لم تلتفتي..

61 4 0
                                    

"في هذا الجزء سيكون آدم المتكلم"

ظلت أمل تردد:آدم توقف.. 
لم أشأ التوقف يومها،ربما كان ذاك من أشد القرارات التي إتخذتها حكمة..أني لم ألزمها بي،أني لم أجبر قلبا خفق لغيري أن يخفق لي.. 
رغم أني أحببت تفاصيلها،براءتها، رغم أننا لا نرى الحياة من نفس الزاوية..إلا أن زاويتها كانت من أشد الزوايا  جاذبية..
لكن بعض اللوحات الفنية، ترسم ليضعها أصحاب الحض في منازلهم،و لطالما تساءلت إن كان ذاك الذي إمتلك لوحتي الفنية  يرى فيها الفن الذي أراه..إن كان قادرا مثلي على تحسس تلك النبضات التي لم تنبض لي.. تلك النبضات التي باتت تهرب مني!
-آدم!
- ثورة آدم!
- تحبني؟
لم يكن سؤالها مباغثا،لم تكن صعبة لتلك الدرجة لكنها كانت و رغم بساطتها تدهشني.. كنت أتساءل إن كان القدر سيمنحني حبا أعظم من هذا الذي بات ينبث مني ليزرع في هذا الكائن..
أحترق.. أتألم.. أعلم بأن قلبها تائه بين رواية إنقضت و أربعيني دخل حياتها إجبارا..لكني لن أكون المراهق ، لن أكون المتعلق..  لن أكون خيبة أخرى لأمل..
- أجبني؟
- أمل،بعض الإجابات قد تكون مجحفة بحق صاحبها!
- لكنك،تحبني!
- و لأني أحبك، سأحترم مشاعرك.
- وعدتني،بأنك لن تفلت يدي،بأنك لن تسمح لأي ريح بأن تأخذني..لما تستغني عني..لما الآن " كانت تتكلم و الدموع تنهمر فوق جفونها،لم أشأ الإلتفات،تماسكت أمامها،أنا أتمزق أمل.. لم أحب بشرا كما أحببتك..لكنها النهاية..لست لي، و في هاته المرة لابد و أن أنسحب،فهاته المعركة ليست معركتي، و القلب الذي قد أحارب لأجله لن يخفق لي" رددت بداخلي.."
إستجمعت نفسي، و نظرت إليها:
-أمل! نحن نمسك الأيادي التي تريدنا،نحب من يحبنا، نعتني بمن يعتني بنا،الحب ليس إستعبادا أمل! لست مصباحك السحري.. و لست هنا لأقامر بمشاعري.. " تحاملت على نفسي أكثر" أنت لست لي و قد رضيت بهذا.." أجبتها،و أنا أتعمد النظر بصلابة في عيونها،كنت صلبا يومها، أتراها كانت تتحسس تلك الهشاشة بداخلي؟ أتراها كانت تعلم بأني لم أكن صلبا بالقدر الذي كنت به عاشقا، و بأن كل تلك الرزانة التي كانت تقف أمامها ظلت عاجزة عن مواساتي.. أريدك أمل! لكني لا أقف في وجه القدر..لا أقف في وجه كرامتي،لا أقف في وجه قلب يخفق لقلب آخر..
- لكنك تنسحب من أول الطريق..
- لأني أرى نهاية الطريق.
كانت عنيدة،ثائرة ربما ما زاد تعلقي بها هو أنها لم تكن أبدا تشبهني..
- ألم تتعب بعد ؟ ألن يخمد غرورك؟ الأمر متعب حقا تخال نفسك مدركا لما حدث،لما يحدث.. أنت لست كاهنا...
بقيت أحدق في عيونها،بقيت أتأمل أمل و هي تتنصل منه.. كان يعيش كاللعنة بين تفاصيلها، رغم محاولاتها اللامتناهية في التنصل منه إلا أنه كان يجد دائما طريقه إليها ..كنت موقنا بأنها تحاول الهروب منه،فأردت تعليمها كيف تهرب إليه..  كيف تمنح نفسها فرصة لتهواه من جديد..
لا أنكر مطلقا، بأني أردتها أن تكون لي! أن يخفق ما بداخلها لي، لكني لست مراهقا لأخدع بتقلب مشاعرها، و خوفها من حبي، لإنشغالها بحب لم تملك الشجاعة للتنصل منه..
- إنزلي!
- لن أفعل! " أجابتني بنبرتها الصارمة تلك"
- إنزلي! " إزدادت نبرتي  متجنبا الإلتفاة صوبها"
- لن أفعل!
ثرت لحظتها،كنت أخشى أن أضعف أمام إصرارها، أن أدير مقودي مثلا،أن أحتظن تفاصيلها بين أذرعي..
خرجت من السيارة و أنا أحترق غضبا،فتحت الباب
- إنزلي أمل!
- تسلمني له؟
لم أعر جملتها أي إنتباه..حملت حقيبتها،
- إنزلي؟
- لما تتحاشى عيوني؟ أجبنت؟ من الجبان أجبني ؟
من الأناني الآن!  " كانت ثائرة و هي تضرب صدري بعنف" لم أمنعها،لم أجبها،لم أمتلك الشجاعة الكافية لأشرح لها،بأني و بكل بساطة لا أرضى بالمشاريع الفاشلة..أيا كان الهدف منها..و أيا كان موقفي منها..
- ينتظرك في تلك الشرفة..
حدقت في بنظرتها الخائبة، كانت مرهقة،متعبة،لم أستطع يومها الوقوف بجانبها كعادتي،لم تكن بحاجتي أنا.. كانت بحاجته..
- تذكر بأن جبنك فاق جبني..
- تذكري بأنك كنت تهربين اليوم ..
- لن أتذكر غير أنك سمحت له بأخذي..
"صفعتني جملتها.. كانت تجيد إنتقاء الجمل التي تشل كياني..دائما ما تجعلني أشعر بالذنب إتجاه أفعالي..إتجاه قراراتي،هاته المرأة تجيد دوما وضعي في المكان الذي ترغب به،تجعلني أفقد رزانتي..إتزاني.. أحسده،أحسد حبها له،تعلقها به.. أكره الأيام التي إختارته هو بدل أن تختارني.."
إلتزمت الصمت و هي تنتزع ببطئ حقيبتها من بين أصابعي، إقتربت مني،نظرت صوبي و هي تشير بأصبعها نحوي..
- سأذهب! لكني لن أكون له، قصتي معه إنتهت..معك إنتهت..  إياك أن تضن و لو لبرهة بأن هنالك شخصا على وجه الأرض يملك الحق في تقرير مصيري..أو إتخاذ القرار بدلا عني! إياك أن تقرر بدل شخص أحببته، لست مستشارتك، لست أحد تلك المشاريع التي إعتدت أن تلغيها بين جدران مكتبك.. إياك ثم إياك أن تعتقد لبرهة بأنك قادر على إختيار قدري..

إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن