لما عدت..!

104 6 0
                                    

إستغربت كثيرا كون الأربعيني ذاك هو المسؤول عن مشاريعي..
-أنت المدير ! "خاطبته بنبرة متعجبة"
لم يعلق على ردة فعلي و إسترسل في حديثه، لديك دورة يوم الأحد ، المدة 3 ساعات،الفئة " ما بعد التخرج"،الموضوع : إختاري أنت الموضوع نثق بقراراتك..
بقيت أحدق فيه و أنا مستغربة حدثت الأمور بسرعة،لم أكن قد إستوعبت بعد بأنه مديري فمابالك بالأوامر التي وضعت أمامي،بقيت أحدق فيه لفترة محاولة إستجماع أفكاري،و إستجماع الأحداث التي كان يدعي بأنها صدفة.. إشتعلت غيظا من تصرفاته.. من شخصيته،من كل شيئ..
حدقت فيه ..
- أنا أستقيل!
لم يرفع رأسه حتى،إتصل بمستشاره،بعد ولهة دخل المستشار..
-حظر طلب إستقالة للسيدة.
تفاجئ المستشار من الأمر،بدى الأمر و كأني أطرد بطريقة لبقة.. في الحقيقة لم أدر ما الذي فاجئه أكثر ردة فعلي الباردة أم ملابس النوم التي لم أفكر بتغييرها..
جلست أنتظر تحظير الطلب لأوقع عليه و أنسحب من هاته الفوضى،حقا كنت أعشق العمل كمدربة و لولهة إنتابني الندم على التسرع في إتخاذ قرار مصيري كذاك من دون التفكير بطريقة جادة في الموضوع كل ما أردته لحظتها هو أن لا أقابله من جديد..لا أدر لما لم أمتلك تفسيرا منطقيا لقراري.. لما تجرأت على طلب كذاك! ألأني لم أتوقع أن يتقبله بكل بساطة أم لأني أردت أن أهرب من جديد..
لم يتفوه بأي كلمة طيلة إنتظاري،لم يرفع رأسه حتى ليتفقدني ظل منشغلا بحاسوبه و إدارته..
دخل المستشار،
- وقعي هنا سيدتي!
هممت بالتوقيع،حين قاطعني المستشار..
- أقرأت العقد جيدا!
- نعم فعلت..
لازال الوقح مركزا على عمله غير آبه بما يحدث.. رفع رأسه ببطئ!
- لديك أسبوع لدفع التعويض..
- تعويض! عن أي تعويض تتحدث؟ "سألته بنبرة حاسمة"
- يفترض أنك قرأت العقد..
نظرت إلى المستشار..
-العقد من فضلك..
إلتهمت كلماته الواحدة تلوى الأخرى،..
-ماهذا المبلغ! أجننت ! تعلم جيدا بأني طالبة و ما عملته إلى حد الآن لن يسدد جزءا من التعويض لأني لم أحتفظ بالمال لنفسي و لم أخطط لشيئ كهذا..
- إسحبي إستقالتك إذا " لازال يخاطبني و هو مركز على شاشة حاسوبه"
- لن أفعل!
-صبيانية!
نظرت إلى المستشار :
- أخبرني سيدي أليس هنالك حل آخر .. أن أدفع التعويض بالأقساط مثلا!
- لست المدير سيدتي..
بقيت أفكر.. حسنا سأدفع التعويض!
- نقدا ! " أجابني و هو ينظر إلي"
- ما الذي تريده مني!
- إلتزمي بما بيننا،كوني مسؤولة عن قراراتك،توقفي عن التصرف بصبيانية،لنا عقودنا كذلك لست مظطرا لخسارة آلاف الدولارات و إسم الشركة فقط لأنك تمرين بحالة مراهقة..
- مراهقة! من يراهق ! أنت في الأربعين من العمر و لازلت تعاند..من المراهق!
غادر المستشار الغرفة مرتبكا،لا أدر لكن أصواتنا باتت تعلوا من جديد..
- لي إلتزاماتي!
- ما هي إلتزاماتك؟ أن تلاحقني!
- هذا ليس المكان المناسب لمثل هذا النقاش أرجوك سيدتي!
- أين هو المكان المناسب.. أخبرني أين!
ثار من جديد توجه نحوي بغضب : تجعلينني أنسى نفسي! ما الذي حدث لما إختفيت لما بكيت ليلتها!
تسمرت مكاني،لا أدر كيف إنتقل من موضوع لآخر، لما غير الموضوع فجأة..لكني و لولهة صدقته،صدقت إهتمامه،خوفه..صدقت بأني لم أكن مجرد مشروع يخاف أن يخسره.. نظرت إليه.." متعبة!"
- ما الذي يتعبك! "سألني و هو يحاول أن يتحاشى عيوني"
- كل شيئ متعب! تعبة من لعب دور البطلة من الإختناق كل ليلة تحت سرير أصم أقصى ما يفعله إصدار أنين و أنا أتكور من الألم فوقه،الأمر خانق أن أكون ثابتة إلى هاته الدرجة،و أكون رزينة لهاته الدرجة.. و أن أتناسى الأعاصير التي تضرب كل ليلة بداخلي ظنا مني بأنها قد تغيرني..
" ظل يستمع.." ربما ما أحتاجه هو أن ينصت شخص ما،أن يستمع شخص ما..
إفهمني لا أريد العمل، لا أستطيع تقديم أي شيئ لأي أحد.. لا أستطيع أن أقف بجانب نفسي حتى..فمابالك بالوقوف بجانب أشخاص و تعليمهم الحياة.. أحتاج فترة و لا أدر كم ستطول هاته الفترة،حقا لا أدر..!
- هم بحاجتك! بحاجة لكلماتك،لمن يحدثهم عن حلاوة الثقة،تذكري آخر محاظرة لك.. تذكري أجوبتك نصائحك..تذكري كيف علمتي أشخاصا أن يحلموا !
- كنت أظن بأني تخطيت خيبتي!
- أي خيبة!
- شرحت وضعي،ليس هنالك ما أستطيع تقديمه لأحد! "منهكة" تعويضك سيصلك بعد أسبوع .. أعتذر الآن علي أن أرحل..
-سؤوصلك..
- لا داعي, سآخذ سيارة تاكسي..
- من فضلك!
-توقف عن الإهتمام،الأمر مربك حقا " حدثته من دون أن أوجه نظري نحوه.."
- ما المربك في الأمر،!
- إهتمامك الزائد عن الحد..
- أعتذر إن كان كل ما أقوم به يعتبر زائدا عن الحد في نظرك..! لكني أهتم! حقا أهتم "أمل" كانت تلك أول مرة ناداني بإسمي.. لا أدر لما فاجأني الأمر،لما بدى الأمر برمته كشريط يعرض أمامي أقف عاجزة أمامه..
- لا تفعل..
- و لما لا
- لأنك ستتعب،حقا ستتعب،الأمر لا يستحق كل ما تفعله،أقدر إنسانيتك حقا،لكنك مع الشخص الخطأ في التوقيت الخطأ..
- أمل! لا تستقيلي لا شيئ يستحق حقا ..
- الأمر لا علاقة له بأي شيئ بالقدر الذي له علاقة بي، أريد أن أجدني،أن أعيش حدادي،أن أبكي كغيري أن لا أكون مثالية في قوتي و أخدع نفسي.. الأمر يستحق نعم يستحق فقد تم التلاعب بمشاعري و رميي كفأر تجارب،الأمر يستحق فقد تم نخر عظامي من دون تخديري.. الأمر يستحق،حياتي تستحق..
- أتحبينه!.
- لن أجيب
- خائفة؟
- بل متعبة أتفهم معنى أن تكون متعبا،أن تكون كل كلمات الدنيا غير كافية للتعبير عن خيبتك.. لا شيئ لا شيئ كاف لوصف تلك الزلازل التي تضرب بداخلي.. أنا لم أجد مهدءا لحرقتي.. الله  سيتكفل بهاته الصراعات بداخلي .. لا تشغل نفسك بي سأتحسن.. و لوحدي! حقا أتشكر إهتمامك.. أتشكرك لكونك تهتم بطريقة مريبة،لكن الأمر لا يحتاج كل هذا..
- أمل!
- نعم؟
- إمنحي نفسك فرصة ثانية!
نظرت إليه..
-الأمر لا علاقة له بعدد الفرص.. الأمر متعلق بقدرة إستيعابنا للصدمات..
- لكن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها!
- أعلم! لذا طلبت منك أن لا تنشغل بي،فمهما كان حجم ما أمر به،مهما إزداد تصادم جزيئاتي أنا و في النهاية سأستمر..
غادرت المكتب، كانت سيارة الشركة تنتظرني.. هو مديري إذا! كنت أفكر في قرار إستقالتي.. غضبت من قراري أكثر مما بدوت عليه.. شعرت بأني صبيانية حقا كما وصفني..أعاند في أمور مصيرية كتلك.. لكني توترت منه بشدة..حقا وترني..

إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرWhere stories live. Discover now