لأن الله إختارك

89 7 4
                                    

كانت تلك المكالمة من أجمل الإتصالات التي تلقيتها في تلك الفترة،كنت بحاجة لكتف أسند عليه كتفي،إلى ذراع تنتشلني من زحمة الحياة، رغم أني أكره الإتكاء على البشر إلا أني و في تلك الفترة بالتحديد كنت أريد كتفا صلبا كذاك لأستند عليه..

كنت أريد أن أخبرك آدم بأني أتمنى لو أنك تظل ممسكا بيدي حتى أتعلم الوقوف،كنت أريدك آدم أن تكون سندي لا لشيئ صدقني سوى لأني أردت كتفا يشعرني بأنه لن يتنحى من بين أضلعي..
لكني خشيت عليك بالقدر الذي خشيت على نفسي فيه.. أن تتمسك بي مثلا فأفلتك حين تلتئم تلك الجراح بداخلي..
خشيت بالقدر الذي تمنيتك فيه أن تكون ظحية أخرى لهاته الرواية التي عاشتني أكثر مما عشتها..
لكن خوفي لم يمنعني يومها من أن أؤمن بأن النور الذي يأتي من الخارج قد يستطيع أن يضيئنا..
- آدم؟
- نعم،!
- أخشى عليك صدقني!
- أمل دعي الأمور تحدث لحالها،لا داعي لإستباق الأحداث..
- عدني أن لا تصنع مني خيبتك!
- أمل،دعينا من الوعود الفارغة،توقفي عن إعتبار الوعود كصك ضمانة.. بإمكاني أن أتلوا عليك آلاف الوعود، و أرتل على مسامعك آلاف الأحلام إلا أن ما قد أعد به قد يفوقني و قد أظطر لكسره بطريقة أو بؤخرى،دعينا نعيش بعيدا عن الوعود بعيدا عن التأملات.. دعيني أكون أنا و كوني أنت.. يكفي بأن تثقي بأن كل ما أفعله الآن ينبع من أعماقي..
إلتزمت الصمت لحظتها،ربما كان محقا إلى حد ما ربما لم يكن يجب علي أن آخذ وعود البشر كضمان..
- حسنا صديقتي،إذهبي للنوم الآن.. أمامك أسبوع حافل..
ذهبت لحظتها،كان بودي إقناعك بأن النهايات قد لا تكون دائما مفهومة،لكنك تعلم أفضل مني بأن الأيام و لمرات لا متناهية قد تثقل بداخلنا..
أقفلت هاتفي،مضت فترة و نحن على إتصال دائم، لا أفهم لما كان آدم متمسكا بي لتلك الدرجة،لما تمسك بأحلامي رغم أنه كان على دراية بتوقف النبض بداخلي.. لما أصر على حب قلب لم يكن يريد أن يجرب أصلا..
نظمت لعدة دورات،كنت أتحسن تدريجيا.. كنت أنسى وسط الأيام تصادم الخيبات بداخلي.. كنت أتعايش مع الوضع أو ربما أني كنت أعيشه..
لم تكن الساعات تتعاقب بنفس الوتيرة،فبعضها كان يمر ثقيلا،بعضها كان يمر من خلالي..
رغم أن تواجد آدم كان يقلل من حدة الأيام،إلا أن بعض الخناجر قد تضل عالقة بداخلنا.. تذكرنا كلما تعاقب نبضنا بأنها هنا راكدة بداخلنا..
كان آدم بارعا في لعب دور الصديق، جعلني أعتاد صداقته.. ربما أراد إنتشالي من العالم الذي بت أتكور فيه كلما حاول شخص أن يدفعني خارج ركامه..

"إن كنت تقرأني الآن أريدك أن تعلم آدم بأن ما فعلته لم يكن عاديا،بأن ما فعلته علمني أن أثق من جديد بأن بعض الأشخاص قد يحبوننا لا لأنهم ينتظرون حبا منا،يحبوننا و فقط.. "

أتذكر بأني إستيقضت يومها،كان يوم خميس على ما أعتقد،تفقدت هاتفي إلا أن آدم لم يراسلني يومها،لم أتلق رسالته اليومية التي كان يرسلها كل يوم ليذكرني بأن قلبه سيضل دائما معي..
توجهت إلى سيارتي مسرعة,لم أحظر نفسي حتى، علي أجد علبة الشكلاطة فأرتاح قليلا إلا أن سيارتي كانت خالية..
أردت الإتصال لحظتها،لكني خشيت من التسرع فيفهم قلقي خطأ،و يفهم توتري الذي لم أفهمه خطأ..
توجهت إلى الشركة،صعدت الدرج مسرعة، دخلت غرفة مستشاره!
-أين آدم!
-عفوا ؟
- أين المدير من فضلك!
-أنا هنا! " رد بنبرته المستفزة" و هو ينظر إلى هيئتي
- أين إختفيت ؟ "صرخت في وجهه"
- إختفيت!
- ماذا تقصدين ؟
- آدم لا توترني، هاته الألاعيب لا تنطوي علي!
- حسنا إهدئي من فضلك!
- لا أهدأ..لا أهدأ.. " بكيت و أنا أرطم صدره بقوة " لا أهدأ.. غبي،أكرهك..
- أمل! ما الأمر.. حقا لم أقصد.. قضيت الليلة هنا، نفذ شحن بطاريتي.. أعتذر حقا،لم أكن أعلم بأني..
- وقفت أنظر إليه.. أناني!
- أين الأنانية في الموضوع إشرحي لي!
- كنت تعلم بأني أقلق!
- لا أعلم أمل " رد و نبرته تزداد حدة" لم أكن أعلم.. لا أعلم من أكون.. و عن مكاني شيئا.. لا أدر حتى لم تبكين الآن! لا أعلم "أخذ يضرب الحائط بيديه".. من يجدر به أن يثور ؟ من عليه أن يصرخ.. أجيبيني لما غادرت البيت مسرعة! لما تهتمين برسالة لم تصلك ؟ لما تقلقين أمل ؟ من عليه أن يصرخ! تعلمين؟ شد بيدي و أدخلني مكتبه،فتح درجه و شرع في عرض صوري.. كان يحتفظ بصوري..بأشيائي البسيطة التي أتركها فوق المكتب و التي كنت أظن بأني أضعتها.. الأمر واضح.. أنا أحترق! لكني لا أصرخ.. لي صوت كذلك لكنه لا يتجاوزني.. أمل ! لا تكوني أنانية.. فالشخص الواقف أمامك لم يعط نفسه الحق في حبك حتى، الشخص الواقف أمامك لا يدر حتى إن كان قلقك عليه،أم أن ما يحدث يذكرك بالذي فرقتك الأقدار عنه.. لما أتيت مسرعة ؟ أفكرت قبل تصرفك بالسبب ، بآدم! بالأمل الذي تزرعينه بقلب آدم ؟ لم تفعلي! و لن تفعلي.. و لا بأس لأن آدم أحبك.. كما أنت لكن هذا لا يعطيك الحق أبدا بلومه على ما لم يقصده..
فككت يده من معصمي.. كانت كلماته ثقيلة جدا.. ربما كان محقا..ربما لم يكن يجدر بي أن أتركه..يحبني..
غادرت المكتب،ركبت سيارتي.. و إتجهت إلى ذلك المقهى.. دخلت إلى تلك الشرفة التي لم تعد تربكني .. بحثت عن صاحب المقهى قيل بأنه يغيب منذ قرابة الشهر..
جلست.. و إذا بصوت آدم!
- أمل!
- إلتفت و أنا أتحاشى عيونه!
تقدم نحوي،أمسك بكتفي.. " تجعلينني أجن بك "
- أعتذر!
- أنظري إلي!
- أنا لم أقصد..
- أعلم!
- تسامحين صديقك ؟
- بل لا أسامح نفسي،لأني أذيته لهاته الدرجة!
-إياك أمل! " رد بنبرته الجادة تلك " إياك أن تثقلي كاهلك بعبئ كهذا.. لقد كنت واضحة من البداية،أنا من أخل بالإتفاق..
- آدم! أرجوك إنسحب..
- أنا لا أخسر أمل! تذكري آدم لا يخسر..
- ستجرح!
- و من قال بأن الجسد الذي أمامك لم تخترقه آلاف الطعنات،لكنه هنا أمل..لازال يحارب مثلك..
- لست أحارب صدقني..
- أبإمكاني أن أسألك ؟
- طبعا..
- لما تزورين المكتب،بملابس غير رسمية..
- آدم!
- مديرك يسألك..
- لا أدر!
-أمل؟ تعلمين أنك بدأتي تغرمين بي! 😉 ستخسرين الرهان صدقيني..
- مستفز!
- أنا لا أخسر..

إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرKde žijí příběhy. Začni objevovat