWhere stories live. Discover now