نجوت..

123 10 0
                                    

مرت الأمور بسرعة أتذكر بأني كنت فخورة جدا بكوني صرت مدربة و بأني إستطعت بطريقة ما أن أرسم لنفسي طريقا يختلف عن طريقك.. و حياة لم تكن أنت محورها..
لا أنكر أبدا بأن الأمر كان خانقا و بأني تمنيت لأيام عديدة أن تزول تلك الغصة من حلقي.. لا أنكر بأني و لمدة طويلة لم أفهم كيف و لما وصلنا إلى تلك المرحلة لكني و مع الوقت فهمت تماما مثلك بأن بعض الأقدار قد تلاحقنا حتى لو إستمررنا في الهروب منها،بأننا و في مرحلة ما علينا أن نتقبل فقط حتى لو لم نفهم حتى لو بقيت بعض الأسئلة راسخة بذهوننا إلى الأبد.. أحيانا لا علاقة للأمر بالنسيان بالقدر الذي يكون متعلقا بالتجاوز.. كأن أتجاوز أحلامنا مثلا و أن أتجاوز تلك الأماكن التي جمعتنا معا،في الحقيقة لا علاقة لأحزاننا بالأماكن بالقدر الذي له علاقة بالمواقف..
كنت أود أن ألومك كأي مراهقة و أنسب لك حزني.. كنت أود أن أكون صبيانية كما وصفتني و أكرهك لكل ما حدث بيننا.. بعدد المرات التي إحتجتك فيها و لم أجدك،بعدد المرات التي جرحتني فيها..بعدد المرات التي تمنيت قدومك فيها بعدد المرات التي مرت علينا و لم تمر بداخلي.. بعدد المرات التي إختلفنا فيها .. نعم أردت أن أكرهك كلما تذكرت وعودك بأنك لن تفلت يدي التي باتت خالية الوفاض منك..أردت أن أكرهك كلما وقفت على قارعة الطريق أترقب تصادم الوجوه بي فلا أجدك..أردت أن أكرهك لآلاف الأسباب لكني و لأسباب قد لا تعرفها قررت أن لا ألومك..قررت أن لا أكرهك.. أتعلم لما ؟ لأن أبي الذي صنع مني إمرأة نسي أن يعلمني كيف أكره..
لذا قررت أن لا أكرهك.. لذا قررت أن لا ألومك..
لذا قررت و بكل ما أوتيت من إيمان أن أتجاوزك..
الأمر لم يكن سهلا..ليس من السهل مطلقا أن نقف في وجه خيبتنا.. لم يكن من السهل أن أقف بهذا الثبات و أكتب بهذا الثبات.. في هذه الفترة فهمت قوله تعالى " و كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا " أردت أن أصمد،أردت و بكل ما أوتيت من تقوى بكل ما أوتيت من إيمان أن أصبر.. لم تكن لدي رغبة في أن أحلل أكثر.. و لا أن أناقش أكثر فقد إستخرت و كان ذاك جواب إستخارتي.. آلمني ما إختاره الله لي.. آلمني ما خططه الله لي.. أتذكر و بأني و في لحظة ضعف سألت الله لما إخترتني أنا لأقف هنا،لما إخترتني أنا لأظلم بحكاية كهاته.. إلى هاته الدرجة و بهاته الطريقة و من طرف ذلك الشخص بالتحديد..؟
تمنيت لو أن الله أجابني لو أن الله حدثني.. لو أنه و في تلك الفترة فقط أرسل لي ملاكا يشرح لي الأسباب،لكني ربما نسيت بأن الله لم يتركني  و بأن ما حدث لم يكن لشر أراده أن يصيبني .. تذكرت بأن الله لم يرسلي ملاكا لكنه أقرب من حبل الوريد ..
ما حدث لي في تلك الفترة كان معجزة كوني رضيت عن الله رضيت عن قدري .. رضيت عن أمور فاقتني حجما و سيطرة.. بل و حتى  قدرة.
كان يوما عاديا من أيام كفاحي..أتذكر بأني دخلت غرفتي حظرت كوب شاي تمددت على فراشي و باشرت برنامجي المفضل كعادتي.. حتى تلقيت رسالة على بريدي الإلكتروني كانت تلك رسالة دعوة لأحد الدورات التي صرت أستدعى لها منذ أن عينت مدربة إلا أن هاته الدعوة بالتحديد كانت مبهمة حيث أنهم لم يحددوا الموضوع و لا السعر و لا حتى الفئة التي يفترض أن يوجه لها خطابي،أسرعت في الرد على تلك الرسالة طالبة التوضيح بعد ربع ساعة وصلني الرد كانت تلك أحد المرات النادرة التي لا يحدد فيها مضمون الموضوع،كانت تلك المرة الوحيدة التي يطلب مني فيها أن أوجه رسالتي لأشخاص تتراوح أعمارهم بين الخامسة و الثلاثين و الخامسة و الأربعين عمرا.. إنتابتني الرهبة للحظة فالأمر كان جديدا من نوعه لم أعتد أن أقدم محاظرات لأشخاص يفوقونني سنا،تجاربا و قد يتجاوزني بعضهم خبرة،ماالذي قد أستطيع تقديمه لهم ما الذي يجعلني أقف في وجه آلاف الوجوه التي قابلت آلاف الأشخاص قبلي، ما الموضوع الذي قد يشدهم أكثر،ما الموضوع الذي قد  يشبههم أكثر.. في تلك اللحظة راودتني آلاف الأسئلة و غيرها الكثير من الإحتمالات.. من هؤلاء الأشخاص ما الشيئ الذي فقدوه إلى درجة أن يدفعوا أثمانا كتلك للبحث عنه ثم توقفت للحظة.. أمعنت التفكير للحظة..تحسست دقاتي للحظة.. و طرحت على نفسي سؤالا واحدا ..
- لو كنت حربا،أي الحروب قد أختار؟
أكنت لأكون حربا ضارية! أم أني كنت لأختار السلام و كلي يقين بأن السلام ليس سوى شعار تحيى من خلفه الشعوب و هي تتستر على رذائل حكامها.. أم أني كنت لأكون حربا داخلية يتآكل فيها الأحبة إذا ما تدين المحب بغير دين حبيبه..
لكني في النهاية لم أكن لأختار حربا و لو أن الحروب تعج بداخلنا،ما كنت لأختار حربا رغم أن الحروب باتت من أكثر الخصال وصفا لنا..
ذهب بي تفكيري بعيدا يومها.. كل ما أردته هو أن يتكلم قلبي معهم..لم أرد أن يحدثهم عقلي عن ما درسته لأشهر .. عن ما إعتنقته روحي لفترة..أردت أن أعلمهم ما تعلمته أنا .. "كيف أستمر.." لم أحظر لذاك اللقاء كعادتي،لم أقض ساعات لا متناهية و أنا أجمع أفكاري و أرددها آلاف المرات أمام المرآة لأتأكد بأني  سأكون في المستوى.. فقد كنت أعلم بأننا لا نحتاج أبدا لأن نتدرب على ما دربتنا الحياة عليه.. لسنا في حاجة لشخص يلقننا أدعية بتنا نرددها منذ إنفتاح أعيننا.. كنت أعلم بأن تلك الأجنحة التي إخترقت أضلعي قد شقتني قبل أن تنبث و بأني لن أسمح لأي صاعقة أن تلمس أجنحتي.. أن تقص أجنحتي!
مر الأسبوع بسرعة..كان الأمر سريعا جدا،إزداد توتري بإقتراب تاريخ تلك الدورة.. يومها لبست و لأول مرة منذ إنفصالنا خاتمك..حملت محفظتك.. و ضعت عطرك ،يومها! إرتديت قميصك رغم كونه لم يكن متناسقا مع ملابسي..قرأت رسائلك،تشبعت بك،ثملت بك ثم ركبت سيارتي و توجهت حيث يفترض أن أجهضك.. حيث يفترض أن أقتلك.. لم أكن أعلم يومها بأن حياتي كانت ستتغير للأبد..بأن ما بداخلي كان سيتغير للأبد..لم أكن أعلم بأني كنت أهرب لقدري.. و بأن القدر أحيانا يرتدي عباءة تختلف عن تلك العباءة التي إعتاد أن يرتديها..
وصلت إلى المكان الذي تم تحديده..ركنت سيارتي .. و بالكاد نزلت حتى تفاجأت بوجوه غط الشيب معظمها،كان المكان مكتظا برجال الأعمال.. أنا هنا لأجلهم! بقي البعض يرمقني بنظرات غريبة فلم أكن أرتدي الكعب العالي مثل النساء اللواتي إعتادوا رأيتهم..كان البعض يرمقني بغرابة و هو يحدق لحذائي الرياضي .. كنت أتسائل عن ردة فعلهم إذا ما
دخلوا القاعة و وجدوا بأني من سيعلمهم الإستمرار بأني من  سيغير حياة بعضهم للأبد..❤

إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon